قال فهد العريقي، رئيس مجلس أعيان الجالية اليمنية في مصر، إن اليمنيين الموجودين في مصر جاؤوا للدراسة أو العلاج أو السياحة، وزاد عليهم بعد حرب اليمن نزوح عدد كبير من النخب اليمنية، وهم المشايخ ورجال الأعمال والوزراء والسفراء والمحافظون والنواب السابقون، بعضهم أقام فيها لاعتبارات سياسية وآخرون لرغبتهم فى الابتعاد عن اليمن لحين عودة الهدوء إليها.

وأضاف «العريقي» فى حواره لـ«الوطن»، أن أعداد اليمنيين الموجودين فى مصر تقارب الـ200 ألف، منهم ما لا يقل عن 50 ألفاً من الأعيان والنخبة، مشيراً إلى أن ثلثي مجموع اليمنيين في مصر ممن نزحوا إليها بسبب الحرب الحالية الدائرة في بلدهم منذ 2015.. فإلى نص الحوار:

- الجالية اليمنية فى مصر موجودة منذ الأربعينات، لكنها تعززت بقيام الثورة اليمنية التي دعمها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث إن الثورة اليمنية لم تكن تقوم لولا تضحيات الشعب المصري والجيش المصري، وقتها أرسل عبدالناصر نحو 70 ألف جندي مصري إلى اليمن ومكثوا في اليمن حتى عام 1967، حتى قالوا إن حرب اليمن كانت من ضمن أسباب النكسة، وبجانب الجيش صارت هناك منظومة جعلت اليمنيين يحبون مصر أكثر، متمثلة فى معلمي المدارس الذين كان أغلبهم مصريين، فكان المنهج مصرياً، والدعاة والمحاسبون والأطباء مصريين، فكانت السبعينات والثمانينات هي فترة ذهبية للمصريين ببلادنا، وكانت الفترة الذهبية لليمنيين فى مصر من حينها وحتى الآن، لكن اليوم يمكن أن نسمي المقبلين من اليمن إلى مصر نازحين أو عالقين، ولا يمكن أن نطلق عليهم لاجئين كما يسميهم البعض لأن هذا المعنى لا ينطبق عليهم فهم عالقون فى انتظار انتهاء الحرب.

- في القدم كان وجود اليمنيين في مصر محصوراً بين 3 فئات، طلبة أو مرضى يريدون العلاج أو سائحين، إضافة إلى عدد قليل من المستثمرين، لكن بسبب أحداث الحرب الحالية باليمن منذ 2015 نزح لمصر عدد كبير من النخب اليمنية، وهم المشايخ ورجال الأعمال والوزراء والسفراء والمحافظون والنواب السابقون، منهم لاعتبارات سياسية ومنهم من يريد أن يبتعد عن الأحداث حتى تهدأ الأمور مرة أخرى.

- انتشار اليمنيين في مصر يكون في أماكن بعينها، وأكثر مناطق يوجد بها أعداد كبيرة منطقة الدقى والمنيل وأرض اللواء وفيصل، وهناك أيضاً في مدينة نصر ومصر الجديدة لكن بأعداد قليلة.. وعن أعداد اليمنيين الموجودين في مصر فهم نحو 200 ألف يمني، منهم ما لا يقل عن 50 ألفاً من الأعيان والنخبة، وهؤلاء أعتقد أن أغلبهم تنتهى إقامتهم في مصر باستقرار الأوضاع في اليمن، حيث إن ثلثى اليمنيين الموجودين في مصر حالياً موجودون بسبب أحداث الحرب.

- فكرة أعيان الجالية معروفة وتأتي عادة في الأماكن والبلاد التي يوجد بها أعداد كبيرة من النخبة لجالية ما، فالدولة التي يوجد بها عدد كبير من الأعيان يمكن تشكيل مجلس أعيان لهم كما هو الحال مع الجالية اليمنية هنا في مصر، وكذلك الجالية اليمنية في السعودية، واهتمامات رئيسها تكون محصورة في مشاكل الأعيان بعيداً عن المشاكل الاعتيادية للجالية بصفة عامة والتي يكون لها رئيس خاص بها.

- أعتقد أن مصر تسرعت باتخاذ هذا القرار، فاليمنيون ظلوا يدخلون مصر دون قيد أو شرط لعقود طويلة، لكن فرض القيود والتأشيرات على اليمنيين بعد الحرب من حق مصر للحفاظ على أمنها، ومن الناحية الاقتصادية خسرت مصر نتيجة هذه القرارات، لأن اليمنيين كانوا في حركة نزوح كبيرة، وهذه القيود جعلتهم يذهبون لبلدان أخرى مثل الأردن وماليزيا، وهؤلاء جميعاً كانوا يشتهون أن يأتوا لمصر لعدة أسباب، من أهمها سهولة العيش بها، خاصة أن اليمنيين فى مصر ليس عليهم أي شبهة أمنية، وخلال الـ55 عاماً الماضية لم يُضبط يمني بقضية إرهابية، وهذه القيود أكبر مشكلة تقابل اليمنيين الذين يريدون النزوح لمصر حالياً، ليس لليمنيين الموجودين فى اليمن فقط، لكن لمن يوجدون في بلدان أخرى أوروبية ممن لديهم أموال كثيرة كانت مصر بالنسبة لهم مهبطاً حتى قبل عودتهم لبلادهم، أنا موجود فى مصر منذ 2010، وكنت مديراً للطيران اليمني فى مصر وانتهت مدتي مع بداية عام 2015، أي مع بداية الأحداث في اليمن، ولم أعد من وقتها لليمن، خاصة أن أولادي بالجامعة والمدارس بمصر، والحياة في اليمن صعبة حالياً، ومن خلال وظيفتي كنت أعلم كيف كانت قوة العلاقات بين مصر واليمن، فعندما كنت مديراً للطيران اليمني في مصر كنا نطيّر 20 رحلة أسبوعياً منها 13 رحلة يمنية و7 رحلات مصرية، وكان يأتي إلى مصر نحو 500 راكب يمني يومياً.

- غلاء المعيشة في مصر لم يؤثر كثيراً على اليمنيين مثلما أثر على المصريين، لأن المصري كل ما يدخل إليه وما ينفقه مربوط بالجنيه المصري، عكس اليمني الذي ينظر إلى إنفاقه بقيمة الدولار أما من حوَّل أمواله إلى الجنيه المصري فيعاني مثل المصريين، لكن بشكل عام طريقة المعيشة لليمنيين في مصر تدرجت بمرور الوقت، فهناك أعيان مثلاً أول ما أتوا إلى مصر كانوا يجلسون بالفنادق، ثم أقاموا في شقق فخمة في الزمالك والمهندسين والمنيل، ولما زادت الأزمة انتقلوا للدقي وللعجوزة، حتى أصبح منهم من يعيش حالياً في فيصل أو الهرم، لأن مدخراتهم تقل مع مرور الوقت.

- التعايش بين الشعبين اليمني والمصري من أحسن ما يكون، لأن الشعب المصري طيب يتعايش مع كل الجنسيات، وكذلك اليمنيون طيبون وأمينون وعندهم مروءة وشجاعة وكرم.