حتى المعاق لا يسلم من السرقة والنشل!!

> كتب/ جهاد عوض

>  
يعاني المعاق من قصور وإهمال واضح من الكثير، مؤسسات وأفراد المجتمع، ويتعرض لنظرات قاصرة ومؤلمة، تقلل من إمكانياته وقدراته، وتحصره في أنه عاجز ومحتاج في نظراتهم الضيقة، ونفوسهم المريضة،
طبعا في الواقع نجد بعض الناس ومن بينهم في حياتنا اليومية، وهذا شيء طبيعي وموجود في كل مجتمع وبيئة، من الذين لا يتمتعون بأي ضمير إنساني أو وازع ديني، وإن كانت بحالات قليلة وشاذة، وقد نراهم ونشاهدهم بأفعالهم وأقوالهم أو على الأقل نسمع عنهم وعن حكاياتهم ومواقفهم المعيبة والسمجة مع الناس المحيطة بهم، وممن تتشابه وتتعادل مميزاتهم وقدراتهم بحالته وشخصه.

إلا أننا لا يمكن أن نتصور ونتخيل أن تصل الأمور والأخلاق إلى هذه الدرجة من الانحدار والدناءة، أن يعتدي إنسان سليم ومسلم وبكامل قواه الصحية والجسمانية التي وهبها الله سبحانه وتعالى له ولأمثاله من البشر، الذي لا يقدرون ويحسون بالنعم الكثيرة التي ينعمون بها، ويفتقدها الآخرون من أمثال أخينا عبد القوي، المعاق الحركي بإعاقة شبه كلية، ويعتمد على كرسيه المتحرك في حركته وتنقله، ويعاني ظروفاً اقتصادية صعبة كالكثير من المعاقين.

ففي أحد الأيام تعرض لاعتداء بالسرقة والنشل من قبل اثنين من ضعاف النفس وعديمي الأخلاق والكرامة، وسط شارع كورنيش الرئيس قحطان الشعبي العام بخور مكسر، حيث فوجئ بشابين يمشيان بجواره، وفجأة ينقض عليه أحدهما وبلمح البصر ويسحب مبلغا ماليا من جيبه، كان ينوي شراء متطلبات ضرورية لأسرته
حاول أن ينادي ويصيح بأعلى صوته، لعل وعسى أن أحدا يسمعه وينجده، إلا أن صوته الضعيف أصلا
 حال دون ذلك، وسط زحمة وحركة السيارات المارة، وبكل برودة دم وقلة حيا انطلقا هاربين إلى وسط إحدى الحوافي القريبة، والعار والخزي يلاحقهما، وعلى الرجولة والإنسانية اللتين يظن الناس أنهما يتصفان بهما.

من كان يتوقع هذا الفعل المشين والتصرف المجرد من كل القيم والعادات والتقاليد المجتمعية؟!! هل وصل بنا الحال إلى أن لا نفرق أو نميز حتى في إجرامنا وعدواننا؟! ونستقوي على أناس مستضعفين ومبتلين من المولى عز وجل!! أي سلوك إنساني هذا شديد الرخص والخسة عندما  يشعر هذا الجبان أو ذلك أنه شجاع أمام إنسان ضعيف ومحدود القدرات للدفاع عن نفسه؟!!.. فبدل من أن يساعده بالمرور وقضاء حوائجه أو على الأقل يلاقي منه ابتسامة تشعره بإنسانيته ومكانته كفرد من أفراد المجتمع، بل بالعكس يلاقي موقفا معيبا ورهيبا يجعله يشعر بالرهبة والخوف من البشر والمحيطين به، أكيد سينتابه شعور بالقلق والحذر من الخروج وسط الناس.

 هذا الحادث له صدى مؤثر وسلبي في وجدان ونفسية المعاق، وسيحد من نشاطه وحركته، ويجعله يفكر ألف مرة قبل الخروج إلى الشارع العام، ولسان حاله، لماذا يترك مثل هؤلاء من دون مراقبة وعقاب؟! أمثال هؤلاء المجرمين والخطرين، وجودهم بالنسبة لعبد القوي يكون حاجزا وعائقا إضافيا يزيد ويوسع الهوة في اندماج وممارسة المعاق في الحياة العامة، ويعيده إجباراً وخارج عن إرادته ورغبته إلى الجدران الأربعة، والعيش وحيدا في كنف ومحيط أسرته الصغيرة!!

 فيا ترى عزيزي القارئ أي مشاعر تنتابك وتختلجك وأنت تقرأ هذه القصة الواقعية؟ وما موقفك من هؤلاء البشر؟، بل "الكلاب" الضالة في المجتمع؟ مع الاعتذار للكلمة التي بين قوسين، إن كانت شاذة وقاسية، ولكن هي الحقيقة المُرة والمؤلمة في نفس وقلب كل معاق.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى