الانقلابيون يفصلون آلاف الموظفين بصنعاء ويستبدلونهم بـ«هاشميين»

> صنعاء «الأيام» خاص

>
أقدمت جماعة الحوثي المسيطرة على صنعاء وبعض المحافظات الشمالية على حرمان عشرات الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين وإحلال بدلاً عنهم من عناصر تابعة لها، فضلاً عن العبث بسجلات الخدمة المدنية وشؤون الضباط والأفراد العسكريين.

وأكدت مصادر بوزارة الخدمة المدنية بصنعاء لـ«الأيام» أن «توجيهات صدرت لإنزال نحو 46 ألف موظف مشتبه بالازدواجية أو لم يدخلوا بنظام البصمة والصورة في وقت سابق».
واعتبر مختصون بأن «هذا الإجراء فاشل، لاعتماد المليشيات على نظام البصمة والصورة الذي اتخذته حكومة علي مجور عام 2009م، الفاشل أصلاً فنًيا وتقنيا».

وأوضحت المصادر بأن «الحوثيين استثمروا ذلك النظام لمصلحتهم بإجراء عملية مراجعة وحساب لرواتب أولئك الموظفين، والتي تتجاوز عشرات الملايين، بتسخيرها لدعم جبهات القتال الخاصة بها».

وفي الوقت الذي يصطف فيه المئات من الموظفين المراجعين أمام وزارة الخدمة المدنية بصنعاء لإعادة أسمائهم والتأكيد من إجرائهم البصمة المثبتة لديهم، أقدمت المليشيات على إنزالهم للاشتباه، أو لوجود معلومات من خلياهم التجسسية بأنهم مزدوجون أو أنهم يستلمون من حكومة الشرعية في المحافظات الخاضعة لسيطرتها كعدن ومأرب ومحافظات أخرى.

تجاوز للقوانين
ومنذ سيطر الانقلابيون على الحكم مارسوا أبشع أنواع الأساليب الوظيفية العنصرية والطائفية التي يصفها خبراء ومختصون، بالعفنة والمنتهكة لكل القوانين واللوائح والأنظمة، بحق كل من لا ينتمون للسلالة الهاشمية.
وأوضحت مصادر لـ«الأيام» بأن «حسن المؤيد، الذي تم ترقيته مؤخراً من قبل الحوثيين من مختص إلى وكيل وزارة لقطاع المعلومات، هو من أسقط الموظفين خلال الشهر الجاري».

وهو الأمر الذي اعتبره مختصون إداريون وماليون، مجزرة قذرة طالت موظفي الدولة في إطار توجه حثيث لاستبدالهم بعناصر من الجماعة أو موالية لها.
فيما وصف آخرون ذلك الإجراء بـ«المؤامرة على الموظفين، والهدف منه نهب نصف الراتب الذي يصرفونه للموظفين كل أربعة أو خمسة أشهر».

وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان الجماعة عزمها صرف نصف مرتب للموظفين الحكوميين بمناسبة شهر رمضان الفضيل.

وتسيطر المليشيات على صنعاء وغالبية المحافظات الشمالية منذ 21 سبتمبر 2014م، تمكنت خلالها من الاستحواذ على جميع الموارد الرئيسة للدولة كالضرائب والجمارك والزكاة والواجبات، والمقدرة بمئات المليارات شهريًا، إضافة إلى الإتاوات والجبايات الأخرى التي فرضتها على جميع المتاجر وشركات ومؤسسات القطاع الخاص.

فصل المئات من وظائفهم
وفي وقت سابق قررت المليشيات وضع قائمة بأكثر من 500 موظف، بينهم 300 صحافي، ورفعتها إلى وزارة الخدمة المدنية لفصلهم وشطب أسمائهم من كشوفات الراتب، وذلك بحجة تغيبهم وانقطاعهم عن العمل.

وأفادات مصادر من داخل مؤسسة الثورة لـ«الأيام» فإن «هذا العدد الضخم من الكوادر الصحافية والإعلامية، والذين قررت الميليشيات إعدامهم وظيفيًا وقطع أرزاقهم، ليسوا متغيبين عن العمل اختياريا، وإنما اضطروا خلال الفترة الماضية إلى المكوث في منازلهم أو النزوح إلى خارج صنعاء، فيما غادر بعضهم البلاد نتيجة مضايقات الحوثيين واتهامهم بالعمالة بسبب اختلاف التوجهات، وقيامهم بإحلال كوادر أخرى في مناصبهم ووظائفهم من الموالين لها».

ومنذ اقتحام المسلحين الحوثيين لمؤسسة الثورة في ديسمبر 2014م وطردهم لقيادة المؤسسة الشرعية وتعيين دخلاء على المهنة، تعرضت المؤسسة الصحافية لعملية نهب منظم وفساد مالي وإداري غير مسبوق، ما حدا بعشرات الصحافيين والموظفين إلى تنظيم عدة وقفات احتجاجية قوبلت بالقمع والتنكيل من جانب الميليشيات.

وفي السلك العسكري قطع الانقلابيون أرزاق الآلاف من الضباط والجنود المنتسبين لعدد من الألوية العسكرية، بحجة عدم قتالهم وذهابهم إلى جبهات القتال في صفوفهم.
وقامت المليشيات باستبدال الجنود بغيرهم، فيما عملت على إيقاف رواتب الضباط.

وأفادت مصادر بوزارة الداخلية عن «إقدام الحوثيين بإحالة 13 ألفا للتقاعد القسري».
كما عبثت المليشيات بسجل الترقيات وتسخيرها لعناصرها دون غيرهم ضاربة عرض الحائط بأصحاب المؤهلات والدراسات الأكاديمية.

وشهدت الدوائر الحكومية الواقعة تحت سيطرت المليشيات خلال الفترة الأخيرة أكبر موجة اجتثاث للوظائف والموظفين في هذه الدوائر، بذرائع واهية، منها الانقطاع عن العمل، أو الازدواجية.

إحلال موظفين بآخرين
وأوضحت وثيقة، تحصلت «الأيام» على نسخة منها «إقدام وزارة الخدمة المدنية بحكومة الانقلاب على تنزيل وتوقيف مرتبات موظفين في وزارة العدل، تنفيذا، لِما أسمته «التعميم المشترك رقم (28) لسنة 2018»، والموجهة إلى كافة وحدات الخدمة العامة بشأن موافاة وزارة الخدمة المدنية والتأمينات بالكشوفات والبيانات المطلوبة لاستكمال أخذ البصمة والصورة، وتنظيف كشف الراتب من الموظفين المزدوجين والوهميين وبقية الاختلالات القائمة.

ولفتت المذكرة المؤرخة في 17 مايو 2018م، وتحت توقيع وزير الخدمة الحوثي طلال عقلان، إلى أنه وتنفيذا للتوجيهات العليا الصادرة بضرورة تنظيف كشف الراتب من الموظفين المزدوجين والوهميين وبقية الاختلالات القائمة، قامت وزارة الخدمة المدنية بمخاطبة وزارة المالية بتوقيف وتنزيل بعض الاختلالات التي تم الكشف عنها من المصرحات الشهرية ابتداء من شهر أغسطس 2017م.

وبحسب المذكرة، تم تنزيل 50 % من مرتبات 13 موظفا بوزارة العدل بمبلغ يصل إلى أكثر من مليون و390 ألف ريال «1,390,103.33» ريال، كونهم موفدين، وكذا تنزيل مرتب موظف واحد بمبلغ «52,050»، كونه مزدوجا وظيفيا، وتنازل عن وظيفته طوعيا.
وتم تنزيل مرتبات 63 موظفا بمبلغ يصل إلى أكثر من خمسة مليون و800 ألف ريال «5,849,227.05»، كونهم منقطعين ومرتباتهم تصرف، وتوقيف مرتبات 16 موظفا بمبلغ يزيد عن مليون و400 ألف ريال «1,487,061.98» ريال، كونهم مزدوجين وظيفيا بالبصمة والصورة.

كما تم توقيف مرتبات 64 موظفا بمبلغ يزيد عن «77» مليون و700 ألف ريال، «77,102,370.24» ريال، كونهم متخلفين عن أخذ البصمة والصورة.
وطبقا للمذكرة، بلغ عدد من تم توقيف وتنزيل مرتباتهم في وزارة العدل 733، بمبلغ إجمالي يصل إلى أكثر من «85» مليون ريال شهريا «85,880,777.75» ريال.

وأشارت المذكرة إلى أن «فترة الإيقاف بدأت من 3 مارس 2018م وستستمر لمدة ثلاث أشهر كفرصة أخيرة للموظفين لتصحيح أوضاعهم، مالم فسيتم تنزيلهم نهائيا».

الفساد أم الجرائم
ويرى موظفون ومواطنون بأن «محاربة الفساد وتصحيح الاختلالات الإدارية ليست في أخذ الصورة والبصمة بل في إيقاف غول الفساد الرافض تسليم رواتب الموظفين لأكثر من «19»شهرًا ويتسبب في حرمان وجوع وفقر وموت الآلاف».

فيما يؤكد آخرون بأنه «كان يتوجب على المليشيات انتزاع الأموال المسروقة والمنهوبة من بدرومات المشرفين، وكذا صرف حقوق الموظفين، لا أن تلجأ إلى حيلة لاستبعاد الموظفين دون وجه حق، ومساعدة المليشيات في توفير وظائف جديدة لعناصرهم وتوفير مصدر آخر لتمويل جبهاتها».

عاصفة حزم وعدوان حوثي
 ووصف مراقبون إسقاط وزارة الخدمة المدنية والتأمينات بصنعاء 1500 موظف وموظفة من كشوفات المرتبات من مكتب التربية والتعليم بـ«العاصفة».

وفي محافظة إب أقدمت على إسقاط 360 موظفًا من كشوفات مرتبات جامعة إب فضلاً عن المكاتب الحكومية بالمحافظة والمحافظات الأخرى وفق عاصفة حزم تصحيحية، بحسب قول الوزارة التابعة للانقلابيين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى