رحلوا رحيل القادة الكبار

> د. صالح طاهر سعيد

> فقد الجنوب وحراكه السياسي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018م، ثلاث شخصيات محورية أسست ودشنت وأدارت، إلى جانب زملائهم الآخرين، مشروعاً تحررياً وطنياً جنوبياً عملاقا، تحدد هدفه الأسمى في استعادة دولة الجنوب الوطنية الحرة المستقلة، وهم:
1- الدكتور صالح يحيى سعيد.
2- المحامي بدر باسنيد.
3- المهندس الشاب جمال حيدرة مطلق.
شخصيات جمعت بين الفكرة والعقل، بين الغاية والوسيلة، بين الأخلاق والسياسة، حملوا وطبقوا أفكار وشعارات التسامح والوحدة الوطنية بين أبناء شعب الجنوب، وتبني مبدأ قبول الجنوبيين لبعضهم بعضا، والتخلص نهائياً من المنهج الإقصائي الذي كان سبباً مباشراً في الإضرار بوحدة الجنوب وفقدان الوطن، واعتبروا أن التمسك بهذه المبادئ ونقلها إلى حيز التطبيق العملي هي بوابة استعادة الجنوبيين لهويتم الوطنية المستقلة وسيادتهم على أرضهم، وممارسة شعب الجنوب لحقه في تقرير مصيره، سواء في اختيار شكل دولته ونظامها السياسي أو في اختيار شكل ومستوى علاقته مع الشعوب والدول الأخرى.
لقد عاشوا عمالقة بحجم المبادئ والأفكار والمشاريع العملاقة التي حملوها، واعتبروها قضية حياتهم الأولى، وتوفاهم الموت وهم أتقياء بنقاوة فكرة التسامح والمواقف التي تبنوها في معركة استعادة الحق الجنوبي ورفض الباطل.. ولأن الحق يجمع ولا يفرق، فقد كانت شخصيات جامعة، نالت احترام ومباركة كل أبناء الجنوب من المهرة حتى المندب.
غيابهم عن المشهد السياسي الجنوبي في لحظة تاريخية غاية في الحساسية والتعقيد، وشكل بالتأكيد خسارة عظيمة، ولكن لا اعتراض على حكم القدر، فإيماننا بالله سبحانه وتعالى لا حدود له، ونثق ثقة مطلقة بالتخطيط الإلهي وتدبيره، وأن ما يريده لنا هو أفضل مما نريده، فهو الأعلم بخفايا الأمور وأسرارها.
إن هؤلاء القادة العظام هم ومن سبقوهم في الاستشهاد لم يأتوا من فراغ، بل أفرزتهم سنوات الكفاح الوطني التحرري لشعب الجنوب، في مرحلة استعاد فيها الجنوبيون زمام المبادرة في صناعة تاريخهم السياسي المعاصر، الذي شكل الهوية والسيادة والقرار السيادي لمستقبل وحق تقرير المصير لشعب الجنوب، ومجموع القضايا المحورية لهذه المرحلة وأهدافها العليا المشمولة في الهدف الوطني الأسمى المتمثل في استعادة دولة الجنوب الوطنية المستقلة الكاملة السيادة.
لقد تم إنجاز ما يزيد عن 75 % من هذه الأهداف في زمن وجود هؤلاء القادة على قمة العمل الوطني.. ويقع على القادة الجنوبيين وكل النخب الوطنية الجنوبية استكمال ما تبقى في الوصول إلى إعادة إعلان دولة الجنوب واستعادة وضعها الحقوقي والقانوني في مؤسسات الشرعية الدولية وفي النظام الإقليمي العربي، وهذا يمثل قمة الولاء الوطني والوفاء الحقيقي لهؤلاء القادة والشهداء الذين ارتقوا جميعهم تحت علم الدولة التي جعلوها هدفهم الأسمى.
نسأل الله لهم ولكل شهداء الجنوب الرحمة وعظيم الغفران.
د. صالح طاهر سعيد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى