اهتمام خليجي متزايد بالسودان.. سبب واحد وثلاثة دوافع

> تحليل/ عادل عبد الرحيم

> على نحو مفاجئ، صارت الخرطوم تحظى باهتمام خليجي كبير، وأعلن الإثنين، عن وصول وفد إماراتي رفيع إلى السودان لتعزيز العلاقات الاقتصادية.
وفي ذات الوقت، أعلنت السلطات السودانية، عن اتفاقها على مسودة اتفاقية مع السعودية، لإمدادها بالنفط لخمسة سنوات قادمة.
جاء ذلك عقب عودة وزير النفط السوداني، عبد الرحمن عثمان، ووزير الدولة بالمالية عبد الرحمن ضرار، ومحافظ البنك المركزي حازم عبدالقادر للسعودية بدعوة من وزير النفط السعودي.
وقال وزير النفط عبد الرحمن عثمان، أمس «سافرنا إلى السعودية لعقد اتفاق طويل الأمد، ويحتاج الآن إلى بعض الإجراءات مع بنك التنمية السعودي تنتهي خلال أيام ثم يكون التوقيع».
وأضاف «الاتفاق مدته 5 سنوات، والسودان يستهلك سنويًا مليون و800 ألف طن».
اما الإمارات فأرسلت وفداً برئاسة، مساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية، محمد شرف إلى الخرطوم، وأجرى مباحثات لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع الخرطوم.
وجاء التحرك بعد أن علت الأصوات الناقدة والحانقة على قلة الدعم المالي الخليجي للخرطوم من أطراف سودانية ذات تأثير، وعلى رأسها البرلمان والصحافة.
ورداً من الحكومة السودانية على هذه الأصوات، أعلنت أنها «تقيم تجربة مشاركة القوات في حرب اليمن».
وبحسب المراقبين، فإن السعودية والإمارات لا تريدان وفي هذا التوقيت سحب الجيش السوداني لقواته الموجودة على أرض المعركة.
ويمكن رصد ثلاثة أسباب للاهتمام الخليجي المتزايد مؤخرا بالسودان:
*انسحاب الجيش السوداني
بدأ الغضب السوداني من تجاهل الخليج، منذ فبراير عندما دخلت البلاد في أزمة اقتصادية أدت إلى ارتفاع الأسعار، وانهيار العملة السودانية أمام الدولار، حيث تجاوز حاجز الـ40 جنيهاً مقابل الدولار، لأول مرة في تاريخه.

ومنذ مارس الماضي، يعاني السودان من أزمة خانقة في المواد البترولية، أصابت البلاد بالشلل.
وأشعل بعض الصحفيين، والكتاب المقربون من الحكومة الشراراة الأولى من خلال توجيه انتقادات للسعودية بدعوى «تجاهل» دعم الخرطوم.
وتبع ذلك البرلمان السوداني، وطلب بعض نوابه بسحب الجيش من اليمن، مما حدا بوزير الدولة للدفاع علي محمد سالم الأربعاء الماضي، إلى قول «إننا نقيم إيجابيات وسلبيات مشاركة القوات في الحرب الدائرة باليمن».
ويرى الصحفي ماجد محمد، أن هذا التصريح، هو الإشارة التي جعلت الحلفاء العرب يصوبون اهتمامهم بالخرطوم، لاسيما أنهما من أغنى الدول النفطية، فكيف لحليفهما الأساسي في حرب اليمن، يعاني من نقص في النفط».
وقال للأناضول: «كانت الرسالة واضحة لهذه الدول، باعتبار أن ذلك يعد تغييرا في موقف السودان تجاه حرب اليمن، وتأكيده الدائم بأنه قواته باقية».
ومنذ مارس 2015 يشارك السودان في التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن.
ولم يعلن السودان رسميًا عن تعداد قواته المشاركة في عمليات التحالف، لكنه سبق أن أبدى استعداده لإرسال ستة آلاف جندي إلى اليمن.
يرى المتابعون أن الأمر الذي سرع من وتيرة الحراك الإماراتي السعودي نحو الخرطوم، هو استمرار حرب اليمن لأكثر منذ ثلاثة سنوات، وغياب القوات السودانية، سيكون بمثابة نكسة كبرى للتحالف العربي، وربما يخسر التحالف بسببها حتى الجنوب اليمني إذا انسحبت القوات السودانية.
ومنذ 26 مارس 2015، ينفذ التحالف العربي، عمليات عسكرية في اليمن، دعما للقوات الحكومة، في مواجهة مسلحي جماعة «أنصار الله» (الحوثيين)، المتهمين بتلقي دعم إيراني، والذين يسيطرون على محافظات يمنية، بينها العاصمة صنعاء منذ عام 2014.
*قطر في الانتظار
لايبدو أن التقارب السوداني القطري مقلق خلال الفترة الماضية، لدولتي السعودية والإمارات، باعتبار أن الخرطوم ظلت محافظة على علاقات متساوية بين أطراف الأزمة الخليجية.
وبدأت الأزمة في يونيو 2017، بقطع كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرض "إجراءات عقابية" عليها بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة، وقالت إنها تواجه حملة لسلب قرارها الوطني.
لكن بعض المحللين السياسيين، يرون أن تزايد ظهور قطر في الساحة السودانية، عقب توقيعها اتفاقية بشأن ميناء بورتسودن، وهو الميناء الرئيس للسودان الذي يطل على البحر الأحمر، ربما لفت انتباه الدولتين إلى إمكانية أن تتطور علاقات الدوحة والخرطوم أكثر مما هي عليه الآن.
ووقعت الحكومتان السودانية والقطرية، في 26 مارس الماضي، اتفاقية تأهيل ميناء «سواكن» المطل على البحر الأحمر (شرق)، بقيمة 4 مليارات دولار، وفتح خطوط ملاحية جديدة من ميناء حمد (جنوب شرق الدوحة)، إلى ميناء سواكن شرقي السودان.
وترى المصادر نفسها أن قطر هي أحد الدوافع التي تجعل قادة السعودية والإمارات ينتبهون إلى السودان أكثر.
*إيران الغائب الحاضر
ليس هناك أي مؤشرات حالياً حول علاقة بين السودان وإيران، فمنذ العام 2014، اتخذت الخرطوم عدة خطوات لتحجيم علاقتها مع طهران، انتهت بقطع العلاقات الدبلوماسية رسمياً في 2016.
إلا أن بعض المحللين السياسين يرون أن علاقة السودان لم تقطع بشكل نهائي مع طهران، ما قد يفتح الباب لعودتها في أي وقت، خاصة أن سياسة السودان الخارجية متغيرة، مستدلين بتوجه السودان نحو روسيا مؤخراً، في خطوة مغايرة لمحاولاته المتكررة لتحسن علاقاته مع الولايات المتحدة، وتوج ذلك بزيارة البشير لروسيا في نوفمبر ثان الماضي.
* عن (الأناضول)
تحليل / عادل عبد الرحيم*

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى