عـدن الـحضـارة

> د.عبدالله عبدالولي ناشر*

>
د.عبدالله عبدالولي
د.عبدالله عبدالولي
يمتد تاريخ عدن العظيمة إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام، لعبت خلاله دورا فريدا ومميزا في الحضارة والتجارة والحياة المدنية. وخير دليل على ذلك ما تحويه من معالم وآثار في باطن الأرض وعلى سهولها وقمم جبالها كصهاريج وادي الطويلة والأسوار والقلاع المحيطة بها، وغير ذلك. مر من عدن وحكمها كل من البرتغاليين والأتراك وأخيرا أصدقاؤنا البريطانيون، 1839 - 1967.
وعلى مدى تاريخها الطويل كانت عدن السباقة في عموم شبه الجزيرة العربية والخليج، وكذا في شرق أفريقيا في كل ما هو حديث وحضاري ومتطور، وفي مقدمة ذلك التعليم، حيث كانت منارة للعلم عبر كل الأزمان، وبمقياس الحداثة في القرن التاسع عشر، فقد أنشئت أول مدرسة في عدن في عام 1848م، أي بعد تسعة أعوام من قدوم بريطانيا إلى عدن. كما أنشئ فيها أول مستشفى على مستوى المنطقة في وسط مدينة كريتر في عام 1848م أيضاً، والذي كان يعرف بالمستشفى الأهلي، (Civil Hospital)، والذي ظل يعمل على استقبال المرضى من عدن وخارجها ويقوم بتقديم أرقى الخدمات الطبية بمقياس ذلك الزمان. استمر هذا المستشفى يعمل على امتداد أكثر من قرن من الزمان حتى عام 1958م، عندما افتتح مستشفى الملكة إليزابيث وتم نقل المرضى ما عدا مرضى السل من المستشفى الأهلي إلى المستشفى الجديد، والذي وضعت الملكة حجر الأساس له يوم 27 أبريل عام 1954م، وذلك أثناء زيارتها التاريخية إلى عدن. تم بناء المستشفى وتجهيزه على أحدث التقنيات في العالم، وكان المستشفى الوحيد في الشرق الأوسط يبرد بواسطة المكيفات المركزية.
كما عرفت عدن أيضاً أول مستشفى لمرض الجدري والذي افتتح أيضاً في عام 1848م وكان موقعه في وادي الطويلة بمدينة كريتر. تلى ذلك التاريخ وعلى امتداد أكثر من قرن من الزمن إنشاء وافتتاح العديد من المستشفيات الراقية، مثل مستشفى النساء والتوليد في كريتر ومستشفى القوات الملكية الجوية (RAF) في التواهي، حاليا المستشفى العسكري، ومستشفى الكنيسة الإسكتلندية في الشيخ عثمان ومستشفى مصافي عدن (1954م).
سردت هذه المقدمة كي أنادي وأحث إخواني وأخواتي من أهل عدن ومسؤوليها وفي مقدمتهم الأخ العزيز م. وحيد رشيد محافظ عدن، ومثقفيها وكذا العاملين في المجالات الصحية ووزارة الصحة بأن يتكاتفوا لإحياء الذكرى الستين لوضع حجر الأساس لمستشفى الملكة إليزابيث (الجمهورية حاليا)، وذلك في 27/أبريل/1954م.
كما أتمنى أن يشكل هذا الحفل بداية الانطلاقة الكبرى لمناشدة الدولة والقطاع الخاص وأهل الخير في الداخل والخارج وأصدقاء اليمن، وكل من تعز عليهم عدن أن يؤسسوا مشروع عاجل/عاجل لإنقاذ هذا الصرح العظيم وإعادة تجديده وتأهيله كي يستعيد دوره العريق والتاريخي والمميز.
أخي صالح إذا تقرر إقامة الحفل فكوني أحد كوادر المستشفى بدأت فيه تلميذا ثم مديرا وجراحا وحاليا متقاعداً، فسوف أحول المبلغ الذي أستطيع عليه كمساهمة متواضعة من تكاليف الحفل. تحياتي مع أطيب التمنيات.
*وزير الصحة السابق
(المقال نُشر في الذكرى الـ 60 لتأسيس مستشفى الجمهورية)..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى