انهيار العملة وعدم الرقابة.. صرخة استغاثة يطلقها المواطنون بالضالع لارتفاع الأسعار

> تقرير / علي الأسمر

> ليست في بلد آخر لكنها جغرافيا مثلها كبقية المحافظات الجنوبية التي تعاني من الغلاء الجنوني والفقر المنتشر. هي محافظة الضالع تلك الجبلية التي تعد من أهم المنافذ للجنوب، لكنها أُبرمت في قائمة المعاناة من خلال ما يعيشه الأهالي يوما تلو الآخر في ارتفاع الأسعار وشحة الإمكانات.
استلم مرتبه وذهب كعادته لشراء احتياجات ومتطلبات أسرته نهاية كل شهر، ومع وصوله إلى سوق سناح قاصدا محل صديقه لبيع المواد الغذائية، تفاجأ أن مرتبه البالغ ستين ألفا لم يعد كافيا كما كان في السابق، لشراء كل متطلبات الأسرة من المواد الغذائية.
فتش المواطن عبدالله السيد، وهو معلم في سلك التربية، جيوبه لكنه لم يجد فلسا واحدا، كان من حسن حظه أن التاجر أحد أصدقائه فقد أمهله بما تبقى من قيمة المواد الغذائية إلى الشهر القادم.
المعلم عبدالله السيد واحد من الآلاف من أبناء محافظة الضالع، ممن يعانون ويشكون من ارتفاع جنوني في الآونة الأخيرة لأسعار المواد الغذائية.
*لماذا الارتفاع؟
وفيما يبدو ارتفاع أسعار المواد الغذائية معقولا نظرا لارتفاع أسعار الصرف مقابل الريال اليمني، وهو أحد أهم الأسباب، كما يقول التاجر مانع سعيد.
ويضيف سببا آخر وهو ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، والتي يبلغ سعر الدبة عشرين لترا ستة آلاف ريال، وهو الأمر الذي زاد من كلفة نقل المواد الغذائية، وانعكس بشكل مباشر على الأسعار في كل شيء.
*جشع التجار وغياب الرقابة
سبب آخر يبرز هنا في حالة الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية في محافظة الضالع، إذ يعد جشع التجار سببا رئيسيا في ذلك، فانعدام الخوف من الله عز وجل، وغياب دور الرقابة من قبل الجهات الرسمية، جعل الكثير من التجار يقومون برفع الأسعار بحثا عن الثراء السريع ولو على حساب المواطنين البسطاء، كما يقول المواطن فضل علي بن علي.
*راتبي لا يكفي كيس أرز
المعلم عبدالفتاح الربيعي تحدث بأن راتبه لم يعد كافيا لشراء كيس أرز. حيث قال: "إنه استلم راتبا من وزارة التربية قدره أربعون ألفا، ولا يكفي لشراء كيس أرز، إذ تبلغ قيمته أربعة وعشرين ألفا".
يتساءل الربيعي من لمعدمي الدخل والفقراء في ظل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار في كل شيء؟
ويوجه الربيعي دعوة للحكومة برفع الأجور والمرتبات، إضافة إلى دعم الفقراء وذوي الدخل المحدود.
*سوق حر
القائم بأعمال مدير مكتب الصناعة والتجارة بالمحافظة علي المحرابي قال: "إن السلع الغذائية متوفرة بصورة جيدة، لكن السوق حر وفقا للعرض والطلب".
وأشار المحرابي إلى أنه "في السابق كان يتم موافاة مكتب التجارة في عدن والحديدة بوصول السلع للموانئ، لكن الوضع اختلف حاليا، إذ لا يتم التواصل مع مكتب التجارة والصناعة".
وأضاف: "نقوم بالتواصل مع مطاحن عدن ويوافونا بسعر الدقيق (8350) ريالا، أما البقية لا توجد"، مرجعا أسباب ذلك إلى "تقلب قيمة العملة".

وأشار إلى أن "المكتب قام بحجز تجار الجملة خلال شهر يناير عندما امتنع التجار الكبار عن البيع بعدن إلا بالدولار أوالسعودي، وبين أن التجار عقب ذلك باعوا بسعر متفاوت بين تاجر وآخر".
وأوضح أن "مكتب الصناعة قام بالنزول المشترك مع قيادة مديرية الضالع، ممثلة بالأستاذ عبدالواسع صالح، المدير العام، وفرع المكتب بالمديرية، وإلزام التجار بالتقيد بالأسعار السابقة والاكتفاء بهامش ربح معقول، وكذلك إلزام الصرافة بالسعر الذي حدده البنك المركزي".
وبخصوص مادة الغاز المنزلي قال: "إن شركة الغاز تقوم بتموين المناطق المحررة، ومنها الضالع".
وأوضح أن "المكتب على تواصل مع الشركة يوميا، حيث يقومون بإبلاغهم بالكميات المرحلة للمحافطة، وهم بدورهم يقومون بإبلاغ المديريات".
وأبدى شكره لمحافظ المحافظة على جهوده المبذولة في التواصل مع شركة النفط لزيادة حصة المحافظة، كما أبدى شكره لفرع الشركة بعدن ومثل الشركة في المحافظة.
*الغاز المنزلي.. شمعة وسط ظلام دامس
من كل الاحتياجات الضرورية تمثل أسعار الغاز المنزلي هنا نموذجا يحتذى به في محافظة الضالع.
إذ عملت السلطات المحلية بالتعاون مع شركة النفط بمحافظة مأرب على توفيره بأسعار معقولة، وتوزيعه على معظم المديريات والمناطق.

إذ يصل سعر أسطوانة الغاز المنزلي ألفي ريال، وهو سعر معقول بعد أن كان ارتفاع أسعارها يصل إلى أكثر من خمسة آلاف في بعض الفترات.
وبرغم ذلك فإن ثمة شكاوى من عدم توزيع مادة الغاز بشكل متساوٍ بين كل المناطق، إضافة إلى تلاعب بعض مالكي محطات تعبئة الغاز المنزلي، إذ يشير فيصل العمري، وهو تاجر تجزئة، إلى أن "بعض مالكي المحطات يقومون ببيع أسطوانات الغاز بأسعار مرتفعة للتجار، وذلك في السوق السوداء، وما يتبقى يوزعونه وفقا لآلية السلطات المحلية بتوزيعه على المديريات والعزل والقرى".
يضيف "كثيرا ما خرجنا من المحطات بدون غاز، ونحن وكلاء لقرى ومناطق، فيقال لنا كمل الغاز، وفي الحقيقة قاموا ببيعه باتفاق مع تجار في السوق السوداء”.
ويطالب العمري الجهات الرسمية بوضع آلية رقابية شديدة على مالكي محطات الوقود لمنع تلاعبهم به، وضمان وصوله للمواطنين.
*عولمة
مدير الغرفة التجارية في الضالع عبدالرقيب قزيع رجح أسباب ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع العملة.
وذكر قزيع سببا آخر وهو "ان اليمن عضو في التجارة العالمية (العولمة)، وبهذا يكون السوق مفتوحا للعرض والطلب، أي المنافسة بين رجال المال والأعمال".
واستدرك بالقول: "إلا أن أسواقنا في اليمن لا زالت حكرا على أشخاص معنين، ولهذا السبب لم نجد المنافسة الفعلية التي تخدم المواطنين".
وبالنسبة للغاز المنزلي قال مدير الغرفة التجارية إنهم "استطاعوا عمل اللازم وإيصال سعر دبة الغاز إلى 2000 ريال".

وأرجع قزيع أسباب ذلك إلى "الجهود الكبيرة للسلطة المحلية، ممثلة باللواء الركن علي مقبل، محافظ المحافظة، والوكيل الأول الشيخ فضل القردعي، ومكتب الصناعة بالمحافظة".
وفيما يخص التلاعب بأسعار الغاز المنزلي دعا مدير الغرفة التجارية المواطنين لـ"تقديم شكاوى بمن يقومون برفع سعر أسطوانة الغاز أكثر من ألفي ريال"، وقال: "إن الغرفة التجارية ومكتب التجارة والسلطة المحلية ستقوم بإجراءاتها اللازمة".
واختتم قزيع بتأكيده على أنهم "يقومون بمتابعة التجار باستمرار ويحثهونهم على الرحمة، وأن يسهلوا على إخوانهم في هذه المرحلة العصيبة" حد وصفه.
*المشتقات النفطية هم آخر
علاوة على الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية في المحافظة، فإن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية يشكل هما آخر، وتسبب في مضاعفة معاناة مواطني الضالع الذين يعتمد غالبيتهم على زراعة القات، كمصدر دخل وحيد.
وفي جولة استطلاعية قامت بها صحيفة «الأيام» في عدد من محطات الوقود، لوحظ أن سعر مادة البترول للدبة (20) لترا يتراوح بين خمسة آلاف إلى ستة آلاف ريال يمني، فيما سعر مادة الديزل يتراوح بين ستة آلاف إلى ستة آلاف وخمسمئة ريال للعشرين لترا.
*تأثر الزراعة
يعتمد غالبية سكان محافظة الضالع على الزراعة كمصدر دخل وحيد، وهو الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على المزارعين، مع ارتفاع سعر مادة الديزل، وخصوصا في مناطق مديريتي الحصين والضالع، إذ تعاني المديريتان من انعدام الغيول، ويستخدم المزارعون المياه الجوفية لسقي مزارعهم، وهو الأمر الذي يزيد من استهلاك مادة الديزل.
*ما فيش خراج
المزارع مروان محمد عبدالله، الذي بدا منهمكا في عمله بسقي مزرعته بمنطقة العقلة ترجم لنا بقوله (ما بش خراج)، استرسل في الحديث عن معاناة المزارعين مؤشرا بكفه صوب المياه المتدفقة من البئر، موضحا أن المزارعين لم يعد معهم إي فائدة، ليست في زراعة الخضروات والفواكه بل حتى في زراعة القات.
وأضاف "سعر الساعة يصل إلى اثنى عشر ألفا مع وصول اللتر الديزل إلى ثلاثمئة ريال، وما ننفقه على المحصول أكثر مما نجنيه من عملية البيع.
شكوى المزارع مروان ذاتها كررها عدد من المزارعين، فالكل يشكون من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وزيادة الإنفاق على المزروعات.
*دعوة
المزارع زكي محمد قاسم وجه دعوة للرئيس هادي وللحكومة والمعنيين لمراجعة أسعار المشتقات النفطية، كون أسعارها أصبحت تثقل كاهل المواطنين، خصوصا في ظل الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد.
وطالب بسرعة الاستجابة لهذه الدعوة من قبل الجهات المسئولة، حتى لا تزيد معاناة المواطنين في الضالع.
تقرير / علي الأسمر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى