ساحات العبث

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
غياب الدولة في وضع أي مكان سكاني كبير كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهذا الوضع الذي يلازمه غياب الرؤية في كيفية إدارة الوضع يكون مدعاة لنشوء أوضاع متداعية على كل صعيد.. وهو ما ينمي بؤر الفوضى والجماعات التي تسعى لتحقيق مكاسب مادية في تعديها على كل شيء..
وهكذا، كلما مر الوقت كبرت كرة الثلج تلك المتدحرجة، وتظهر إلى السطح الكثير من الطفيليات التي تصيب أخلاق المجتمع وقيمه، بل تخلق حالة من عدم احترام الآخرين وحقوقهم وعدم احترام القانون، بل تنشأ جماعات كثيرة تجسد سلوكياتها الخرقاء نهاراً جهاراً مستغلة غياب المحاسبة، ولا يمكنها أن ترتدع إذا لم تجابه بحدة القانون وحضور السلطات التي تدحض مثل هذا الواقع المتكاشف.
حتى إن تلك الجماعات التي تعمل على حماية نفسها والدفاع عن ما تحقق لها من مكاسب مادية لا تتوانى عن استخدام القوة لفرض ما تريد في واقعنا العربي المتداعي..شهدنا مثل هذا الوضع في العراق الشقيق الذي كلفه غياب الدولة مليارات العائدات التي ذهبت إلى جيوب الفاسدين والعصابات، وكل من استغلوا مواقعهم حينها ليمارسوا نمطا من النهب للثروات، وهو الحال الذي مازالت امتداداته واضحة في حجم المعاناة العراقية التي طال أمدها نتيجة طول أمد الأزمة العراقية.
واقعنا اليمني عموماً لا يشذ كثيراً عما سلف، من حيث طبيعة طول أمد الأزمة اليمنية، الحال الذي تنامت معه مشكلات اجتماعية متنوعة للغاية.. إذ يحتل أمر غياب الرؤية السبب الأبرز في الوضع القائم، وهو الأمر الذي تداعت معه أوضاع المجتمع الحياتية خصوصاً على الصعيد الاقتصادي بكل ما فيه من الخلط والفوضى.
ومع ذلك لم تبلغ المعالجات المتخذة الحد الأدنى من النجاح، ربما بحكم آلية الفساد التي تعاظمت، وتعدد البؤر التي تستغل هذه الأوضاع لصالح تحقيق مكاسب شخصية، وهذه أمور واضحة لا يمكن إنكارها، فهناك جماعات حققت ثروات طائلة جراء ذلك، وتسهم دون شك في تعطيل تطبيع الأوضاع وسيادة القانون، بل هي وراء ما تكاشفت من قيم لا أخلاقية ونحوها من التفسخات الحادة التي لم تكن معهودة في أحوالنا ومجتمعنا المعروف عنه أنه مجتمع محافظ بحكم طابعه السكاني الذي يتوارث أفراده القيم إلا ما شذ عن ذلك ممن لا يمكن القياس عليه.
بالمجمل، حالة العبث والفوضى القائمة كان بالإمكان تجاوز حضورها لو أن الاهتمامات أخذت في المقام الأول فرض روح القانون وتفعيل السلطات القضائية والأمنية، وكبح جماح الجماعات الفوضوية في المهد.
ناهيك عن أهمية انتظام الحياة للسكان سواء على صعيد حصولهم على الخدمات أو انتظام صرف المرتبات والمعاشات.. وضع المعاناة القائمة من الاستمرار على هذا النحو ولد شعورا باليأس وعدم الثقة لدى السكان، وهو الحال الذي يقود للفوضى بمعناها الواسع. من المؤسف حقاً أن مثل هذه الملفات المتعلقة بحقوق السكان جرى تجاهلها حتى عدت عصية على الحلول.
واللافت أيضاً أن لا معالجات فعلية وصائبة حتى مع استمرار الأزمة اليمنية التي تلقي بظلالها على مجمل جوانب الحياة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى