بعد أن نضبت المياه من عدة آبار.. تقرير: مدينة إب مهددة بأزمة مياه حادة

> تقرير/ خاص

>
سعر الوايت سعة 3 آلاف لتر بـ 15 ألف ريال

تسببت عوامل كثيرة في خلق أزمة حادة في مياه الشرب بمحافظة إب في الوقت الحاضر، بعد أن كانت تُعرف بعاصمة اللواء الأخضر.
وأعاد مختصون هذه الأزمة إلى عدة أسباب منها: العشوائية، والفساد الذي رافق عمل السلطات المحلية في الحكومات المتعاقبة، وتفاقم الوضع مؤخراً في ظل سلطة الانقلاب الحوثية المسيطرة على المحافظة، نتيجة لسماحها بإقامة محطات لبيع المشتقات النفطية في قلب الحوض المائي بالمدينة، متجاوزة في ذلك تحذيرات مؤسسة المياه ومذكراتها المتعددة، إلى جانب غياب الاستراتيجية الخاصة بالحفاظ على الموارد المائية والأحواض في المدينة من قِبل المؤسسة والهيئة العامة للموارد المائية، فضلاً عن الزحف العمراني في الأحواض، وانعدام المشاريع الكفيلة بتغذية الأحواض الخاصة بالمدينة كإقامة الحواجز المائية والكرفانات، وكذا غياب عملية الترشيد في الاستخدام، والحفر الجائر للآبار الارتوازية، واستنزاف المخزون المائي في عملية سقي مزارع القات خارج المدينة عن طريق نقله بالوايتات.

ارتفاع أسعار المياه
وتسببت هذه المشكلة في الوقت الحاضر بارتفاع جنوني في أسعار المياه، حيث وصل قيمة الوايت سعة 3 آلاف لتر إلى 15 ألف ريال، وهو ما جعل كثيرا من الأسر تقف عاجزة عن شرائه في ظل استمرار انقطاع المرتبات وتدهور الوضع المعيشي وزيادة حالات الفقر بين السكان.

وكانت المؤسسة المحلية للمياه في المدينة قد أصدرت تقريرا منتصف الشهر الماضي أوضحت من خلاله حقيقة الأزمة الحاصلة في المياه وأسبابها والاقتراحات اللازمة لمواجهتها، مشيرة إلى أن «المؤسسة تعتمد  اعتمادا كليا على إنتاج المياه من الآبار الإرتوازية المنتشرة في حوض ميتم ووادي صلبة السيدة، بالإضافة إلى عدد من الآبار المنتشرة في المدينة كوادي ذهب.

وتبلغ عدد الآبار العاملة حوالي 27 بئرًا، 10 منها في وادي ميتم تم حفرها ما بين عامي 1988-1990م، و17 بئراً أخرى حُفرت خلال عامي 2006-2011م، ووصلت عدد ساعات تشغيل بعضها 15 ساعة حتى عام 2012م وأخرى تشغل لفترة محددة خلال الأسبوع، وتراوح معدل الضخ منها من 12 إلى 16 لتراً في الثانية، فيما تفاوتت أعماق المياه في الآبار ما بين 20 - 50 لترا.

وأشار التقرير إلى أن «المؤسسة اضطرت خلال عام 2013م وحتى اليوم إلى زيادة ساعات التشغيل بنحو 24 ساعة نتيجة لتزايد السكان في المدينة والتوسع في خدمات المياه، وكذا تزايد أعداد النازحين إلى المدينة من المناطق والمحافظات المجاورة».

توزيع المياه
وأوضح التقرير الكيفية التي تم من خلالها توزيع المياه من قِبل المؤسسة للفترة الواقعة ما بين 2011م - 2015م وهي كالآتي:
- المدينة القديمة بمعدل مرتين في الأسبوع، ومرة واحدة للأحياء الأخرى، فيما يتم الضخ لبعض المناطق الواقعة بأطراف المدينة والمناطق المترفعة مرة كل 9 أيام.

ولوحظ خلال العام الماضي تغير في إنتاجية ومناسب المياه في جميع الآبار العاملة ووصل الانخفاض فيها إلى مستويات مقلقة خلال الربع الثاني من العام الجاري 2018م، وهذا الانخفاض وفقاً للتقرير تجلى في الآتي:
- انخفاض كبير لمناسيب المياه في معظم الآبار بالتزامن مع نقص معدل إنتاج المياه من جميع الآبار إلى نحو 30 - 50 بالمائة من إنتاجية الآبار الآمنة.

- انخفاض مناسيب المياه في الآبار ما بين 50-120 مترا تحت الأرض، وهي مؤشرات تدل على تدهور كبير وحرج في مصادر المياه التي تعتمد عليها مدينة إب في إمدادات مياه الشرب وتوزيعها على أحياء المدينة ويمكن إرجاع ذلك للأسباب الآتية:
1 - محدودية مصادر المياه في إطار حقل الآبار في المدينة وضواحيها (منطقة بركانية ذات مساحة صغيرة) وبالتالي مخزون محدود من المياه عبر الشقوق البركانية.

2 - الضخ الجائر والمستمر منذ فترة من آبار المؤسسة، إذ أن معظم الآبار في السنوات الأخيرة يتم تشغليها بصورة مستمرة 24 ساعة وبكميات ضخ كبيرة تفوق قدرة الضخ الآمنة لحقل الآبار.
3 - الضخ الجائر والمستمر من آبار المياه الخاصة خصوصا تعبئة الوايتات والناقلات الكبيرة لسقي القات خارج مدينة إب (ميتم- النجد الأحمر- السحول) وهو ما أدى إلى نضوب المياه في بعض آبار المؤسسة وكذلك عدد من الآبار الخاصة.

الآبار المتوقفة
وأوضحت المؤسسة في تقريرها، الذي تحصلت «الأيام» على نسخة منه، عدد آبارها المتوقفة خلال الفترة الماضية نتيجة لنضوب المياه فيها وهي: بئر السبل شارع 16، بئر السبل كاحب، بئر الجامعة، بئر وادي اللحج، بئر شارع بغداد، بئر رقم 2 منطقة العرمة (جبلة)، بئر رقم 3 منطقة الهبوب (جبلة)، بئر رقم 5 ذي عقيب (جبلة)، وهناك آبار خاصة أخرى توقفت للسبب ذاته في إطار المدينة منها: بئر النجار (الظهرة) المغذية لمنطقة الظهرة بمياه الشرب، آبار المشتل الزراعي الخاص بمكتب الزراعية، بئر الجامعة الخاص بجامعة إب، بئر جوبلة، بالإضافة إلى انخفاض انتاج المياه في بقية الآبار (الخاصة) التي مازالت تعمل حتى الآن.

وأدى هذا التدهور والنقص في إنتاج المياه من جميع الآبار إلى نقص في كميات المياه التي يتم ضخها للمشتركين في حارات المدينة المختلفة في إطار التوزيع المعتمد حالياً مما سبب عجزا عن تغطية احتياجات المشتركين من المياه في كثير من الحارات.

محاولات فاشلة
وبادرت المؤسسة خلال العام الماضي بتعميق بئر الجامعة لمحاولة استكشاف المياه في الطبقات تحت عمق 300 متر، ووصل الحفر في ذلك إلى عمق 650 مترا، ولكن دون جدوى، وهو ما يُعد مؤشرا عن عدم جدوى تعميق الآبار في إطار حوض مياه مدينة إب.
ويقابل التدهور والنقص في المياه المنتجة من الآبار تزايد كبير ومطرد في عدد المستهدفين في المدينة (عدد السكان) بسبب النمو السكاني الكبير فيها، بالإضافة لنزوح الكثير إلى المدينة، الأمر الذي شكل عامل ضغط على مصادر المياه.
وخلص التقرير إلى الإجراءات العاجلة الواجب اتخاذها لإدارة أزمة المياه في مدينة إب، وهي:
1 - التوقف النهائي لضخ المياه ونقلها عبر وايتات كبيرة خارج المدينة (لسقي القات في ميتم والنجد الأحمر والسحول).
2 - خفض عدد ساعات تشغيل آبار المؤسسة والآبار الأخرى للحد من تدهور المياه فيها.

3 - التوعية بين المشتركين في مدينة إب لترشيد استهلاك المياه، وحث المواطنين على فهم الوضع المائي القائم.
4 - إغلاق وتوقيف الآبار التي تضخ المياه للزراعة سواء كانت في إطار الحوض المائي أو الآبار التي في ضواحي المدينة.
5 - توقف إصدار أي تراخيص لحفر أو تعميق آبار مدينة إب وضواحيها.

وأوضحت المؤسسة في ختام تقريرها «بأنه ونتيجة للوضع المتدهور لمصادر المياه ستقوم بإعادة جدولة توزيع المياه وزيادة فترة الانقطاع عمّا هو قائم حالياً لمحاولة تغطية احتياجات السكان بمختلف أجزاء المدينة لمياه الشرب بصورة عادلة وبحسب الامكانات المتاحة وفقاً للتوزيع المقترح الآتي:
توزيع المياه في المدنية القديمة ومحيطها مرة واحدة كل 8 أيام، بقية الأحياء في وسط المدينة مرة كل 15 يوم انقطاع، أما أطراف المدينة والمناطق المرتفعة سيتم الضخ إليها كل 18 يوما.

وأورد التقرير أحد  الحلول اللازمة والإسعافية  لتغطية احتياجات المدينة لمياه الشرب، تمثل بضرورة البحث عن مصادر جديدة في منطقة السحول أو العدين، وذلك عبر تبني تمويل مشروع لحفر 10 آبار إسعافية ونقل المياه إلى المدينة، وهذا الحل وفق المؤسسة يُعد هو الحل الوحيد الممكن، باعتبار أن مدينة إب منطقة جبلية ولا يوجد بها مصادر أكان في جبال بعدان أو وراف أو ميتم.

ووفقاً لمؤشرات التقرير فإن إب على موعد مع الكارثة المتمثلة بانعدام مياه الشرب، ولن يشفع لتلك المدينة خصوصيتها في استقبال كميات غزيرة من الأمطار طوال أيام الصيف والتي تذهب هدراً دون الاستفادة منها، لانعدام الحواجز المائية والسدود والكرفانات الناتجة عن سياسة الفساد التي أهدرت مقدرات المدينة وهددت مستقبل الأجيال القادمة في مدينة إب «اللواء الأخضر».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى