الإرهاب.. أوروبي المولد - أمريكي التهجين (4)

> أ. د. علوي عمر مبلغ*

> البُعد والعُمق التاريخي لظاهرة الإرهاب
أ. د. علوي عمر مبلغ
أ. د. علوي عمر مبلغ

لازمت ظاهرة الإرهاب الحياة السياسية للإنسان منذ قديم الأزل، وتلك مقولة منطقية لأن الإرهاب معناه استخدام العنف من أجل تحقيق الأهداف السياسية. ورغم كل التقدم الذي حققته البشرية حتى بلغت مرحلة غزو الفضاء، وتطور القواعد القانونية الداخلية والدولية التي تنظم حياة الإنسان وسلوكه، وتحمي عقائده وأفكاره، فإن ملامح مبدأ القوة ما زال هو السائد، حيث ما زالت القوة فوق الحق في كثير من سياسات العالم بين دوله وبين حكامه ومحكوميه، لذلك كان الإرهاب ملازمًا للبشرية وسلوك الجماعات السياسية من أجل اغتصاب الحق، أو اقتضائه، لقد كان نمطًا من أنماط الصراع، ومظهرًا من مظاهر العنف السياسي الأقل حدة من الحرب.
“وإثارة الرعب والخوف ليس من سلوكيات الإنسان وحده ضد خصومه بل إن هذا أيضًا أمر قائم ومعروف في المملكة الحيوانية، فالحية ذات الأجراس تصدر أصواتًا تبعث الرعب في فريستها إلى درجة فقدان الحركة، وبعض أنواع الثعابين تركز نظرها على الفريسة وتصيبها بالشلل رعبًا وخوفًا”.
ولكن الإنسان يميز عن ذلك كله في أنه يستخدم الرعب أو التهديد، ليس فقط لتحطيم معنويات الخصم، وإنما لتدمير المجتمع والنظام الاجتماعي لتحقيق أهداف سياسية، يراها هو حقًا، وقد يراها غيره باطلاً.
إن الإرهاب قديم وجديد في الوقت نفسه، فهو قديم لأنه سلوك إنساني لازم البشرية كظاهرة من الظواهر الاجتماعية والإنسانية، وهو من ناحية أخرى جديد في نطاق استخدامه في العلاقات السياسية وكبديل للحروب التقليدية، وكظاهرة تستفيد من التقدم العلمي وثورة الاتصال والإعلام، وثورة التكنولوجيا والمعرفة.
لذلك فإن السرد التاريخي لظاهرة الإرهاب يكاد يكون بعيد الصلة عن الظاهرة في وصفها الحالي، فالإرهاب في التاريخ القديم لم يكن له قدر من الخطورة يتناسب مع ما له من دور وخطورة في الوقت الحالي “نتيجة قوة الردع وثورة العلم”.
1 - الإرهاب في العصور القديمة
عُرف الإرهاب كصورة من صور العنف السياسي في العصور القديمة، فالصراع في أثينا القديمة، كان يتجاوز أحيانًا كثيرة حدود المحاورات التي ابتدعتها الحضارة الإغريقية، سواءً في محاورات الفلاسفة، أو مناقشات الساسة، وقد كان كل الشعب في الدولة – المدنية – ساسة محترفين إلى جانب كونهم مواطنين عاديين، “وتحدثنا البرديات المصرية القديمة، عن بعض وجوه الرعب والرهب، وتحكي بعض تلك البرديات، صورة للذعر والقسوة والعنف الناجم عن صراع دموي بين أحزاب الكهنة، أو غيرهم من أنصار أفكار معينة”.
“وفي أثينا كانت الأعمال التي تضر بأمن الدولة من الداخل أو الخارج جريمة عقوبتها الموت، ولم تكن العقوبة قاصرة على المجرم فقط بل تشمل أيضًا أسرته التي يُفرض عليها العار أبد الدهر، وكانت الشبهة وحدها تكفي لإنزال أشد العقاب بالمشتبه فيه، فقد كان الموت جزاء من يُشك فيه بأنه يريد قلب الحكومة أو تغيير شكلها”.
“وقد كان الرومان في معاقبتهم أعداء الداخل، يستندون لنوع من المحاكمة المشوبة بالمنطق الصوري – إلى مفهوم “الحرب العادلة” فيقولون بما أن الشعب الروماني لا يخوض إلاّ غمار الحرب العادلة، فإنه حين يضرب عدو الداخل، يضربه دائمًا بصورة عادلة، لأن عدو الداخل وعدو الخارج يكونان جزءًا من زمرة واحدة، هي العدو الذي يجب القضاء عليه لسلامة الدولة”.
ولا شك أن تعبير الإرهاب هو من ابتداع الثورة الفرنسية، حيث “أعلن روبسيير سيادة حكم الإرهاب في فرنسا في الفترة من مارس 1793م إلى يوليو 1794م، حيث قاد اليعاقبة حملة إعدام رهيبة شملت كل أنحاء فرنسا، حتى قدر عدد من أُعدموا، في أسابيع السنة الأخيرة من عهد الإرهاب 1366 مواطنًا فرنسيًا من الجنسين في باريس وحدها. وعلى الرغم من أن الثورة الفرنسية قد أسالت أنهارًا من الدماء، منذ لحظة قيامها، إلاّ أن سياسة الإرهاب الثوري، قد ظهر بوضوح خلال حكم اليعاقبة، بزعامة روبيسير وسان جوست ولجنة الأمن العام، تلك اللجنة التي ابتدعت ذلك الاسم وحكمت فرنسا بالإرهاب المشروع في نظرها”.
وعلى مر التاريخ شهدت البشرية أنماطًا كثيرة من حكم الإرهاب المماثل لحكم اليعاقبة في فرنسا، كانت هناك حكومات ترتكب المذابح وتفرض الرعب على المواطنين ابتداءً من ستالين في روسيا وهتلر والجستابو في ألمانيا وانتهاءً بحكم بوكاسا في أفريقيا الوسطى.
ويبدو واضحًا أن القرصنة البحرية كانت كنمط من أنماط الإرهاب الدولي في الماضي، ويبدو أن تلك الصورة هي أقرب صور الإرهاب الدولي في العصر الحديث، ورغم كل ما كُتب عن تاريخ الإرهاب فإن القرصنة البحرية تمثل نمطًا منفردًا للإرهاب الدولي بوصفها جريمة ضد البشرية. وعلى هذا الأساس ينظر العديد من الدارسين لظاهرة الإرهاب إلى أن قضية خطف الطائرات هي البديل العصري للقرصنة البحرية، حيث كان الانتقال عبر البحار هو الوسيلة الوحيدة في الماضي. لذلك يحلوا للباحثين أن يسموا خطف الطائرات بالقرصنة الجوية.
ولا شك أن الإرهاب الفردي كان أمرًا معروفًا على مر العصور، إلا أنه لم يصبح ذا شأن في المجال السياسي، إلا بعد نشوء الدولة القومية، فعلى الرغم من أن أفعال القتل والاغتيال بقصد إحداث تغيرات جذرية في المجتمعات القبائلية والعشائرية، كانت أمرًا معروفًا، إلا أن نشوء الدولة القومية، وما صاحبها من فكرة السيادة المطلقة، قد أضاف بُعدًا جديدًا إلى العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة، كما أدى الميل إلى المركزية الشديدة في مرحلة تكوين وبناء الدولة القومية إلى تعاظم وامتداد السلطات الملكية على حساب المؤسسات المنافسة مثل الكنيسة والنبلاء وأمراء الإقطاع. واعتبارًا من القرن السادس والسابع عشر، تعاظم دور الملكيات، بما لها من موضع خاص للدولة، في المجالات الدولية إلى جانب ممارساتها لمهام قيادة الدولة في الداخل، كما أدت التغيرات الاقتصادية والسياسية إلى التأثير على الأفكار الدينية والعلاقات الاجتماعية، وظهرت المعارضة القوية والتطرفات التي تحولت بسرعة إلى تبريرات فلسفية، لجرائم الاعتداء على شخص الملك بوصفه رمزًا بارزًا للشكل الجديد للدولة.
والمقارنة بين الجماعات الإرهابية القديمة، والإرهاب الفردي الذي ساد في عصور عديدة، وبين الإرهاب الحالي، هو مسألة بعيدة عن الصحة، فالإرهاب الحالي يبدو أنه ينتمي إلى صنف أو نوع جديد تمامًا، ولم يظهر الإرهاب المنظم بالصورة القريبة من صورته الحالية إلاّ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث ظهرت على الساحة السياسية بعض فئات مميزة خلال تلك الفترة تمثل كل نوع مختلف من أنواع الصراع العربي السياسي.
مثال على ذلك:
‌أ - الحركة الثورية الروسية في الصراعات مع الحكومات الأوتوقراطية الاستبدادية في الفترة 1878-1881م ثم مرة أخرى في بداية القرن العشرين، وحتى انتصار الثورة البلشفية عام 1917م.
‌ب - الحركة الوطنية المتطرفة مثل الأبرلنديين والمقدونيين والصرب والأرمن الذين كانوا يستخدمون الأساليب الإرهابية في صراعهم، من أجل الحصول على الاستقلال الوطني أو الحكم الذاتي.
‌ج - الحركة الفوضوية التي سادت فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، والولايات المتحدة وغيرها، خاصة في فترة التسعينيات من القرن التاسع عشر (1890م)، والتي كان من سياستها “الدعاية عن طريق الفعل”.
‌د - ثورة الطبقات العمالية ضد استغلال أصحاب رؤوس الأموال الذين تساندهم الحكومات، من أجل الحصول على الضمانات والمكاسب العمالية والتي تحولت في بعض الأحيان إلى صراع بين الطبقات واتخذت بعض أساليب العنف، مثل الإضرابات، والمظاهرات، ثم عمليات القتل والاغتيال والتخريب”.
“ولا يمكن الحديث عن الطابع التاريخي للإرهاب دون التعرض لمذهبين فكريين أساسيين هما الفوضوية – والعدمية، وتعود الأيديولوجية الفوضوية في مصدرها إلى الأفكار الاشتراكية التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر ويمثلها تياران رئيسيان يتزعم الأول “ماكس شتيرنز” (1806-1865م) والروسي باكونين ويسمى بالفوضوية الاجتماعية”.
“وترتكز النظريات على رفض السلطة بمختلف أشكالها المتمثلة في الأشخاص والمؤسسات والقوى التي من طبيعة وجودها أن تسيطر على الإنسان الفرد أو على الجماعة وتملي عليها إرادتها ونفوذها، فكل تنظيم قانوني يحد من حرية الفرد – وكل ما هو سلطة تقوم على الإكراه يجب محاربته وإلغاؤه لأن الفوضوية، كما يتفق على تحديد دورها “برودون وباكونين” تهدم وتبني في وقت واحد، إنها الفوضى العارمة والتفكك الكامل للمجتمع وبعد هذا الانفصام الثوري الهائل تتحول الفوضوية إلى بناء نظام جديد مستقر وعقلاني يقوم على أساس الحرية والتضامن”.
ولسنا هنا في مجال العرض التفصيلي لمذهبي الفوضوية والعدمية، وإنما نشير إليها في هذا المجال لما لها من تأثير على بعض الحركات الإرهابية الحديثة “مثل منظمة الجيش الأحمر الألماني (بادر ماينهوف)، ومنظمة الألوية الحمراء الإيطالية، وبعض منظمات أمريكا الشمالية مثل منظمة جيش التحرير المتحد، ومنظمة الويزرمان، ولواء الغضب البريطاني وغيرها”.
والواقع أن الفوضوية تنكر الألوهية وسلطة الدولة، كما ترفض الديمقراطية والتمثيل النيابي، “ولعل أخطر ما فيها هو إيمانها بالإرهاب كوسيلة لهدم النظم في المجتمعات، فمنذ الإعلان الذي صدر عن اجتماع الفوضويين في لندن في 14 يوليو 1981م والذي أسموه الإنذار أصبح الإرهاب هو الوسيلة المشروعة في نظر الفوضويين لهدم المجتمعات ونظم الحكم والأديان”.
“ولقد كان للحركة العدمية تأثير مباشر على الأعمال الإرهابية الفوضوية، فهي حركة تعود في أصلها إلى الفوضوية في الأساس وإلى التيارات الاشتراكية الثورية، وهي لا تعني نظامًا فلسفيًا للعدم، بل تحريرًا ذاتيًا يقوم به فرد تجاه الأعراف والتقاليد الموروثة التي تحد من حريته، ولقد تبنى الاشتراكيون الروس هذا المبدأ، ولم يكتفوا بإعلانه نظريًا، بل نزلوا إلى صفوف الشعب ليحملوه على تأييد مبادئهم، لذلك قادهم هذا الموقف إلى أعمال إرهابية كان لها وقع أعمق بكثير من جماعة الفوضويين الأوربيين”.
والحقيقة المؤكدة، أن الحرب العالمية الثانية كانت نقطة تحول وخطًا فاصلاً عميقًا بين تاريخين للإرهاب، لأن تلك الحرب غيرت من شكل الحياة على الأرض، وما تحقق من تغيرات جذرية في العلوم والفنون وما تحقق من ثورات علمية في كل المجالات، قد أدى أيضًا إلى تغير في أنماط العلاقات السياسية، لذلك فإن العالم قد شهد في الستينيات حركة غير مسبوقة في التاريخ للتحرر الوطني، وزالت الإمبراطورية الاستعمارية بشكلها التقليدي، وتغيرت موازين القوى في العالم، كما تغير إيقاع الحياة وشكل العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، وأصبح الإنسان يلهث خلف التطورات العلمية واستخدام الحاسب الآلي، وعاش الإنسان لأول مرة في التاريخ تحت ظل الرعب النووي، الذي يهدد بتدمير كوكب الأرض مرات ومرات، ونتيجة لذلك كله أصبح للصراع السياسي أشكال وقواعد وقوانين جديدة، لم تكن معروفة من قبل، وتعاظم دور الإرهاب السياسي، وأصبحت ظاهرة مختلفة تمامًا عن تلك الظاهرة الإرهابية التي كانت تعرفها البشرية قبل نصف قرن من الزمن.
2 - الإرهاب في الشريعة الإسلامية
وضعت الشريعة الإسلامية منذ حوالي خمسة عشر قرنًا أول تشريع قانوني متكامل، ويصور الجرائم الإرهابية، ويضع لها شرائطها وأركانها، بما يكاد يتفق تمامًا مع الاتجاه الحديث نحو تعريف الإرهاب وتميزه عن غيره من الجرائم المماثلة.
وقد أوضح الفكر الإسلامي صورتين من صور الخروج عن السلطة والنظام الاجتماعي في الدولة، هما جريمتا البغي والحرابة، وتمثل الأولى الثورة المسلحة، أو على الأقل العصيان والتمرد والخروج عن السلطة السياسية في الدولة، أما الثانية وهي الحرابة فهي جريمة من جرائم الحدود، وتدخل في نطاق الجرائم الجنائية العادية، وتمثل جرائم السطو والسرقات بإكراه والقتل بقصد السرقة وغيرها من الجرائم التي ترتكبها العصابات الإجرامية العادية.
ويهمنا في هذا الحديث أن نشير إلى جريمة البغي، بوصفها الصورة التي يمكن أن يدخل تحتها التنظيم الإرهابي في العصر الحديث، فجريمة الحرابة هي جريمة جنائية تتمثل فيها بعض النشاطات الإجرامية العادية، التي لا تهدد الأمن القومي للدولة، وإن كانت تهدد الأمن العام فيه، ومن المهم هنا أن نشير إلى أنه ليست كل الجرائم التي تتعلق بالأمن العام في الدولة، يمكن أن تهدد الأمن القومي فيها، فلا يخلو مجتمع مهما كانت أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومهما كانت قدرة أجهزة مكافحة الجريمة، وأجهزة التربية والرعاية الاجتماعية، من الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية، فالجريمة من لوازم الاجتماع وتختلف باختلاف ظروف المجتمعات، ولا تشكل الجرائم العادية تهديدًا للأمن القومي إلا في حالة واحدة هي أن تتفشى إلى درجة تعجز فيها سلطة الدولة عن السيطرة عليها، وتأخذ صورة الفوضى العامة وفقدان السلطة زمام الأمور، أما الجرائم التي تهدد الأمن القومي للدولة فيدخل فيها اعتبارا سياسي وهام وهو الاعتبار السياسي، أي تلك الجرائم التي تهدد ذلك النظام السياسي ومن بينها من غير شك – الإرهاب بالمفهوم الفني الذي أشرنا إليه سابقًا.
وجريمة الحرابة ورد النص عليها في القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى: “إنما جزاءُ الذين يَحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزيٌ في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم” “إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فأعلموا أن الله غفور رحيم”، والحرابة مرادفة لقطع الطريق وتؤدي معناه، وتعني منع الناس من سلوك الطريق خشية أن يقع لهم مكروه من اعتداء محتمل على حياتهم وأموالهم، وقد عرّف الفقهاء في المذاهب المختلفة جريمة الحرابة بتعريفات متقاربة حيث يعرفها المذهب الحنفي “بأنها الخروج على المارة لأخذ المال على سبيل المغالبة على وجه يمنع المارة عن المرور وينقطع الطريق”.
وفي المذهب الشافعي عرّفها بأنها “البروز لأخذ المال أو قتل أو إرهاب، وعرفها كذلك بأنها البروز أو إرهاب مكابرة واعتمادًا على الشوكة مع البعد عن الغوث”.
وفي المذهب الحنبلي تعني “التعرض للناس بسلاح في صحراء أو بنيان أو بحر فيغصبونهم مالهم قهرًا أو مجاهرةً أو يقتلونهم لأموالهم”.
وفي المذهب المالكي تعني “قطع الطريق لمنع سلوك المارة أو أخذ المال على نحو يتعذر معه الغوث”.
ومن هذه التعريفات نصل إلى تحديد أهم ملامح جريمة الحرابة وهي استخدام العنف بقصد الاستيلاء على المال، عن طريق القتل أو الجرح أو الضرب، وذلك بقطع الطريق العام والسطو على المارين فيه، وهو فعل يهدد الأمن العام، ويماثل إلى حد كبير جرائم الإرهاب فيما ينتج عنه من خوف ورعب عام، إلا أنه يختلف تمامًا عن مفهوم الإرهاب بمعناه الحديث من زاوية الهدف من الفعل، وهو تحقيق أهداف سياسية في الجريمة الإرهابية، وتقترن الحرابة بذلك من أنواع جرائم العصابات الخارجة على القانون، أو بعض صور الجريمة المنظمة في عصرنا الحالي.
إلا أن الجريمة التي تضمنتها أحكام الشريعة الإسلامية، ويمكن أن يدخل في طياتها الإرهاب بمفهومه الحديث هو جريمة البغي، “والبغاة هم قوم مؤمنون من أهل الحق يخرجون عن قبضة الإمام ويرمون خلعه لتأويل سائغ في نظرهم، وفيهم منعة يحتاج في كفهم إلى جمع الجيش، وواجب على الناس معونة إمامهم في قتالهم لأنهم لو تركوا معونته لقهره أهل البغي لظهر الفساد في الأرض”.
وقال الشعراني في كتاب الميزان “اتفقت الأئمة على أنه إذا خرج على أمام المسلمين أو عن طاعته طائفة ذات شوكة، وإن كان لهم تأويل مشتبه ومطاع فيهم، فإنه يباح للإمام قتالهم، فإن فاؤوا كف عنهم، على أن ما أخذه البغاة من خراج أرض أو جزية يلزم أهل العدل أن يحتسبوا، وأن ما يتلفه أهل العدل على أهل البغي لا ضمان فيه”.
* عميد كلية الآداب - جامعة عدن
أ. د. علوي عمر مبلغ*
المراجع في الكتاب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى