موسم الزيارات إلى صنعاء

> د. ياسين سعيد نعمان

>
يوماً عن يوم تتصدر أخبار عن زيارة مسئولين أوربيين إلى صنعاء عناوين بعض وسائل الإعلام، فتتحول عبر حملات إعلامية، منها ما هو مبرمج ومنها ما هو عفوي، إلى دعاية عن أن هناك انفتاحا دوليا على المليشيات الانقلابية، وعن أن هذه الزيارات إنما تمهد لإعادة فتح سفارات بعض البلدان في صنعاء.

 الترويج لهذه التحركات بمثل هذه التفسيرات هو جزء من المعركة، ويستهدف تطبيع الانقلاب وإكسابه صفة الأمر الواقع، وتوسيع حالة الإحباط الشعبي الذي يتمحور حول عملية الحرب والسلام، والمدى الذي تتحرك فيه العملية، وتأثيره على استعادة الدولة من أيدي المليشيات الانقلابية.

 لا تمثل مثل هذه الزيارات، في تقديري، أكثر من «نكز» لحالة الجمود التي يتجه إليها الوضع العام مع تفاقم الحالة الإنسانية التي تتجه نحو الكارثة. وفي هذه الحالة لا يكون البحث عن أسباب هذه التحركات إلا في مكانه الطبيعي وهو مدى «تماسك استراتيجية المواجهة الوطنية وحلفائها ضد المليشيات الانقلابية».

 أقول هذا لأن العالم كله، دولاً وتجمعات ومنظمات، لا يزال يدعم الشرعية الدستورية في معركتها من أجل استعادة الدولة بكل الوسائل، ولكن لا بد أن نعرف أن هذا الدعم ليس شيكاً على بياض، وكل التجارب المماثلة تقول ذلك، فالعالم لا يراقب الآخر الذي تعدى على الدولة بقوة السلاح وأغرق البلاد في الدم فحسب، ولكنه أيضاً يراقب أكثر ذلك الطرف الذي يقف إلى جانبه في معركته ويؤيده، وغالباً ما يكون نقده له أشد، لأنه بموقفه المؤيد يتحمل جزءاً من الأخطاء.

حينما يصل الوضع الإنساني إلى حافة الكارثة، وهذا ما راهن عليه الانقلابيون وحلفاؤهم وعملوا من أجل الوصول إليه طوال أربع سنوات بالمراوغة وتطويل الحرب، فإن الاهتمامات الدولية تتغير، لأن ضغوط المجتمعات في هذه البلدان ومنظماتها المدنية والإنسانية تكون قوية بما يكفي لتغييب الجانب السياسي، بل وربما التضحية به تجنباً للكارثة الإنسانية.

 الحكومات في الغرب الديمقراطي أكثر ما يزعجها أن يقحم اسمها في أي كارثة إنسانية مهما كانت نبالة القضية السياسية التي تقف إلى جانبها، وخاصة عندما تكون هذه القضية السياسية غير محورية بالنسبة لمصالحها الاستراتيجية.
في هذا الإطار تفهم هذه التحركات، ولن يكون للغضب منها أي معنى. لا بد من فهم الرسائل التي يراد تقديمها من ورائها على نحو دقيق.

 هناك ما يجب التفكير فيه على نحو استراتيجي بعيداً عن التفاصيل المملة التي لا قيمة لها في اللحظة الراهنة سوى أنها ستغرق الوضع في المأساة على نحو أعمق. ولا أحد يستطيع أن يرد على كثير من الأسئلة المتعلقة بهذه المسألة غير الحكومة الشرعية والتحالف الذي يدعمها.

 روافد الحل بدوافع الوضع الإنساني تتجمع على نحو غير مسبوق، ولن يستطيع المبعوث الأممي أن يسبح في اتجاه معاكس. وإذا استمر الوضع على الأرض على ما هو عليه محكوماً بحسابات مجهولة أو متعثراً بما أفرزه الواقع ودالة في معطياته، فلا شك أن السياسي سيتوارى خلف الإنساني.

 والحل بتأثير الدوافع الإنسانية يعني أن الانقلاب نجح في تمرير مشروعة بالشكل الذي يبقي اليمن في حالة حرب مستمرة. أو أقله في حالة لا سلم ولا حرب. 
- المرجعيات الثلاث هي أساس الحل، ولكن ليس بالاعتماد على عصا موسى.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى