نساء في ذاكرة التاريخ.. 1- زهرة هبة الله علي 2- ملكة عبداللاه أحمد

> نجيب محمد يابلي

> 1 - زهرة هبة الله علي:
الميلاد والنشأة:
زهرة هبة الله علي من مواليد 18 يناير 1946م، من أسرة عدنية عريقة استوطنت كريتر كابراً عن كابر، ووالدها هبة الله كان واحداً ممن أسسوا مكتبات عامة في عدن وكان واحداً من الأحرار الذين دعموا الأحرار اليمنيين عند لجوئهم إلى عدن عام 1944م.

كتبت الراحلة الكبيرة عائدة علي سعيد عن الفقيدة الغالية زهرة هبة الله في الكتاب المكرس لتأبينها بأن زهرة تلقت دراستها الابتدائية والمتوسطة في مدارس عدن إلا أنهما افترقا عندما التحقت عائدة بكلية البنات بخورمكسر فيما التحقت زهرة بمدرسة القديس يوسف العالية ST.JosEph High Sehool (البادري بكريتر).

التحقت زهرة هبة الله بإدارة الهجرة في 13 يناير 1966، وبعد فترة قصيرة التحقت بسلك التدريس واستمرت تعمل في ذلك السلك المقدس ماعدا فترة قصيرة بعد حركة 20 مارس 1968م عندما انتقلت إلى الشطر الشمالي من اليمن وعادت إلى عدن في صيف 1970م..

زهرة طالبة نابغة
انتسبت زهرة هبة الله بعد عودتها إلى عدن للثانوية العامة وكان ترتيبها الثاني من ضمن العشرة الأوائل على مستوى الجمهورية، ويبدو أن النبوغ عند زهرة ظاهرة أسرية فشقيقتها جميلة هبة الله وشقيقها طاهر هبة الله بل وزهرة من الذين كرموا في عيد العلم ضمن الطلاب المتفوقين.

التحقت زهرة هبة الله بكلية الآداب في جامعة القاهرة (قسم الفلسفة) وحصلت على شهادة البكالوريوس بتقدير (جيد جداً).

عملت زهرة هبة الله في سلك التدريس منذ العام 1971م حتى وفاتها في مطلع عام 1986، وتبوأت عدة مناصب تربوية.. وكانت- رحمها الله- متعددة الاهتمامات، فقد وفقت في اجتياز التعليم لكتابة الاختزال SHORT HAND واللغة الإنجليزية واللغة الجزراتية إضافة إلى امتلاكها ناصية اللغة العربية، وتجسد إلمامها باللغات في الكلمات التي ألقتها في المحافل النسوية على المستويين العربي والعالمي.

زهرة هبة الله على المستوى النسوي
نشطت زهرة هبة الله في صفوف المرأة قبل وبعد الاستقلال، وتم انتخابها في المؤتمر العام الثاني للاتحاد العام لنساء اليمن المنعقد في نوفمبر 1978 لتحظى بعضوية المجلس المركزي للاتحاد العام لنساء اليمن، وأعيد انتخابها عضواً في المجلس المركزي لاتحاد النساء خلال انعقاد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد المنعقد خلال الفترة 7-8 مارس 1981م.

زهرة هبة الله وتجربة مجلس الشعب المحلي
خاضت زهرة هبة الله تجربة موفقة وفريدة من خلال نشاطها في عضوية مجلس الشعب المحلي بمحافظة عدن بعد انتخابها في الدورة الانتخابية الثالثة المنعقدة عام 1983م.

زهرة هبة الله حاصدة الأوسمة والميداليات
المناضلة الوطنية الكبيرة زهرة هبة الله من المنخرطات في العمل الوطني والسياسي بالتحاقها في الجبهة القومية N.L.F عام 1965م وكانت في ربيعها الـ 19، وحصلت على ميدالية مناضلي حرب التحرير، وحاصلة على وسام الإخلاص في يوليو 1984م ووسام الآداب والفنون في العاشر من سبتمبر 1985م.

الأربعون وما أدراك ما الأربعون يا زهرة!
في العام 1986م وفي الساعة السادسة من صباح 8 يناير وفي أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن توفيت المناضلة الوطنية زهرة هبة الله علي، وكانت- رحمها الله- في الأربعين من عمرها، وهنا يقول المناضل الوطني البارز سلطان أحمد عمر:
فجعت بمصاب أليم عندما رأيت زوجتي زهرة هبة الله علي تذوي بين ذراعي وتفارق الحياة بعد معاناة مؤلمة من مرض أصابها منذ سنوات، كما فجع أخوها نور الدين الذي كان موجوداً معنا..

خلفت الراحلة الكبيرة زهرة هبة الله وراءها رصيداً من العمل الوطني والنسوي والتربوي والاجتماعي في مشوار حياتها القصير، وخلفت عدداً من الكتابات في مجالات المرأة والثقافة والعملية التربوية، كما خلفت وراءها محبين وأعزاء وفلذات كبدها الخمسة.

الجاوي والقعطبي يدليان بدلويهما
العلم الكبير عمر الجاوي تحدث في كتاب التأبين بقلمه عن إنسانة متميزة ومتفردة في نضالها في معركة إثبات الذات وتربية الفلذات والطموحات المشروعة في البناء الذاتي (ص 111 و 112)..
أما أحمد محمد قعطبي فقد كتب (زهرة كما عرفتها)، وقدم شهادته عن مشوار العمل الوطني معها منذ 1965 واسمها التنظيمي «نعمة» كما رفيقاتها فطوم ونجوى وثريا ونجيبة.

أنيسة الصائغ وشهادة مفصلة عن العمل مع زهرة
المناضلة الوطنية والتربوية القديرة أنيسة محمد سعيد الصائغ العدنية الكريترية العريقة، فقد كتبت «بطاقة تهنئة» وكانت البطاقة جميلة، وأعطت التربوية انيسة الصائغ شهادة مفصلة عن النضال النسوي في صحيفة 14 أكتوبر يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2003م شهدت لزهرة هبة الله ومناضلات أخريات أمثال فطوم الوالي وفوزية جعفر ونجيبة محمد عبدالله وفتحية باسنيد وآمنة يافعي وأنيسة أحمد سالم وعيشة سعيد تالية.

2 - ملكة عبداللاه أحمد:
حافة القاضي:
تعتبر حواري عدن (كريتر) من معالم المدينة شأنها في ذلك شأن القاهرة أو دمشق أو بغداد، ومن حواري عدن (كريتر) التاريخية:
1 - حارة اليهود 2 - حارة الهنود 3 - حارة البنيان 4 - حارة الزعفران 5 - شارع الشيخ عبدالله 6 - شارع القاضي 7 - شارع الشريف 8 - حارة حسين 9 - حارة العجايز 10 - حارة مسافر خانة 11 - حارة القطيع 12 - حارة الدوابية 13 - حارة العيدروس 14 - حارة الخساف.

كتب الراحل الكبير حسين سالم باصديق، وهو ابن حارة القاضي الكريترية العريقة، حصراً بالعائلات العدنية في هذه الحارة منها: حسن منيباري - حسين وحسن باصديق - محمد سالم البيحاني - عبدالله بيضاني - محمد زيدان - عبدالرحمن بحصو - صالح عبداللاه - حسن زوقري - صالح موشجي - عبدالله داؤود البطاح - منقوش، عبده نعمي - يوسف عزيم - حسين عزيم - عوض أحمد (جد نديم عوض) - سعيد مدي - أحمد قاسم ميه - كامل صلاح - عبدالله زوقري - ناجي قاسم (والد الفنان أحمد ناجي) - سعيد منصر (والد الفنانين محمد وصباح) - إبراهيم راسم - علي نور - الدنجي - محمد غباشي - د.أحمد البار - د.محمد البار - عبده عجينة - علي محمد الجبلي - حسن مظفر - جعفر علي أمان - أولاد جعفر علي أمان: عبدالله ولطفي - فتحي - نجيب  - شفيق - حمزة - عبدالحميد - حسن - المسرج - الشيخ محسن العراقي - عبد الله عبده رباطي - سعد سفيان - علي بن علي النجار - عبدالله محمد سيف - بن سحنة..

السيدة الفاضلة الدكتورة ملكة عبداللاه أحمد عبداللاه سليلة العائلة العدنية العريقة «بيت عبداللاه» من مواليد حافة (حارة) القاضي يوم 22 ديسمبر 1947م وهي فخورة في الإشارة إلى حافة القاضي عند إعداد سيرتها الذاتية العطرة، لتؤكد مع سائر النساء العدنيان أن الحضور النسوي في عدن حضور متميز على مستوى الشرق الأوسط.

الدكتورة ملكة عبداللاه من الطالبات أو التلميذات اللاتي احتضنتهن المدرسة الابتدائية الحكومية للبنات (مدرسة الميدان) ثم المدرسة المتوسطة للبنات، وتلقت دراستها الثانوية في معهد كونفنتCONVENT School المعروفة بمدرسة القديس يوسف العالية ST.JOSEPH HIGH School (البادري) بكريتر.
 
ملكة عبداللاه على طريق الدكتور طه حسين
تلقت ملكة عبداللاه دراستها الجامعية في جامعة بيزونفون بفرنسا، والتحقت بعد ذلك بالمعهد الدولي للإدارة (القسم الدبلوماسي)، وأكملت دراستها في جامعة السوربون حيث حصلت على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية، وإذا كان عميد الأدب العربي قد حصل على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون العريقة فإن العدنية ملكة عبداللاه قد توجت دراساتها الأكاديمية العليا بنفس الدرجة ومن نفس الجامعة.

ملكة عبداللاه إلى جنيف بالطائرة وإلى تعز سيرا على الأقدام
عانت الدكتورة ملكة عبداللاه من تقلبات الأوضاع السياسية في دول العالم الثالث (المتخلفة منها)، وقد كانت- حفظها الله- من العضوات الناشطات في صفوف الجبهة القومية وكانت المرأة الوحيدة التي رافقت وفد الجبهة القومية المفاوض من أجل الاستقلال برئاسة قحطان محمد الشعبي، ومن خلال الصورة التي التقطت لأعضاء الوفد تبين أن منهم: فيصل الشعبي وعبدالله علي عقبة وخالد عقبة وخالد عبدالعزيز وعادل خليفة وأحمد علي مسعد ومحمد ناصر محمد وسيف الضالعي وحيدر أبوبكر العطاس ومحورق ونور الدين قاسم..

كانت ملكة عبداللاه قد التحقت بأحد معاهد تعليم اللغات عام 1970 في باريس حيث تعلمت اللغة الفرنسية وعادت إلى عدن لقضاء الإجازة السنوية، وعند عودتها إلى باريس أنزلوها من سلم الطائرة ومنعوها من السفر بأوامر عليا، وراجعت ملكة الرئيس سالمين في اليوم التالي لمعرفة خلفية قرار منعها من السفر فنفى علمه وطالبها بمراجعة السلطة المختصة بذلك، ويأست من العودة إلى فرنسا لإكمال دراستها ووجدت من سيهربها برأ إلى الشمال ووصلت إلى منطقة شعب بالصبيحة في تمام الساعة الثانية عشرة ليلا..
أحد أفراد المليشيا سلط الضوء على وجهها وسألها: من أين أنت؟ فقالت: من بني شيبة، وإلى أين متوجهة؟ قالت إلى البلاد، وكانت ملكة تتلو آيات قرآنية تصدرتها سورة ياسين.

الآيات القرآنية جابت نتيجة
قبل أن يسلم نوبته قال قائد المليشيا المناوب لملكة عبداللاه أنتِ لا من بني شيبة ولا يحزنون، أنتِ من عدن ومتعلمة وهدفك الهروب إلى الشمال والآن أمامك خطوة إلى حدود الشمال فذاك الموقع حدهم اذهبي قبل أن يأتي المناوب الآخر، وقامت ملكة وانطلقت لتسابق الريح وركبت سيارة أجرة حتى وصلت إلى تعز..

ملكة تنفجر في وجه محمد خميس
غادرت ملكة تعز متوجهة إلى صنعاء وعانت هناك من تحقيقات مخابرات محمد خميس بدار البشائر بالبونية وانفجرت في وجه محمد خميس وقالت: اتق الله يا رجل، اعتبرني مثل بناتك وعارك وأهل دارك، حرام تبهذلوني وأني رايحة واجية كل يوم.. ماذا تريدين الآن وما هو المطلوب؟ سؤال محمد خميس، وكانت إجابة ملكة جواز سفر وتذكرة سفر إلى باريس، أعطاها خميس تذكرة السفر وأحالها إلى الحديدة عند أحد الأصدقاء وهناك منحوها جواز السفر وانتفعت ملكة من خمس منح مقدمة من الحكومة الفرنسية ووافقت حكومة صنعاء على منحها إحدى المنح.

غادرت ملكة إلى باريس وهناك أكملت مشوارها الأكاديمي بدءاً من البكالوريوس وانتهاء بالدكتوراه، وأقامت هناك وتزوجت وأنجبت واستقرت في باريس حتى اليوم.
أنعم الله على ملكة عبدالله بالملكين حسام وأروى يملآن حياتها.. وهنيئاً لك هذا المشوار المشرف يا ملكة!!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى