أحد بلطجية مدينة تعز يطلق النار عبثيا في الشارع فتصيب إحدى رصاصاته الطفل خالد.. طفل قتيل وقاتل طليق وتكتيم إعلامي وسلطات أمنية متقاعسة

> تقرير/ صلاح الجندي

> شهدت محافظة تعز خلال الأشهر الأولى من العام الحالي تزايدا في انتشار الجريمة والقتل والاغتيالات، في ظل حالة من الانفلات الأمني التي تشهدها المدينة، فعلى الرغم من توجيهات محافظ تعز بإعادة تفعيل أجهزة الدولة، وتشكيل لجنة أمنية، إلا أن ذلك لم يحد من ممارسة الجريمة لعدم قيام الأجهزة الأمنية بواجبها.
فعندما تصبح سماء تعز ملبدة بالموت وأرضها ساحات يُغتال فيها الأمن برصاصات ارتكاب الجرائم المتقنة والوحشية، والبعيدة تماما عن أي رادع ديني أو قانوني، تصبح المدينة ساحة للموت العشوائي، ابتداء من سلسلة الاغتيالات التي أصبحت حدثا شبه يومي، وانتهاء بجرائم القتل التي تحدث ضد المدنيين الأبرياء والتي كان أبرز ضحاياها الطفل «خالد».
*خروج بلا عودة
في أسرة بسيطة ومعدمة عاش الطفل خالد، بكنف والد عاطل عن العمل، وأم مغلوب على أمرها، ولأنهما بلا ظهر ولا مال، فقد خطف القتلة روح ابنهما خالد، دون رادع لهم، ودونما إنصاف من قبل السلطات الأمنية والعسكرية داخل المدينة، وأصبحت قضية طفلهما معلقة.
خرج خالد - ذو الـ6 سنوات - قبل شهر من منزله بوادي القاضي بمحافظة تعز، الذي يسكنه مع أسرته، بعد أن حصل على قيمة الشكولاته التي نادرا ما يتذوقها بسبب فقرهم، ولم يعلم أن فرحته بها ستسرق منه روحه الطفولية.
فقد قام أحد بلطجية المدينة، ويدعى عبدالعزيز العديني، بإطلاق النار بصورة عبثية في الشارع من سلاحه الكلاشينكوف، كنوع من البلطجة، فأصابت إحدى رصاصاته جسد الطفل خالد بإصابة خطيرة نُقل على إثرها إلى أحد مستشفيات المدينة.
عانى الطفل خالد كثيرا في المستشفى، في الوقت الذي استنزف والده كل ما يملك، وباع مدخراته في سبيل علاج ابنه، دون أن يلتفت إليه أحد، رغم معرفة الجميع «بحالته ومعاناته»، حسب قوله.
ظل خالد في المستشفى زهاء شهر دون أدنى رعاية أو اهتمام بسبب فقر والديه.. ولم يكلف الجاني نفسه حتى بمعرفة ما إذا كان الطفل على قيد الحياة أم لا، وكأن شيئا لم يكن، حتى فارق خالد أهله إلى الرفيق الأعلى ودمه لم يجف على الرصيف بعد.
*بلا ظهر
يقول سكان حارة الطفل خالد إن «ما جعل القاتل في حريته المطلقة أن والد الطفل خالد «أيوب الحمادي» ليس من ذوي الوجاهات المرتبطين بقبيلة أو شيخا يقتص من قتلة ابنه، أو إيداع القاتل على الأقل في أحد السجون، وظلت قضيته مخفية عن الكثير، واكتفى والد الطفل بمتابعة القضية قانونيا وهو الطريق الأقرب لشخص بمثل وضعه لا يملك شيئا، متأملا في إنصاف القانون له».
بدأ الوالد أيوب الحمادي بتقديم شكوى إلى قسم شرطة 11 فبراير الخاص بمنطقته، وتفاعل القسم مع قضية الطفل، وذهب مدير الشرطة لاستدعاء الجاني إلا أن المتهم بقتل الطفل خالد قام بإطلاق النار هو وزميله على مدير قسم الشرطة لتنكسر هيبة الدولة والقانون.
يأتي ذلك كنتيجة طبيعية لغياب مؤسسات الدولة وعلى رأسها السلطة المحلية خلال الأعوام الثلاثة السابقة وضعف الأجهزة الأمنية وغياب تام للقضاء، الأمر الذي أنتج مجاميع مسلحة تقوم بتلك الأعمال والممارسات اللامسؤولة، والسطو والبلطجة على المحلات التجارية والمرافق العامة، وتقتل بدون رادع، وتعمل على إقلاق سكينة المواطنين الآمنين.
وحسب أقرباء الطفل «فقد اتجه والده إلى البحث الجنائي لتقديم شكوى، أملا في إنصافه، وصدرت أوامر بالقبض على المتهم لاستدعائه، إلا أن المتهم حر طليق، ويحظى بحماية «هوامير الفساد» من قيادات حزبية وعسكرية في تعز، يفترض بها أن تكون قدوة في تعاملها، لنجدها تقوم بالضغط على والد الطفل لإنهاء القضية، وأن ما حدث مكتوب وقدر».
وأضافوا لـ«الأيام» إن «القاتل يتبع أحد الألوية العسكرية ويتبع أحد الأحزاب داخل تعز، وبدلا من أن يقوموا بضبطه، أتوا إلى والد الطفل كي يتنازل عن قضيته، ولم يعيروا القضية أي اهتمام، كون الطفل قتل وهو أمام منزله دون وجه حق».
*قاتل مسنود حزبيا وعسكريا
والد الطفل المغلوب على أمره يتألم كل يوم ويتحسر على ابنه، وهو يرى المتهم بقتل ولده حر طليق، في ظل جمود الإجراءات والقرارات الصادرة من الجهات المختصة ودخولها قيد التنفيذ، بعد أن واجه عصابة من تجار الحرب عسكريين وحزبيين.
وحسب مصادر محلية، فإن «نخبة من زعماء الفساد العسكري والحزبي تقف خلف المتهم عبدالعزيز العديني، والمعروف بقيامه بالعديد من الجرائم التي لم تلقَ لها طريقا نحو العدالة، الأمر الذي جعل أبناء منطقته يقدمون شكوى إلى الجهات المختصة بجرائمه، ولكنها لم تلقَ أي تفاعل، وذلك بقيامه بالاستعراض بضرب الرصاص الحي عشوائيا، غير معترف بدولة ولا قانون ولا سكينة مجتمعية».
أيوب الحمادي، وهو يناشد الله ثم القانون وكل من له ضمير في تعز أن ينتصر لقضيته، فإنه يدعو الكل من المختصين ومنظمات حقوقية وإعلاميين لمساندته والوقوف معه والانتصار لقضيته، التي تمثل اليوم قضية كل أب وأسرة.
كما ناشد رئيس الجمهورية وقيادة الشرعية والقيادة العسكرية والأمنية والقضائية إنصافه في دم ابنه.
حادثة الطفل خالد، من بين عدة حوادث تشهدها تعز بسبب غياب قوة القانون والدولة، وبروز سلطات الكيانات المسلحة بمختلف مسمياتها، الأمر الذي نتج عنه غياب للأمن والاستقرار.
حوادث كثيرة راح ضحيتها العشرات، كانت أسبابها بلطجة هذه الشخصيات النافذة والمتخذة من ستار الشرعية درعا لفرض بلطجتهم، إضافة إلى انتشار السلاح بشكل كبير، والذي ساهم في خلق حالة من الفوضى أدت لجعل البعض ممن يملكون هذه القوة يمارسون قتلهم اليومي دون رادع ولأسباب خاصة.
فقد حدثت حوادث قتل كثيرة خلال الأشهر الماضية، والتي أصبحت في تعز ممارسة يومية للقتلة، الذين لا يلقون جزاءهم العادل، كان أبرزها مقتل صاحب الموز، ومقتل صاحب الخضار، وأيضا صاحب القات، والطفل التهامي «ابن الوازعية» التي اخترقت رأسه رصاصة مسلحين، وسط شارع جمال، راح ضحيتها واستمر القتلة في انتزاع أرواح الناس دونما ضبط رغم معرفة السلطات الأمنية بهم.
تقرير/ صلاح الجندي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى