الجنوب.. ملامح المستقبل

> عبدالقوي الأشول

>
لا أخفي درجة امتعاضي عند قراءتي بعض الآراء والتوقعات بشأن الجنوب ومستقبله، وتستفزني أكثر التناولات غير الموضوعية لبعض الكتّاب من الخارج، خصوصاً أولئك الذين يتعمدون استحضار الماضي كمدخل للنيل من الحق الجنوبي، حتى إن ما يتم استعراضه من قبل أولئك الكتاب عن ماضي الجنوب سطحي للغاية ويدل على افتقار أصحابه إلى الإلمام بحقائق الواقع والتاريخ، فغالباً ما يشهدون بعمر تجربة دولة وحكم لم تدم أكثر من عقدين ونصف من الزمن.. وعلى ما في تلك التجربة من أخطاء إلا أنها قياساً بتجارب الحكم حتى في بلدان أولئك الكتاب ربما تشكل حالة أفضل على بعض الصعد الحياتية، ناهيك عن درجة سبقها الواضحة في مجالات التعليم والصحة وغيرها وحالة الاستقرار التي ربما كانت في طريقها لخلق تحول ملموس على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

والحال - دون ريب - لا يخلو من الأخطاء والممارسات الطائشة على الصعيد السياسي تحديداً.
المثير في الأمر أن الجنوب أو هذا الجزء ذا الأهمية من حيث موقعه الجغرافي لا يأتي ذكره في تناولات البعض إلا من منظور ضيق وبطرق تختزل نضالات شعبه وتضحياته من أجل الحرية. أما إشارتهم للتاريخ فلا تتخطى مسميات ما كانت لديه من سلطنات عدة، بوصف يوحي أيضا أنها بمعزل عن امتداداتها إلى تاريخ هذا الجزء من العالم وحضوره الفاعل في حضارة البشرية ورسالة السماء، التي تقترن بأسماء أبطال الفتوحات الإسلامية ونموذج القدوة الحسنة لأبناء حضرموت تحديداً في نشر ديننا الحنيف في أرجاء المعمورة، بما مثل سلوكهم من قدوة حسنة.. ويمكنك اليوم أن تشير إلى جاليات ضخمة هي في الأصل من جذور جنوبية شكلت تحولاً في تاريخ بعض الشعوب، كما هو الحال في أكبر بلد إسلامي «إندونيسيا».

وهكذا تنوعت سبل هجرة أجدادنا إلى كل أصقاع المعمورة، بما شكلوا من حضور فاعل في بناء حضارة تلك المجتمعات، وهي دون شك نماذج تنم عن ما تميز به جيل أجدادنا من سلوك إنساني حضاري كان قدوة حسنة تلخص القول المعروف في ديننا «إنما الدين المعاملة».

 وفق ما تقدم، لسنا شظية نكرة في محيط كوكبنا الأرضي حتى يجهد أولئك أنفسهم في البحث لنا عما سنكون عليه في المستقبل من منظور رؤيتهم التي لا تتعدى قراءة طبيعة الصراعات القائمة على الأرض في هذه الأثناء، متجاهلين حقيقة ثابتة وهي أن مستقبل الشعوب يرسمه أبناؤها مهما اعترضت سبيلهم الصعوبات والعراقيل السياسية، وإلى ما هنالك من تسريبات مقصودة تستبق الأحداث، ويمضي أصحابها من الكتاب في قراءة الفنجان على غرار ما يفعل الكهنة وضاربي الفال.

 ولا نخفي أن لدينا معاناة بحكم ما يحيط بواقعنا من تداخلات وصعوبات، وربما تباينات، كثيرا ما يعتبرها البعض سنداً لرسم حالة تشاؤمية عن المستقبل.
قطعاً المعاناة والألم والخذلان من تبعيات الوضع الذي بلغناه، إلا أن ذلك لا ينفي عمق الإرادة الجنوبية في استعادة الحق التاريخي الذي بعودته تتجسد إرادة شعبنا العظيم.. فنحن نشير إلى وطن تاريخه ضارب جذوره في أعماق حضورنا وحضارتنا.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى