قصص مأساوية لحالات إنسانية منسية بتعز.. الطفل سام أُجريت له 5 عمليات فاشلة

> تقرير/ صلاح الجندي

>
يتنافس المرض والبؤس على افتراس ما تبقى من جسدها النحيل، مع تفاقم معاناتها يوما بعد آخر، في ظل استياء وضعها الصحي والمعيشي.

إنها الفتاة «ذكريات» البالغة من العمر 20 عاما، المصابة بمرض الطحال واستسقاء بطني حاد ناتج عن سوء التغذية.

معاناة ذكريات مع مرض الاستسقاء هو ناتج عن نقص الألبومين، الذي استمرت تُعاني منه منذ ستة أشهر، بسبب فقرها وعدم قدرة أهلها في تمكينها من الغذاء الجيد الذي من شأنه أن يُساعدها على مقاومة المرض.

ذكريات فتاة كغيرها من الفتيات تحلم بحياة تعيشها بسعادة، غير أن نصيبها كان في حياة مملوءة بالتعاسة والألم، والناظر إلى عينيها يقرأ فيهما الوجع، تتجرع قساوة الحياة بصبرٍ جميل.

ومما زاد من معاناتها أنها يتيمة الأب، ومن أسرة فقيرة، الأمر الذي جعلها طريحة الفراش لا تقوى على الحراك والعيش كمثيلاتها من الفتيات.

فقدت ذكريات والدها في سن مُبكرة، ولها أم وشقيقة، وأخوان من الأم. وحالتهم المادية صعبة جدًا بسبب الفقر والحرب.

تعيش ذكريات في قرية المضيبعة، إحدى القرى الواقعة بين عزلتي الأجشوب والشحنة بمديرية شرعب السلام بمحافظة تعز، ولا يوجد لديهم أي عائل يقوم بشؤونهم، وأمام هذه الأوضاع المأساوية وقفت والدتها عاجزة عن فعل شيء لها.

الفتاة «ذكريات»


تكاليف العلاج باهظة

يُكلّف العلاج اليومي لذكريات نحو 11500ريال، وهو مبلغ كبير جداً ولا تقوى أسرتها على توفير ولو جزء بسيط منه.

وحينما أدخلت للعلاج بمشفى الثورة بفضل فاعلي خير لم تجد ذكريات أيادي بيضاء تمتد لمساعدتها وتمكنها من مواصلة العلاج، ولم تجد من يُخفف عنها وطأة المها؛ ليخرجها من معاناتها.

وأمها المغلوبة على أمرها تُناشد الجهات المعنية والحكومة الشرعية وفاعلي الخير والإحسان النظر لوضع ابنتها وحالتها المتدهورة يومًا بعد آخر.

فهل من مستجيب لمناشدتها ويُعيد لها الابتسامة على شفتيها ويخرجها من هامش الحياة التي تعيشها؟

سام ومعاناة المرض

يُعاني الطفل سام مطهر محمد قاسم (11 عاما) هو الآخر من الكولوستومي (انسداد خلقي في فتحة الشرج)، وهو مرض خلقي،

ولا يوجد لديه مكان للتبرّز غير تلك الفتحة المثقوبة في بطنه».

أجرى سام عمليتين في مستشفى الروضة، ولم تكلل بالنجاح لصعوبة العملية، ويحتاج إلى عملية خارج البلاد بحسب التقرير الطبي.

وتكرمت السفارة التركية بعد متابعة متواصلة بإجراء العملية فقط، فيما تبقى له قيمة التذاكر، والعلاج، وتكلفة الإقامة، وأجر المترجم.

أسرته الفقيرة والمغلوبة على أمرها تُناشد أصحاب الأيادي البيضاء وفاعلي الخير ومنظمات الإنسانية المعنية مساعدتها بتوفير قيمة السفر والعلاج وتكلفة الإقامة لتتمكن من إجراء العملية قبل فوات الأوان.

معاناة مستمرة

يُعاني سام منذ ولادته من هذا المرض الخلقي الذي أرهقه وأسرته بالبحث عن حل له، وجعلهم يتعهدون أزقة المستشفيات الخاصة والعامة، بعد أن أجروا له عددا من العمليات كتب لجميعها الفشل.

تقول أم سام: « أجرينا له عملية في المستشفى الكندي قبل الحرب، وأربع عمليات أخرى في مستشفى الثورة بتعز، وبسبب قصر المستقيم عن مكان فتحة الشرك، لم يتمكن الدكاترة من وضع حل له، وقد نصحنا الدكاترة أن نُسافر به لخارج البلاد».

وتضيف في حديثها لـ«الأيام»: «ثلاث سنوات ونحن نتابع محمد العامري الذي يوعدنا بتسفير سام يوما بعد يوم للخارج ولكن لم يفِ بوعده، في الوقت الذي سافر فيه الكثيرون ممن لهم الوساطات والمحسوبيات.
الطفل سام


وما مكّن سام من فرصة لإجراء العملية بتركيا هو ابن جاره الذي سافر للدراسة هناك، حيث ظل يعامل عن طريق علاقته الخاصة بالسفارة التركية، حتى تمكن من إخراج منحة لإجراء العملية فقط، بشروط صعبة، حسب قول أمه، ليتبقى الهم الأكبر بتوفير التذاكر والعلاج وقيمة السكن هناك، إلى جانب تكلفة المترجم».

يحلم الطفل سام أن يعيش كبقية أصدقائه بعد تحمله للبلاء الذي ابتلاه الله به منذ ولادته.

وعلى الرغم من الحالة النفسية الصعبة التي يعيشها سام كل يوم، إلا أن هذه المنحة والفرصة العلاجية خلقت لديه كمية كبيرة من التفاؤل، مع أنه ما زال يخالجه بعض من القلق من عدم التمكن من توفير تكاليف السفر ومتطلباته».

أسرة معدمة

يعيش سام في وسط أسرة معدمة وفي بيت إيجار بمنطقة حوض الأشراف في محافظة تعز وقريبة من أماكن الاشتباكات وسقوط القذائف.

فالوضع المادي لدى أسرته صعب ولا يمكنهم من تحمل إيجار في منزل بحي آمن.

والد سام لا يقوى على فعل شيء، فهو متقاعد قديم من الجيش، وحالته المادية لا تسمح له إلا بتوفير القوت الأساسي.

تقول والدة سام: «مرض سام جعلنا نستنزف كل مقوماتنا ومدخراتنا، وقد بعنا أشياء كثيرة في سبيل علاجه إلى أن وصلنا لمرحلة العجز عن فعل شيء له، ونتمنى من وزارة الصحة والحكومة الشرعية وفاعلي الخير والجهات المعنية النظر إلى وضعنا وحالة ابني، لنتمكن من تسفيره».

أمل بلا أمل

ليس هناك أشد وأقسى من أن ينالك مرض وأنت وحيد، تتهاوى على إثره أجزاؤك، وتنغلق أمامك كل الخيارات للنجاة، حينها تستسلم للآلام والقضاء والقدر.

كحال الطفلة أمل زائد محمد قائد التي نال منها المرض منذ ولادتها، وأصبحت أسيرة مُكبلة بأوجاعها، وأوجاع أخرى خلفتها لأسرتها وهم يبحثون عن سبيل للتخفيف عنها، وعن أنفسهم.

تعيش أمل مع عائلتها المكونة من سبعة أشخاص أصغرهم طفلة بعمر شهرين، في منزل قديم، بجانب مستشفى المظفر، بعد أن سلبت منهم الحياة الراحة بسبب مرض ابنتهم التي ابتلاهم الله بها، وصبروا لابتلائه، غير أن صبرهم على الجوع والفقر لا يقوون عليه.

وأوضح الدكاترة المختصون بمرض أمل، بعد تشخيص حالتها، أن السائل الموجود بالدماغ أدى إلى ضمور بخلايا المخ وانتفاخ شديد بالرأس وفقدان البصر والسمع». وهو ما جعلها تعيش وجع المرض والحرب معا.

أم الطفلة أمل


وأجريت لأمل عدة عمليات بالدماغ انتهت بالفشل لعدم وجود التشخيص الصحيح والإمكانات الطبية المناسبة لحالتها التي يقول بعض الدكاترة إنه ميؤوس منها، ولا حل لها سوى استخدام الأدوية وانتظار رحمة الله، فيما يرى آخرون بأنه من المُمكن وضع حل لها إذا ما تم تسفيرها للخارج».

معاناة واحتياج

بدأت معاناة أسرة أمل منذ ولادتها بعد أن كانت قد اتعبت أمها في حملها بسبب كبر رأسها، ما جعل أمها تُعاني أيضاً من ويلات المخاض.

أتت أمل، وبدأت معها رحلة صعبة مع هم الحياة المصاحب لمرضها.

تنام أمل في بيتها مشلولة تمامًا لا تتحرك أو تعبر عن أي ألم يصيبها، وكثيرًا ما تُعاني من التقرحات بسبب رقودها المستمر على الفراش، وبسبب الحفاضات التي تحتاجها بشكل يومي.

وكل ما تطلبه هذه الأسرة هو توفير الأدوية التي تصل قيمتها شهريًا إلى 20000 ألف ريال، بالإضافة إلى المواد الغذائية الخاصة بها كالحليب والبسكوت، لكونها غير قادرة على ابتلاع الأطعمة العادية.

*بحاجة لوقفة إنسانية

تقول رئيسة مؤسسة الفؤاد الخيرية عفاف مكي، والتي كان لها دور ملحوظ بتوفير بعض احتياجات أسرة أمل: «إن حالة الطفلة تحتاج لتضافر جهود كل رجال الخير والمؤسسات الخيرية والإغاثية؛ للتخفيف من معاناتها وأسرتها، وكذا لتحمل المسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاههم».

وتوضح مكي في تصريحها لـ«الأيام» أن «مثل هذه الحالات بحاجة إلى تدخل الجهات الرسمية والمنظمات الكبيرة؛ لتقوم بدورها في تحمل أعباء مثل هذه الأسر التي يوجد مثلها الكثير في المحافظة مع اختلاف المعاناة والأمراض».

وضع معيشي صعب

مقومات الدخل لدى هذه الأسرة شبه معدومة، فوالدها المغلوب على أمره عاطل عن العمل، ولا يقوى على فعل شيء بعد أن هزمته الحياة بمرض ابنته التي ظل يبذل قصارى جهده طيلة السنوات الماضية لعلاجها دون جدوى.

كما أن أمها لا تمتلك أي مصدر دخل سوى ما يقدمه البعض من فتات لسد رمق جوعهم، رغم متطلبات ابنتهم وبقية أفراد الأسرة البالغ عددهم سبعة أشخاص.

وعبر «الأيام» توجه والد أمل بمناشدة كل رجال الخير وأهل العطاء «التدخل للتخفيف عنه وعن أسرته في تحمل متطلبات ابنته اليومية التي يعجز عن توفيرها، فضلاً عن عجزه بتوفير الاحتياجات الأساسية اليومية».

تقرير/ صلاح الجندي ​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى