ضعف الرقابة على التجار أحال حياة أبناء عدن جحيما

> تقرير/ نوارة قمندان

> تعيش العاصمة عدن وأهلها منذ تحرير المدينة من مليشيات الحوثي وقوات صالح في يوليو 2015م، أزمات متسلسلة ومتفاقمة  بدءا بدمار البنية التحتية ثم التدهور الاقتصادي، فانهيار العملة المحلية.
أزمات ألقت بظلالها على مختلف الجوانب الحياتية والمعيشية، لدى سكان العاصمة.
وشجعت الأوضاع الحالية وغياب الرقابة الموردين من التجار بفرض قيمة خيالية للسلع المستوردة من الخارج، والتي راح ضحيتها المواطن والتاجر الصغير على حد سواء.
يقول جهاد محمد، وهو مالك محل ملابس أطفال: «أغلب بضائعنا نأخذها من تجار الجملة والأخرى نستوردها من دولتي الهند والصين، حيث يتم إضافة فوائد مركبة على سعر البضاعة المشتراة لتوفير مرتبات العاملين وإيجار المحل، وقيمة فواتير الماء والكهرباء، وما نتمناه هو وضع قيادة أو رقابة تعمل على تقييم السلع الواردة وحساب الفائدة التي يتم إضافتها لتوحيد السعر بين كافة المحلات، وكذا وضع تسهيلات لموردي البضائع، والتقليل من المبالغ الجمركية لتصل السلعة للمواطن بأقل الأسعار».
فيما يقول وليد بالخير، تاجر جملة: «أقوم بشراء بضاعة مستوردة من الخارج لتتناسب مع إمكانية المواطن العادي، ولكن الدولة تفرض علينا مبالغ جمركية كبيرة».
وأوضح بالخير أنهم يعانون من مشكلة الجمارك منذ فترة ما قبل الحرب، «ولكنها تزايدت في الوقت الحاضر بشكل كبير جداً، الأمر الذي ظهرت آثاره السلبية على قيمة السلع المتواجدة في السوق»، كما أشار إلى أن «قيمة توصيل البضاعة عبر البر ارتفع هو الآخر لارتفاع سعر المشتقات النفطية». وبسبب تصاعد سعر البضاعة لجأ إلى تجار (الوتس آب) كما قال، لتسويق بضائعه للمواطنين وبيعها بتسهيلات عبر نظام (الأقساط).
التعامل بالعملة الصعبة
وقال أحمد صالح، وهو مالك محل ملابس نسائية: «نتعامل مع التجار بالعملة الصعبة، وبسبب ارتفاعها تتغير حركة سير المبيعات، وبسببه أيضاً اختلف تعامل التجار معنا، فمثلاً ذهبت قبل فترة إلى تاجر الأقمشة لاستلام بضاعتي وصدمت حينما قام بتغيير البضاعة التي اعتدت على شرائها منه، مبرراً تصرفه ذلك بأنه طلب من المصنع تجهيز بضاعة لي بما يتناسب مع المبلغ الذي قدمته له».
وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: «كنتُ آخذ من التجار بضائع كبيرة وأسلّم قيمتها بالأقساط، بعكس ما هو حاصل الآن، فالتجار لا يتعاملون إلا بالنقد».
وتابع: «حالة المواطنين الصعبة أجبرتنا على استبدال كثير من الخامات الجيدة ببضاعة متوسطة السعر ليتمكنوا من شرائها».
استغلال غياب الرقابة
وأعاد طارق عبد الكريم، مالك محل أقمشه رجالي، الارتفاع الكبير في الأسعار خلال شهر رمضان عن الأشهر التي سبقته إلى «عدم ضبط البنك المركزي للعملة وإغراق السوق بالدولار».
وأوضح لـ «الأيام» أن «معظم التجار عمدوا إلى خزن بضائعهم، وعند ارتفاع الدولار في شهر نوفمبر أخرجوها إلى السوق وبيعها بهدف تحقيق أكبر قدر من الربح، فمثلاً كانت قيمة المتر النسيج 250 ريالا وتباع في الوقت الحالي بـ 600 ريال، وهو ما يكشف مدى استغلال التجار لغياب الدولة والرقابة لمصالحهم الشخصية».
وأوضح أكرم باحكيم، مالك محل أحذية، أن «الحرب التي شنها الحوثي على عدن أدت إلى تردي الاقتصاد بشكل كبير جداً، وأصبح على إثرها المواطن يُطحن بين حجري رحا الحكومة والتاجر، وما كان يأخذه المواطن بالأمس تخلى عنه اليوم واستبداله ببضائع رخيصة».
محمد مرشد، مالك محل حقائب نسائية، أشار في حديثه لـ«الأيام» إلى أن للتلفاز تأثير كبير على الكثير من النساء لدرجة جعلهن يهتممن بمظاهرهن أكثر من الأشياء الأساسية.
وأكد مرشد بأنه لا يفكر باستبدال بضاعته الجيدة ذات القيمة المرتفعة بأخرى حتى لا يفقد سمعة محله، خصوصاً أنه لا يجد أي صعوبة في بيعها على الكثير من النساء اللواتي يبحثن عن الماركات العالمية. حد قوله.
كما أكد جميل عارف، وهو مالك محل عطور، أن نسبة المبيعات لديه لم تختلف كثيرًا عن السابق، لتناسبها مع كافه المستويات، وقال: «عملية البيع والشراء ستستمر في ظل ارتفاع أو انخفاض الأسعار، فلا يمكن للمواطن أن يتوقف عن الشراء، فكما يُقال الحياة ماشية ماشية».
وأردف: «أنا أحد المواطنين المتضررين من رفع الأسعار، وما نحن عليه اليوم هي الحرب الحقيقة، حيث تُمارس الحكومة علينا أسلوب الضغط الذي عادة ما يتولد عنه الانفجار».
  شكاوى
وحاولت «الأيام» اللقاء بمدير الجمارك بميناء المعلا لمعرفة الأسس التي يتم تسعير البضاعة من خلالها، وهل من فارق في قيمة الجمارك بين تاجر وآخر، وإلى من يعود سبب ارتفاع الأسعار؟ ولكن لم تتمكن من اللقاء به لعدم تواجده في مكتبه.
بدوره أوضح مدير رصيف ميناء المعلا أحمد حسين لـ«الأيام» أن وظيفتهم تقتصر على استقبال البضائع القادمة من دول الخارج إلى عدن عبر الميناء لأخذ عينة منها لفحصها بعملية لا تأخذ أكثر من ساعتين.
وأضاف: «موانئنا الوحيدة التي تأخذ أقل قيمة على البضائع مقارنة بالموانئ الخارجية، والتي لا تتعامل إلا بالدولار، حيث إن ما نأخذه يتراوح ما بين 20 إلى 40 % ، وبالعملة المحلية».
وقال: «هناك الكثير من التجار تقدموا بشكوى من أن بضاعتهم تظل معلقة في معظم الدول العربية بعد التفتيش، وقد تبقى في عهدتهم لعدة شهور، وكل تأخير يدفع قيمته التاجر بالدولار، ولهذا يلجأ التاجر لتعويض خسارته برفع سعر البضاعة على تجار الجملة الذين بدورهم يرفعون سعرها على أصحاب المحلات، بهذا تصل السلعة للمواطن بسعر غير مقبول».
 





> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى