الشعوب لا تنسى..!

> مازن الشحيري

>
أبدأ مقالي بحادثة شهيرة حصلت في مباراة وحدة عدن ووحدة صنعاء في ملعب الحبيشي بعدن في أول دوري لكرة القدم بعد حرب صيف 94 التي اجتاحت بها القوات الشمالية الجنوب، وكنت أنا أحد الحاضرين في تلك المباراة في المدرجات الخاصة بمشجعي وحدة عدن.. ولن أدخل في تفاصيل كثيرة تخص تلك المباراة، لكن سأركز على حادثة واحدة كنت أنا شخصياً شاهدا عليها، فبعد ضرب الرصاص الحي ومسيلات الدموع من قبل الأمن المركزي على جماهير وحدة عدن بسب هتافات الجمهور التي لم تعجب جنود الأمن المركزي حينها، تقدم نجم نادي وحدة عدن وجدان شاذلي اللاعب الخلوق إلى أمام مدرجات جمهور نادي وحدة عدن يطلب منهم الهدوء وعدم إعطاء فرصة لإيقاف المباراة تحت أي ظرف، وهذا ما شهدته بأم عيني.. لكن للأسف استمر الأمن المركزي بضرب الرصاص الحي ومسيلات الدموع على الجماهير مما أدى إلى إلغاء المباراة وحصول إصابات كثيرة بين الجماهير واختناقات لأغلب الجماهير وأنا من ضمنهم.

 لكن القصة لم تنته هنا، فقد تفاجأت أنا شخصيا وكل الجماهير عندما قرأنا بعد إلغاء المباراة القرارات من اتحاد الكرة التي كان أبرزها توقيف لاعب نادي الوحدة العدني وجدان شاذلي بتهمة تحريض الجماهير على العنف وخصم النقاط على نادي الوحدة العدني واعتبار وحدة صنعاء فائزا في المباراة.. تزيف وقلب للحقائق عيني عينك كما يقول المثل، مستغلين السيطرة العسكرية والسياسية في كل شيء، ولاعتقادهم أن مثل هذه الأحداث غير مهمة وستمر مرور الكرام في ظل سيطرتهم على كل شيء في البلاد، فلا أحد يستطيع محاكمتهم أو محاسبتهم أو حتى مجرد  الاعتراض عليهم.

 لكن هذه الحادثة البسيطة في نظرهم وأمثالها الكثير والكثير من الظلم وتزييف الحقائق للأمور تبدو أنها صغيرة وعابرة ولا تؤثر بمنظور المستبد والظالم إلا أنها هي من تدمر أي مشروع وأي حكم مهما بلغت قوته ومهما بلغت سيطرته، وتتحول تلك الأحداث العابرة إلى أحداث تاريخية عظيمة تغير الواقع والتاريخ، فرغم مرور أكثر من ربع قرن لازالت هذه الحادثة تشكل لي ولغيري من أبناء بلادي عنواناً للاضطهاد والظلم والاستبداد الذي قد ننسى أمورا كثيرة حصلت لنا في حياتنا لكن لن ننسى تلك الأحداث أبداً وسوف نحكيها لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا.. فالظلم وتزييف الحقائق قد يحصل في أي مجتمع أو نظام كحادثة عابرة حتى وإن كانت حادثة عظيمة، وقد ينساه الناس مع مرور الزمن، لكن عندما يكون الظلم والتزييف أسلوبا متبعا بشكل ممنهج ومنظم لم ولن ينساه الناس حتى وإن كان عبارة عن ظلم وتزييف في أحداث مباراة كرة  قدم.

لذلك أحببت أن أذكّر القائمين على أحوال الناس الآن أن يأخذوا العبرة، فالشعب الذي لم ينسَ ظلمه في مباراة كرة قدم لن ينسى الظلم الواقع عليه حالياً في كل جوانب حياته المعيشية مهما صغر  أو كبر في أعينكم ذلك الظلم، ولن تنطلي عليه الأكاذيب وتزييف الحقائق مهما بلغت، طال الزمن أو قصر.. فما بالكم بمن يطلبون من الشعب أن ينسى دماء شهدائه وتضحيات أبنائه ونضاله الطويل لتحقيق أهدافه..
 نقول لأولئك القائمين على أحوال الناس، فكروا كثيراً وراجعوا التاريخ، فإن نسيتم أو تناسيتم فالشعوب لا تنسى ولا تتناسى، وسنقول لكم على نفس لحن أهازيج نادي وحدة عدن: جمهورية.. جمهورية.. ما نشتى وحدة ولا فيدرالية.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى