الإرهاب.. أوروبي المولد - أمريكي التهجين (9)

> أ. د. علوي عمر مبلغ*

> لقد فتح 11 أيلول ملف الصراع بين الحداثة والدين الذي يظهر أنه لم يحسم بعد، حيث تبين أن للدين عودة دائمة، وأن عودته هذه المرة هي عودة شرسة ودموية تثأر لكل التهميش الذي مورس بحقه، وتأجيج أعلى للهيب المعركة ضد فعل إقصاء الغيب وتسطيح الروح.
أ. د. علوي عمر مبلغ*
أ. د. علوي عمر مبلغ*

ولم تعدل الحداثة من حملتها في ملاحقة المقدس وإقصائه عن كل زوايا الحياة، واستمرت في رهانها على العقلانية التصورية أو الآلية إلى نهايته، ولم يعد الخطاب الديني المعاصر، إنتاج معنى الخلاص لديه خارج ميدان السلطة وبعيدًا عن مجال المنافسة على السيادة العليا، ولم يعمل على ملامسة هواجس روحية حقيقية تنتشل بها العالم من القلق والإحساس بالفوضى، فبقي الدين، نتيجة للفراغ الروحي الهائل وزيادة التهميش الاجتماعي، مجالاً خصبًا لإنتاج أيديولوجيا غضب وانتقام، فأصبحت الملازمة بين عودة الله وبين نهاية العالم في العقل الأصولي محتومة، حيث انعكست هذه الرؤيا على خطابها التضامني ووعيها السياسي، عبر ممارسات عدمية ترى الإصلاح بالنهاية والموت. لذلك نرى نهاية للأصولية الدينية طالما أن الفرجة في عقلنة المجتمع وبين حاجات الروح تتوسع، بل سنرى دائمًا دورة صراع تكرر نفسها كل مرة بشكل مختلف وقواعد جديدة. المعركة بين الحداثة والأصولية هي معركة الذات مع نفسها، إنها صراع الأبعاد المهمشة والمغيبة داخل الذات مع الأبعاد الظافرة والمستبدة فيها. فالعقل يقوض الدين ويسقط بسهولة كل صلاحياته حين يدعي الدين امتلاكه الحصري لسلطة التفسير والتأويل، ويعود الدين غاضبًا ومتمردًا حينما ينسى العقل مجاله وينجح العالم على شكل لوائح وتصنيفات، تعود الأصولية من قلب الحداثة نفسها التي استعانت بالقداسة والتعالي والأسطورة لتكون تضامناتها السياسية وكتلها الاجتماعية، وتعود العقلانية أيضًا من قلب الدين نفسه، الذي قدس العقل واعتبره واسطته ورسوله إلى العالم.
“إن نشوء ظاهرة الأصولية الإسلامية تعبير عن رفض حركة التغريب والاستئصال الثقافي الذي مارسته الأنظمة القومية والاشتراكية في منتصف القرن العشرين”.
إن فحوى الحركات السلفية ذات صفة سياسية أكثر مما هي ذات صفة ثقافية أو دينية، ذلك أنها بالمضمون الديني تتناقل صورة الإسلام من القرن الأول للهجرة وبناءً على تحليل الفقهاء وليس بناءً للخطاب النبوي الأصيل، وهي ليست صورة تاريخية إنما أسطورية، ثم إن ما يظهر على أنه عودة إلى الدين هو عودة إلى تحديد الذات حسب هوية معينة نتيجة الشعور بالهزيمة في التحديث وصناعة التاريخ، ونتيجة الشعور بالتهديد والهيمنة من قبل آخر.
هكذا كانت الشعارات التي ترى في الإسلام دينًا عالميًا وهو الحل ليس بالنسبة لنا فقط بل بالنسبة للمجتمع الإنساني بصفة عامة، على أمل إمكانية العودة إلى نظام شامل قائم على معتقدات دينية أو ثقافية معينة، قادرة على وضع حد لتجزئة التجربة المعاشة، فإذا بنا أمام حركات تدعو إلى العودة إلى ما قبل الحداثة، تقابل ضد الإمبريالية الاقتصادية والتكنولوجية العلمانية وغيرها، لكنها تحصر نفسها في عملية إعادة تكوين هوية اجتماعية تحت راية العودة إلى الدين والشريعة والنظام المعرفي التقليدي المؤسس على أولوية الوحي.
“وإذا بنا في العالم الإسلامي أمام تشكيلة معينة لذات بشرية جديدة تعتبر نفسها إسلامية بشكل جذري وحقيقي، وكما تعتبر نفسها الحاملة للرسالة الوحيدة الصحيحة التي ينبغي أن يعتنقها كل البشر لأن فيها نجاتهم، كما وتعتبر نفسها المسؤولة عن العمل التاريخي الذي سيحبط مخططات القوى الشيطانية للحداثة والعلمنة”.
وهذا يعني أن الشخص المسلم بات يتشكل ويؤكد ذاته داخل السياج الدوغماتي المغلق الذي يقدمونه على أساس أنه المكان الوحيد للحقبة المتعذر استبدالها أو تغييرها.
طريقنا إلى ذلك أنظمة سياسية واجتماعية متماسكة من الناحيتين القانونية والمؤسساتية تتيح للذات الفاعلة التواصل مع الآخر من ثقافة مختلفة، وهذا لا يتم إلا بتحررها من الطائفية عبر الاستيعاب الشخصي للمعتقدات والقناعات وعبر الفصل بين الحيز المجتمعي والحيز الثقافي، تحدد المجتمعات حسب المركز الذي تحتله الذات الفاعلة، ولا تتكون هذه الذات خارج العمل الجماعي، ولا يمكن ضمان الحقوق الروحية والفكرية للذات إلا بواسطة النظام الديمقراطي ودولة القانون، فالديمقراطية وحدها تعترف بالمجتمع المدني بصفته شريكًا تنتج عنه سيادة الدولة.
الوصول إلى ذلك مشروط باكتساب الثقافة الديمقراطية ونشرها، ولا يمكن وجود ديمقراطية حقيقية بدون مناقشات مفتوحة، حرة خصبة، نقدية، خلاقة، وذلك من خلال التساؤل الفلسفي حيث يحتل سؤال الذات الإنسانية نقطة البداية والنهاية لكل فلسفة، فهل نملك عربيًا اليوم الوسائل العقلية والثقافية أو الحريات والأطر الاجتماعية التي لابد منها من أجل فتح مثل هذا التساؤل؟
ليست الأصولية كما يظن البعض، حالة خاصة في المجتمع، قابلة لأن تُعزل أو تُحاصر، إنها نتاج عقل كامن في ثقافة المجتمع كله، وسلوك متوارث يصنع التحالفات والعصبيات، وأيديولوجيا كونتها الأزمات الداخلية وحالات الإحباط والتهميش، إنها أعراض رهاب جماعي وعصاب ثقافي عام، لذلك فإن المدخل في عالمنا الإسلامي لمنع تشكل تيارات تستبطن الاغتراب والنقمة وتنتج العنف، هو بالتوقف عن صنعها داخل وعينا وداخل واقعنا الاجتماعي والسياسي، أي بإعادة إنتاج الذات على مستوى الوعي التاريخي والفهم الديني، وإنشاء نظام علاقات داخلي يبين تجربة مشاركة مسؤولة وحرة للجميع في صنع وتلبية رهانات الحياة المعاصرة. وتأجيل لحظة الاستحقاق هذه، يعني إفساح المجال لتولد أشكال تدمير وصور موت جديدة، يمكن أن تفقد معها القدرة على طرح أية مبادرة جديدة.
إن ما يحصل في الغرب وفي أوروبا خاصة هو نقل القداسة من السياسة إلى الأخلاق في إطار ثقافة مواطنيه تمكن من تفادي أو مواجهة الكثير من المخاطر في عصر التكنولوجيا، وتوفر التضامن والقوة للمجتمع، أي نشهد تطورًا نحو دين مدني أخلاقي، تحاول من خلاله الدولة أن تدير مجتمعًا ديمقراطيًا يواجه مخاطر تكنولوجية وبيئية عظيمة، وأن تولد مواطنين متكيفين مع الوضع، هذه الوضعية تؤدي إلى الاعتراف بمكانة بين معتدل وسكوني وأخلاقي يتم الاحتفاظ به كأنه قبة مقدسة وإلى تشكل دين يساهم عن بعد في تقليص شك المجتمع فيما يتعلق به وفي تقديس نقاط ارتكازه الأخلاقية.
أحداث 11 أيلول والإرهاب
“مثَّل يوم 11 أيلول 2001م نقطة تحول في تاريخ أمريكا والعالم، كما هو منعطف في مسار الحركات الإسلامية الباحثة عن الدنيا أكثر من حرصها على الدين وأقصد تلك الحركات التي جعلت العنف عنوانها للوصول إلى السلطة قبل أن تصل أفكارها إلى الشعوب المغلوبة على أمرها”.
“ومع ذلك أين تقف أمريكا بعد عام من انطلاق حملتها الموسومة بمكافحة الإرهاب والتطرف وهل حققت أمريكا بعد عام أهدافها المعلنة، أم أدخلت نفسها في مأزق أكثر خطورة من بقاء الجماعات ونظام طالبان”.
إن أحداث أيلول الوحشية والمرعبة، هي أمر جديد بالكلية في الوقائع الدولية ليس في مداها وطابعها بل في غايتها وهدفها، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، إنها المرة الأولى منذ حرب 1812م التي يثير فيها كثير من المعلقين توازيًا مع حوادث بير هادبر، في السابع من كانون الأول 1941م حيث هوجمت قواعد عسكرية في مستعمرتين أمريكيتين، وليست الأراضي الوطنية التي لم تهدد مطلقًا. تفضل الولايات المتحدة أن تسمي “هاواي” أراضي، ولكنها كانت بالواقع مستعمرة، خلال مئات السنين الماضية، وأبادت الولايات المتحدة السكان الأصليين “ملايين من الناس” اجتاحت نصف المكسيك، تدخلت بالعنف في المناطق المجاورة، اجتاحت هاواي والفليبين “قتلت مئات الآلاف منهم” وفي النصف الأخير من القرن الماضي، التجأت إلى القوة في مناطق كثيرة من العالم، وكان عدد الضحايا هائلاً. إنها المرة الأولى التي تتوجه فيها البنادق إلى الاتجاه المعاكس، وهذا التغيير المأساوي. والأمر نفسه يصح، وبأكثر مأساوية، بالنسبة إلى أوروبا، فلقد أصابت أوروبا ض ربات قاتلة ولكن بسبب الحروب الداخلية، وفي الوقت نفسه اجتاحت الجيوش الأوروبية معظم العالم بوحشية فائقة، ولم يهاجم هذه الجيوش ضحاياها الأجانب إلا في حالات نادرة جدًا، لم تهاجم الهند إنجلترا، ولا الكونجو بلجيكا، ولا أثيوبيا إيطاليا، ولا الجزائر فرنسا، وبالتالي لي من المفاجئ أن تحقق أوروبا بالكلية بجرائم الإرهاب التي حصلت في 11 أيلول.
وفي أعقاب الهجوم استطلعت “جريدة وول ستريت” Wall Street آراء المتمولين المسلمين في المنطقة، مدراء بنوك، مهنيين، وتجار لهم علاقات مع الولايات المتحدة. لقد عبر الجميع عن جزعهم وغضبهم ضد دعم الولايات المتحدة للدول المتسلطة القاسية، وضد الحواجز التي تضعها واشنطن أمام النمو المستقل وأمام الديمقراطية بسياساتها المساندة للأنظمة الظالمة والساحقة، فمواقف الولايات المتحدة مختلفة تجاه العراق وتجاه الاحتلال العسكري الإسرائيلي”.
لذلك فالمشاعر أيضًا عند جماهير الفقراء والمتألمين هي مماثلة وأكثر مرارة. وهم غير مسرورين من رؤية ثروات المنطقة تتدفق إلى الغرب وإلى نخب صغيرة يستقطبها الغرب، من الحكام الظالمين والفاسدين الذين يدعمهم الغرب، لذا هناك بالتأكيد مشاكل تتعلق بالسلطة والقوة، أما ردة الفعل التي أعلنتها أمريكا فكانت أن تتعامل مع هذه المشاكل بزيادها حدة. هذا بالطبع ليس حتميًا، وجزء مهم في الأمر يتوقف على ما آلت إليه مثل هذه الاعتبارات. وإذا أردنا أن نظر إلى الخلف قليلاً، فهذا يعني أنه يتوجب علينا “الإقرار بأن كثيرين في العالم يعتبرون الولايات المتحدة الأمريكية دولة رائدة في الإرهاب وذلك لأسباب وجيهة. قد نتذكر مثلاً أنه في العام 1986م أدينت الولايات المتحدة في محكمة العدل الدولية بسبب الاستعمال غير الرسمي. أي الإرهاب العالمي، ومن ثم استعملت حق الفيتو ضد قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو الدول بما فيها الولايات المتحدة، كي تتمسك بالقانون الدولي، وهذا واحد من أمثلة عدة لا تحصى”.
وبشكل أكثر مأساوية، اعتبرت فكرة أن نيكاراجوا تملك الحق في الدفاع عن نفسها فكرة فظيعة ومهينة عند الاتجاه السياسي السائد للفئة السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية. وضغطت أمريكا على حلفائها وباتجاه إيقاف تزويد نيكاراجوا بالأسلحة، آمله أن تتحول إلى روسيا كما فعلت بالضبط، وهذا يعطي أمريكا صور الدعاية الحقيقية. أطلقت إدارة ريغان مرارًا واتكرارًا إشاعات بأن نيكاراجوا كانت تستقبل مقاتلات من روسيا، لتحمي مجالها الجوي ولتمنع الهجمات الأمريكية الإرهابية على أهدافها الضعيفة، “كانت الإشاعات كاذبة لكن ردة الفعل كانت مفيدة، وعلينا أن نقصف نيكاراجوا لأنها تشكل تهديدًا لأمننا. ثم كشفت الأبحاث المعلوماتية بأنه كانت توجد إشارة خفية غير واضحة، بأن نيكاراجوا لديها الحق بالدفاع عن نفسها، هذا يكشف لنا الكثير عن ثقافة الإرهاب المتجذرة عميقًا والتي تهيمن على الحضارة الغربية”.
وبسبب الجهود الفاشلة لينكاراجوا في تعقب الوسائل القانونية بدلاً من بدء التفجير في واشنطن، كانت نيكاراجوا جزءًا فقط من حروب واشنطن الإرهابية في أمريكا الوسطى، في ذلك العقد المرعب مسببة مئات الآلاف من القتلى، وخلال السنوات نفسها، كانت الولايات المتحدة تنفذ حملات إرهابية واسعة النطاق في مكان آخر، شملت الشرق الأوسط. لنعط مثلاً واحدًا “تفجير سيارة في بيروت عام 1985م خارج المسجد الذي جرى توقيته ليقتل أكبر عدد من المدنيين، ترك ثمانين قتيلاً و250 جريحًا، وكان هدفه قتل شيخ مسلم قد نجا، كما دعمت إرهابًا أسوأ بكثير، على سبيل المثال الاجتياح الإسرائيلي للبنان الذي قتل 18000 مدنيًا لبنانيًا وفلسطينيًا ولم يكن الأمر دفاعًا عن النفس كما سلم به في الحال، وبعدها الاجتياحات اللاحقة في عامي 1993م، 1996م وكلاهما دعمتهما بقوة الولايات المتحدة، في سنوات ما بعد 1982م كانت ضريبة لبنان وحده ما يقارب 20000 مدنيًا آخر”. وفي التسعينيات “زودت أمريكا 80 % من الأسلحة للحملة التركية المضادة على المتمردين الأكراد في جنوب شرق تركيا التي قتل فيها عشرات الآلاف وشردت 2-3 مليون إنسان من منازلهم تاركة 3500 قرية مهدمة، وقامت بكل عمل وحشي يمكن أن يخطر على البال، وفي تيمور الشرقية، استمرت أمريكا وبريطانيا بدعمهما للمعتدين الإندونيسين الذين بدورهم قتلوا ثلث السكان بمساعدتهما الحاسمة، واستمر هذا الدعم حتى خلال فظاعات 1999م مع آلاف القتلى، حتى قبل هجوم أوائل أيلول الذي أخلى 85% من السكان من ديارهم، ودمر 70 % من البلد، بينما التزمت إدارة كلينتون بموقفها الذي يقول بأنها مسؤولية حكومة إندونيسيا، ونحن لا نريد أن نسحب تلك المسؤولية منهم”. إن هناك من الأسباب ما يدفع ويبرر تدخل الولايات المتحدة في شؤون العالم تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، متذرعة بذلك من أحداث أيلول. لذلك كما “انطلقت الحملة الإرهابية نحو أفغانستان لاجتثاث الإرهاب قولاً إلا أنها فعلاً هدفت إلى إحكام سيطرتها على محطة الطرق المفتوحة، فإنها اليوم تجد في العراق ضالتها للمزيد من السيطرة، إذ أن وجودها في العراق عسكريًا يكمل خطتها الاستراتيجية وبالتالي يكون في مقدورها بعد ذلك تشكيل خارطة العالم العربي – الإسلامي كما تريد فعلاً”.
والحقيقة “أن امريكا لا تريد صدام ولا نظامه بقدر ما تريد العراق الأرض والحضارة والجغرافيا والموقع والثروة، ولكنها تجعل من “صدام والنظام” غطاء لأهدافها كما هو الحال مع أفغانستان وطالبان وقاعدة ابن لادن، إن وصول أمريكا إلى العراق عسكريًا يعني سيطرتها على الوطن العربي، بما فيه إيران وبالتالي سيكون بمقدورها تحقيق الأمن للصهاينة لأن سقوط العرق سيكون الورقة الأخيرة لسقوط الأمة بكل مقوماتها”. إن معظم مصادر الطاقة والاحتياط العالمي للطاقة موجودًا أولاً في السعودية، وفي منطقة الخليج العربي، بمؤازرة وجود موارد مهمة في آسيا الوسطى، ولسنوات عديدة درسوا أفغانستان ووضعها كموقع ممكن لخطوط الأنابيب التي سوف تساعد أميركا في مناوراتها المعقدة للسيطرة على الموارد في آسيا الوسطى، في شمال أفغانستان، وفي منطقة الخليج، وحتى العناصر الغنية والعلمانية حاقدة على سياسات أمريكا، ولأن دول تلك المنطقة قمعية بشكل كبير. وواحدة من عوامل المرارة والقسوة ضد الولايات المتحدة، هو دعمها لمثل هذه الأنظمة، فالنزاع الداخلي يمكن أن ينتشر بسهولة وتكون النتائج باهظة وبشكل خاص إذا هددت سيطرة أمريكا على الموارد الكبيرة في المنطقة. وهناك مشاكل مشابهة تطال شمال أفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وخاصة إندونيسيا، وحتى بعيدًا عن النزاعات الداخلية، فإن تدفق الأسلحة إلى بلدان المنطقة، يزيد من احتمال وقوع نزاع مسلح، كما يزيده أيضًا تسرب الأسلحة إلى المنظمات الإرهابية، وتجار المخدرات. إن الحكومات متلهفة للتحالف مع الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب لكسب الدعم للإرهاب في دولهم غالبًا بشكل مروع. إن ما حصل في التاسعة والدقيقة الثامنة والثلاثين من صباح يوم الثلاثاء الحادي عشر من سبتمبر 2001م تابعه ملايين من الناس عبر التلفزة مسمرين. وقد استحوذ الذهول عليهم جميعًا بمن فيهم المعلقون إزاء ضخامة الهجوم واعتباط العنف وأثرت الصدمة عليهم تأثيرًا رهيبًا، هذا العنف نفسه يضاف إليه غياب المعلومات المتعلقة بموقف السلطات الأمريكية قد دفع بالمحطات التلفزيونية إلى التزام الصمت حول قضية اصطدام الطائرتين الانتحاريتين ببرجي مركز التجارة العالمي وانهيارهما. آلاف الأشخاص لقوا حتفهم، وشنت حرب في أفغانستان للثأر لهم، إلا أن الغموض ما زال يخيم على جوهر هذه الأحداث وأسبابها، وسرعان ما توجهت الأنظار إلى العرب بوصفهم هم الفعلة، أما بالنسبة لمعلقي سي إن إن "فإن هذا الاصطدام لو كان هجومًا يكون عملاً نفذه إسلامي آخر هو الملياردير السعودي السابق أسامة بن لادن، إذ كان هذا المتمول الملتجئ في أفغانستان قد أصدر فتوى بتاريخ 23/8/1996م دعا فيها إلى حرب مقدسة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وسيسند إليه كذلك الاعتداءات على السفارتين الأمريكيتين في نيروبي (كينيا) دار السلام (تنزانيا) في السابع من شهر أغسطس عام 1998م".
نرى هنا حالة شبيهة بما جرى في أوكلاهوما سيتي في التاسع عشر من أبريل 1995م واستهدفت الإشاعات العرب مباشرة ولم يكن العرب مسؤولين عن ذلك كما نعلم.
* عميد كلية الآداب - جامعة عدن
المراجع في الكتاب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى