إلى أين؟

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
كثيراً ما تنتابنا الحيرة من تداخلات الوضع السياسي وتعقيداته التي ليس في أفقها ما يوحي بانفراجة على كافة الصعد الحياتية، على اعتبار أن محور ذلك هو الشأن السياسي، فلا استقرار اجتماعي ولا حل لمشكلات الواقع دون إرادة سياسية تتبنى وبموضوعية حل كافة المشكلات.. في الواقع، هذا ما نفتقر إليه في واقعنا الذي يسير من سيئ إلى أسوأ وفق كافة المعطيات وحقائق الواقع.
إذن، هل يمكننا اعتبار أن حالة المجتمع كما هي قبل الحرب على كافة الصعد.. بالطبع لا، قطعيا لا يمكن النظر إلى الوضع بهذا المفهوم، وإلا لما قامت الحرب وحصدت من الأرواح ما حصدت.. كما لا يمكننا معالجة النتائج بالأسباب وفق كافة المعايير.
اللافت هنا هو أداء الأحزاب السياسية التي تبدو تماماً بعيدة عن الواقع.. ليس هذا فحسب، فتلك الأحزاب بمجموعها لا تمتلك مشاريع سياسية ولا حلولا واقعية يمكنها أن تساهم في خلق شيء من التقارب باتجاه تجاوز الأوضاع الراهنة، بل بالعكس من ذلك تماماً هو أداء تلك الأحزاب التي لا يبدو أنها تكترث بحقائق الواقع، كما أنها ليست حريصة على الدماء التي سفكت وكل ما قدم المجتمع حتى اللحظة من تضحيات جسام.
المثير حقاً أن تلك الأحزاب تكرس نظرتها وقناعاتها التي كانت قائمة قبل الحرب، والتي هي - دون ريب - جزء من الأسباب التي أدت إلى ما نحن عليه الآن، فهذه الأحزاب السياسية في أدائها الراهن تبدو منفصلة عن الواقع كعادتها، بل تسهم في حدة المشكلات وجعلها بعيدة عن الحلول.. مفصلية كهذه ليست هينة مطلقاً، لأنها تجعل الوضع يراوح في مكانه دون تقدم يذكر..
بمعنى أدق، الأزمة اليمنية بكل أبعادها معقدة ومركبة إلى حد بعيد.. يغذي هذا النهج وضع الأحزاب السياسية التي تعاني في الأصل من أزمات داخلية وربما تشظيا عارما، وعدم الموضوعية والحصافة في الأداء، ناهيك عن غياب حالة التوافق فيما بينها.. الحال الذي يجعل التفكير مستبعدا بإمكانية أن تأتي المبادرة باتجاه الحلول من هذا الأداء السياسي المرتعش الواهن المرتبك الذي مازال متموضعا عند مفاهيم الأمس ونظرة وقناعة تلك الأحزاب التي هي نسق لأداء الماضي بكل أدواته من حيث إقصاء الآخر، وتكريس مفاهيمها المتناقضة تماماً مع الواقع، حتى في تشخيص المشكلات فإنها تبدو امتداداً للنهج الذي عرفناه قبل الحرب.. النهج الذي لا يقر بدرجة أساسية بالمشكلات القائمة، ولا يعطي كل قضية حقها إلا من منظور ماذا تشكل بالنسبة لهذا الطرف أو ذاك.
في الواقع، الحرب تدخل عامها الرابع وسط مآس وآلام وأوضاع اقتصادية اجتماعية غاية في التردي.. حتى إن حالة الخلط القائمة جداً مزعجة ومؤسفة.. آملين أن لا تذهب الأمور إلى مزيد من الفوضى الاجتماعية بحكم هذا المستوى من الإخفاق في الأداء والعدمية السياسية. ومع كل ما سلف على مدى سنوات مضت من هذه المأساة والأوضاع الكارثية، لا يبدو أن هناك شعورا بالمسؤولية في الأداء بما فيها التباين مع التحالف والمجهود الحربي الذي يعكس مثل هذا الأداء نفسه على النتائج.
المؤلم، أن مثل تلك الإخفاقات الواضحة لابد أن تعكس نفسها في نهاية المطاف على نتائج الحلول التي يمكن أن تستخلص تجاه الوضع اليمني. بمعنى أدق، استبعاد أن تكون الحلول ناتجة عن إرادة سياسية، الحال الذي يجعل التسويات القادمة قائمة على أساس احتمالات عدة، أولها أن تكون مفروضة من قبل المجتمع الدولي، وهذا يجعل فكرة أن تكون ملبية للأمن والاستقرار في هذا الجزء من العالم مرهونة بمدى أخذها بمشكلات الواقع بصورة صائبة أو العكس.. آملين أن ترى تقدماً على هذا الصعيد على المدى القريب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى