الحوثيون يغلقون المساجد بصنعاء ويمنعون أداء التراويح فيها

> صنعاء «الأيام» خاص

>
 اختلف شهر رمضان في صنعاء هذا العام تمامًا عمّا كان عليه قبل سيطرة الانقلابيين على الدولة بعام 2014م، حيث اختفت على إثره الكثير من العادات وما كان يُميّز هذا الشهر من مميزات عن غيره من أشهر السنة.

وساد أيام هذا الشهر ومازال الكثير من الحزن والمعاناة التي خلفتها الحرب الدائرة في البلاد لنحو أربع سنين، كما تسبب الانقلابيون بسرقة فرحة الصيام من قلوب المواطنين وحرمانهم من روحانيته، لاسيما بعد فرضها على أئمتها وخطبائها بالعمل على نشر ثقافة الجماعة الشيعية.

فيما باتت شوارع صنعاء التي كانت تعج في شهر الصيام بالباعة المتجولين وصانعي الحلويات والعصائر المخصصة لإفطار الصائمين، فارغة على غير عادتها، نتيجة لضعف القدرة الشرائية للسكان، الذين يبدو أنهم أسقطوا من لائحة احتياجاتهم كل السلع غير الضرورية.. في الوقت الذي قال فيه سكان إن الحوثيين «اعتقلوا طقوس رمضان وازدحامه بقمع وتجويع السكان».

وسلب الانقلابيون في صنعاء والمناطق اليمنية الخاضعة لهم فرحة ملايين السكان المعتادة بشهر رمضان، جراء أعمال القمع المستمرة بحق المعارضين، ورفع أسعار المشتقات النفطية، والتضييق على المساجد لوقف صلاة التراويح، فضلاً عن الغلاء المتصاعد في أسعار السلع الأساسية بسبب إجراءات الجماعة، والاستمرار في حرمان الموظفين من رواتبهم للشهر الـ19 على التوالي.

وقال مواطنون لـ«الأيام» إن «الحوثيين اقتحموا في رمضان عدداً من المساجد عنوة، وأغلقوا مكبرات الصوت في أثناء صلاة التراويح، في حين تطورت الأمور في الأحياء الشمالية من صنعاء إلى قيام عناصر مسلحة من الجماعة بإغلاق المساجد، ومنع المصلين من أداء صلاة التراويح».
نكهة خاصة
لرمضان في مدينة صنعاء القديمة نكهته الخاصة التي يحكيها ويتناقلها جميع السكان، فهذه المدينة تبدأ يومها الرمضاني بحركة خفيفة في شوارعها المرصوفة وتتصاعد تدريجاً حتى تبلغ ذروتها مع اقتراب موعد الإفطار، اذ تخلو الشوارع مجدداً من المارة الذين يذهبون إلى مساجد المدينة أو لمنازلهم.

وتنفرد هذه المدينة القديمة بنظام اجتماعي عريق يميزها بكثير من العادات والتقاليد الرمضانية، كما تتميز المدينة بموائدها الرمضانية التي تكتسب صبغة فريدة تجعل منها مثار إعجاب الكثيرين ممن زاورها.
الجامع الكبير ودوره
وتتفرد هذه المدينة بطابعها الروحي الخاص اذ تتشكل كثير من حلقات قراءة القرآن في مساجدها الشهيرة، ومن أبرزها الجامع الكبير الذي يمنح المدينة ميزة روحية فريدة لا تمتلكها مدن أخرى، ويعد ذلك انعكاساً لمكانة الجامع الكبير في صنعاء كواحد من أهم وأقدم الجوامع في اليمن والجزيرة العربية عموماً، إضافة إلى دوره الريادي كمدرسة إسلامية عريقة ملهمة روحياً لكثير من الباحثين عن الاطمئنان والسكينة بعيداً عن ضجيج الحياة.

ويقدم الجامع الكبير الذي يتوسط مدينة صنعاء القديمة دوراً اجتماعياً مهماً في حياة ساكني المدينة حيث يجتمع أهالي المدينة في حلقات إفطار جماعية في صحن الجامع، تعكس حالة من التكافل الاجتماعي الذي يبلغ ذروته في هذا الشهر الفضيل.
طائفية عقيمة
المساجد اليمنية التي عرفت منذ زمن بعيد بخطابها الوسطي والقبول بالآخر والتنوع المذهبي، باتت طائفية منفرة للمصلين، وبحسب أحد سكان صنعاء القديمة فإن المسجد الذي اعتاد أن يصلي فيه منذ كان في العاشرة تحول بعد الانقلاب الحوثي إلى منبر للخطاب الطائفي العقيم.

وقال: «لم يعد رمضان مثل السنين الماضية، فقد بات المسجد يحمل وظيفة التحشيد الطائفي والخطاب التحريضي، ولم يعد مكانًا للروحانية وقراءة القرآن، والشعور بالطمأنينة».
ويتّبع الانقلابيون استراتيجية فرض خطابهم الشيعي بالقوة، في المنابر ووسائل الإعلام المملوكة للدولة والتابعة لهم، أمر يراه الكثير من سكان اليمن «ابتعادًا عن قيم التسامح الديني وفرض معتقدات غريبة على اليمنيين».

ويجمع المواطنون في أحاديثهم لـ«الأيام» بتغير الكثير من العادات الرمضانية منذ اقتحام الحوثيين لصنعاء والسيطرة على المساجد في الكثير من المناطق، لتكون شعاراتها الشيعية جزءًا من فرض فكرها بالقوة على اليمنيين الذين يؤمنون بالتعددية الفكرية واختلاف المذاهب الإسلامية.

وأضافوا: «المعتقدات الشيعية التي تروج لها جماعة الحوثي لا تمت بأي صلة لما تربى عليه أبناء اليمن».
فيما رأى آخرون أن شهر رمضان جاء كفرصة جديدة للحوثيين لتسويق افكارهم في اوساط الشباب والمراهقين وصغار السن».
حلقة قرآنية
وتتحول صنعاء في شهر رمضان إلى حلقة كبيرة لقراءة القرآن فينتشر القراء على جنبات الشوارع والأرصفة والزوايا، كما يزدهر بيع «السبحات» المصنوعة من الأحجار الكريمة والحوامل المزخرفة للقرآن.
وتشتهر مدينة صنعاء في رمضان بحلقات الإنشاد الديني الذي يركز على مواضيع روحية صوفية صرفة.

وتعد فرق الإنشاد سمة ثقافية بارزة من سمات المدينة العريقة التي ينتسب إليها أشهر المنشدين اليمنيين قديماً وحديثا.
وتُعد الأسواق القديمة أبرز ملامح المدينة، ويعد «سوق الملح» الشهير أبرز المعالم التي تجتذب السياحة الداخلية بعد أن تسببت الأحداث المتتالية في اليمن بتوقف السياحة الخارجية التي ساهمت في السنوات الماضية في إنعاش الحركة الاقتصادية في أقدم وأعرق أسواق اليمن.

ويتميز «سوق الملح» بأنه مجمع فريد يحوي في داخله العديد من الأسواق الفرعية المتخصصة، فهناك سوق متخصص لبيع أنواع الحبوب إلى جانب أسواق لبيع الفضيات والنحاسيات وأخرى لبيع العقيق والحجارة الكريمة. كما تضم المدينة أشهر الأسواق التي تبيع أثمن أنواع الخناجر اليمنية «الجنابي».

وتحوي عدداً من المطاعم الشعبية التي يبدأ نشاطها بعد آذان المغرب مباشرة، وتقدم الكباب البلدي «القنم» و«السلتة» و«الكدم» التي تعد من أشهر أطباق المائدة التقليدية اليمنية التي تتقن مطاعم صنعاء طبخها وفقاً لأصولها القديمة.
وتشتهر مدينة صنعاء القديمة على مدار السنة وخصوصاً في رمضان بصناعة أنواع متعددة من الحلويات والمشروبات مثل «الرواني» و«بنت الصحن» وعصائر الزبيب والشعير المحلاة.

 ويرتدي سوق الملح في الشهر الفضيل، حلة جديدة حيث يعج السوق بالمتسوقين الباحثين عن مستلزمات الشهر الكريم كما تعرض بكثافة البضائع المتعلقة بالشهر وخصوصاً المأكولات الصنعانية الشهيرة التي لا تخلو مائدة منها.

وعلى رغم حفاظ مدينة صنعاء القديمة ببريقها التقليدي وروحها الأصيلة، إلا أن الزائر للمدينة في رمضان هذه السنة، يلحظ مسحة من الحزن تكسو الكثير من مناحي الحياة في ظل تصاعد شبح الحرب الذي اقترب أكثر من أي وقت مضى من روح المدينة التي باتت تخاف الغرباء أكثر من أي وقت مضى بعد عملية إرهابية طالت أحد مساجدها، كما طالت فنها المعماري الحضاري الأصيل ورونق جمالها بشعارات طائفية الحوثي وعنصريته.
كما تتبدى للزائر علامات الإنهاك التي لحقت ببنيتها التجارية جراء تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى