الهراء الإلكتروني !

> علاء عادل حنش

>
علاء عادل حنش
علاء عادل حنش
يبدو من الوهلة الأولى أن مصطلح "الهراء الإلكتروني" غريب، وعجيب، وسيقول البعض إنه مصطلح فضفاض وعبثي، ولكني أقول إن الواقع يقول عكس ذلك، بل إن الواقع يثبت أن المصطلح لا غبار عليه، ولا نقاش فيه، وهذا الحكم ليس تزمتا أو دكتاتورية بالرأي، بل إن الأمر في غاية السهولة، والنتيجة التي سأذكرها لاحقا لن يصل إليها الجميع عدا عشاق المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي!.
إن الأمر الذي دفعني لإطلاق ذلك المصطلح هو واقع مجتمعنا الحالي الذي صار عبثيا، وغير منظم إطلاقا، بل إن أكثر رواد المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي- التي اجتاحت أغلب المنازل واستحوذت على أكثر العقول- أصبحوا يحكمون على ما يشاهدونه ويقرأونه من خلال عدد الزيارات أو الإعجابات لأي موقع أو صفحة يتابعونها، وليس بالمحتوى والمضمون الذي فيها، والكارثة الكبرى ان باستطاعة أي شخص يدير موقع أو صفحة أن يغري ويدغدغ مشاعر المتابعين ببعض الكلمات العبثية غير المصاغة جيدا، بل انه يشكل رأيا مجتمعيا، والجميع ينقاد وراءه دون إبداء أي ملاحظات.. هكذا أصبح الواقع يا أعزائي.
الكارثة العظمى أن لا أحد يتطرق لتفاصيل ما كُتب ويُكتب، بل لا أحد يستنتج المفهوم العام لأي مادة يقرأها في المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، أو مضمونها الجوهري، فقط يكتفي بالكلمات المثيرة والجذابة، الأمر الذي أوصلنا إلى عدم القدرة على تشكيل رأي عام موحد، أو حتى متناقض، ما يهم هو أن يكون رأيا مبنيا على أسس وملاحظات ونظريات ونتائج هادفة، مهما كان ذلك الرأي سلبيا أم إيجابيا.
فالعالم أصبح يقيس وعي المجتمع من خلال مواقع أفراده الإلكترونية وصفحاتهم في وسائل التواصل..
ونحن بلا شك يستطيع أي فرد من المجتمعات الأخرى أن يحدد مستوى الوعي في مجتمعنا من خلال "الهراء الإلكتروني" الذي سيجده أمامه، وسيصل إلى نتيجة أن يسخر من هذا المجتمع، وهذا حقه الذي كفله له مستوى الهراء الذي نهذي به في المواقع والصفحات دون استشعار المسؤولية.
إن استمرار فهمنا الإلكتروني بهذا الشكل سيجعلنا نصل إلى لا شيء، وسنظل لقمة سائغة وسهلة لأي عدو، حيث إن دراسة أي مجتمع- في عصرنا الحالي- تبدأ من خلال المواضيع والأمور التي يتطرق لها في مواقعه الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، وكيفية تناوله للقضايا، وبأي لغة وشكل وأسلوب، ومواقعنا وصفحاتنا خير شاهد على ذلك.
أخيرا.. لنترك ما مضى، ولا نتحسر عليه، وليقف كل فرد في المجتمع وقفة جادة مع نفسه في كيفية ممارسة نشاطه الإلكتروني، وما هي المواضيع التي يجب تناولها، وبأي صيغة ولغة وشكل وأسلوب سيتطرق لها، وأن يحاول تغيير العادة السابقة تغييرا كاملا من خلال قراءته لما يدور في المواقع والصفحات قراءة متأنية دقيقة، وأن يضع الملاحظات على كل كلمة يكتبها الصحفي أو الناشط أو الدكتور أو الأستاذ أو أي شخص في موقعه أو صفحته، أو يترك الموقع أو الصفحة جانبا، ولا يتابعها تعبيرا عن رفضه لما يُكتب فيها، حتى يراجع مسؤول الموقع أو الصفحة كتاباته؛ كي يعلم أنه يخاطب مجتمعا مثقفا واعيا، وليس قطيعا من الأغنام يكتب لهم ما يشاء وكيفما يشاء.
يجب أن نعلن أن زمن التصفيق انتهى وولى، وأن زمن الهراء الإلكتروني سينتهي حتما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى