> المحامي صالح ذيبان
وفقاً لأنظمة الأمم المتحدة، هناك اعتمادات لميزانية شهرية تقدر بملايين الدولارات لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن وطاقم مستشاريه والفريق الإداري والفني وللمختصين في تقديم وتسهيل الدعم اللوجيستي والإنساني لمكتب المبعوث الأممي، كل تلك الإمكانيات المادية والجيش الجرار من المستشارين والمنظرين المسترزقين لم يفد تواجدهم الجمهورية اليمنية بشيء، ولَم يسهم في حل قضية اليمن السياسية وكذلك لم تثمر جهودهم وأعمالهم تلك في تحسين الوضع الإنساني الصعب للمواطن داخل البلد أو خارجه ممن هاجر أو هُجِّر مكرهاً مغصوباً على ترك ممتلكاته وأرضه وأهله.
لم تعد تكتسب أي دعوة توجهها الأمم المتحدة لعقد جولة مشاورات أو مباحثات بشأن ملف اليمن أي أهمية لدى الشعب اليمني، لما وجدوا ولمسوا طوال فترة عمل المبعوثين السابقين والحالي من ضعف في الأداء وحساب للتوازنات أكثر من سعيهم لحسم الأزمات، وهذه التوازنات سعى للحفاظ عليها بن عمر وولد الشيخ وهي التي يعمل على تجسيدها الآن مارتن جريفيثس بحجة أنه وسيط - حد وصفه- للمهمة التي كلّف بها، وأنه ليس مفاوضا. وهنا علينا أن نتوقف قليلاً أمام دور المبعوث السابق بن عمر وفِي قراءة سابقة سنجد أن دوره لم يكن كوسيط بل كان مفاوضاً حيناً وسمساراً حيناً آخر، مارس كل أنواع الألاعيب السياسية المقبولة وغير المقبولة والمسموح بها وغير المسموح بها، حتى كان رأي الشعب اليمني أنه خائن ويعد أحد الأسباب الرئيسيّة التي مهدت لحدوث انقلاب أنصار الله على الدولة الشرعية في اليمن.
إذن يا سيد جريفيثس، والسؤال موجه إليك، هل تتوقع أن يتعامل الرئيس عبدربه منصور هادي مع مهمتك التي توليتها بإيجابية وأنت الذي خرجت على الشعب اليمني والمجتمع الدولي في نهاية زيارتك الأخيرة ببيان استفزازي حملت عباراته امتنانك لقائد الانقلاب الحوثي لتفضله عليك بمقابلة شخصية في مقر إدارته للجماعة، هل في حدوث هذا الأمر شيء مما يحتاج لتبادل عبارات الود والعرفان في مهمتك التي أسميتها الوساطة وأنت في الأصل مبعوث دولي.
سيد مارتن، أنت لست بصدد الوساطة لإنجاز اتفاق تجاري لبيع سلعة، أنت مبعوث أممي لعمل تدخل سريع وعاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فكل يوم يمر على مهمتك غير الناجحة إلى حد الآن يكون ثمن ذلك الإخفاق مزيداً من الضحايا المدنيين، المزيد من القصف العشوائي على الأحياء المدنية وبيوت المدنيين المزيد من التفجيرات الإرهابية في المدن، المزيد من حالات الاغتصاب والاختطاف للأطفال والنساء والمزيد من حالات الزواج بالإكراه للفتيات القاصرات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثة الذين تشعر سيادتك بالامتنان تجاه قائدهم عبدالملك الحوثي.
وبصدد تفاصيل مهمتك كمبعوث أممي فإننا أيضاً لا نتوقع لها النجاح بسبب الأفكار العامة لإدارة تفاصيل الملف اليومي لواقع الحرب في اليمن، وبسبب سوء الإدارة والفساد الذي يهتك عرض وشرف المهمة الإنسانية وحبل الفساد الملفوف حول رقبة معظم القائمين والعاملين في الحقل الإنساني والإغاثي، وهو ما يعكس انطباعات سيئة وتقديرات متدنية لدور وقدرات الأمم المتحدة وهيئاتها العاملة في اليمن إلا فيما ندر وفِي قطاعات محدودة.
السيد المبعوث الأممي إلى اليمن، بإمكانك أن تكون وسيطاً مع من يريد أن يتفاوض ويتباحث، وعليك القيام بالتفاوض مع من لا يريد أن يتفاوض أو جاء بأجندات مسبقة تلزمه بأن لا يتفاوض أو يعرقل أي نجاح ممكن للتفاوض.. نتوقع منك أن تكون ممثلاً حقيقياً باسم السلام ونيابة عن كل مؤيدي إحلال السلام في اليمن، ولكل داعم للسلام، وعليك أن تتصدى لمحاولات إطالة الحرب من الراغبين في استمرارها من تجار الدم والسلاح وتجار البشر، بإمكانك إذا أردت أن تكون روح مانديلا وصوت مارتن وفكر غاندي.