أسد أحمر العين

> وجدي الأهدل

> ذهب الحمار يوماً إلى الأسد ملك الغابة وهو يعرج ويربط شاشاً أبيض على رأسه.
اشتكى الحمار من النمر والذئب والثعلب، وطالب بمحاكمتهم.
سأله الأسد:
- ماذا فعل بك النمر؟
قال الحمار وقد اقشعر بدنه لا إرادياً:
- اختطفني وعذبني في معتقل سري بتهمة أنني أتكلم في السياسة.
ضحك الأسد حتى استلقى على قفاه.
أبرز الحمار الجراح التي في رأسه وقال وهو يكاد ينفجر باكياً:
- انظر كيف عذبوني في المعتقل.. هل هذه هي الديمقراطية التي وعدتنا بها؟!
تنحنح الأسد ومسح لبدته ببراثنه:
- لقد عذبوك ليس لأن الكلام في السياسة ممنوع، ولكن لأنك لا تفهم في السياسة.. هل نسيت أنك حمار!
وغرق الأسد في الضحك مجدداً.
قال الحمار وهو يهز رأسه:
- الآن اطمأن قلبي.. كنت أحسب أن ديمقراطيتنا قد تم المساس بها.
رد الأسد وهو ينظر إلى الحمار بطرف عينه:
- لا تقلق أيها الأخ، الديمقراطية في أمان ولن يستطيع أي عابث أن يزعزع أسسها حتى ولو كان حماراً مثلك.
نكس الحمار رأسه وساد صمت قصير. ثم تابع غير قادر على السكوت..
الحمار: هل تعرف ماذا فعل بي الذئب؟
الأسد: الذئب صاحبي، ماذا فعل؟
الحمار: كانت معي أرض أريد أن أبني عليها بيتاً فأخذها مني غصباً، فلما قاومته عضني وسبب لي عاهة مستديمة في قائمتي اليسرى الخلفية.
الأسد: لا تغضب من الذئب وحاول أن تتحمله، فهو وطني زيادة عن اللزوم، ويحب أرض بلادنا إلى درجة العبادة، ويعتبر التراب الوطني مقدساً، ويظن نفسه أكثر واحد يستطيع الحفاظ عليه.
الحمار: آه.. لقد أسأت الظن وحسبته قاطع طريق يسطو على الأراضي، ولم أكن أعرف أنه يفعل ما يفعل حباً في تراب الوطن.
الأسد: يالك من مغفل كريه.. هل رأيت الذئب يسطو على الأراضي خارج الوطن؟
الحمار: لا.
الأسد: طبعاً لا.. لأنه وطني مائة بالمائة.
الحمار: حقاً حقاً.. وبقي الثعلب؟
الأسد: الثعلب حبيبي.. ما شأنه؟
الحمار: إنه يحتكر المواد التموينية ويرفع أسعارها.. أنظر لقد اضطررت لبيع الخرج الجميل الذي كنت أضعه على ظهري لأشتري حفنة من التبن.
الأسد: إنه يعمل ما فيه مصلحتك.
الحمار: ولكن كيف؟ إنه رأسمالي جشع.
الأسد: صه.. لا تتفوه بالحماقات.. إنه يسعى إلى إزالة الفوارق بين الطبقات وإلغاء الامتيازات الطبقية.. ولذا كان لابد من تجريدك من خرجك لتتساوى مع أمثالك من الحمير.
الحمار: ولكن ظهري يؤلمني.
الأسد: كف عن التذمر أيها الحمار البرجوازي.
الحمار: لا حول ولا قوة إلا بالله.. إنني أحس وكأن مبدأ إزالة الفوارق بين الطبقات قد جعل كل الطبقات تطبق على أنفاسي!
الأسد: الصبر يا بني.
الحمار: كيف أصبر وقد أصبحت سائر طبقات المجتمع تركب فوقي دون طبقة من قماش تحميني من الاحتكاك.. انظر لقد تسلخ ظهري.
الأسد: اللعنة عليك يا فسل، أيأتمنك الشعب على أردافه وأنت تشكو؟!
الحمار: يا ملك الغابة لو جربت أن تجعلهم يركبون فوق ظهرك يوماً واحداً فقط لأدركت مقدار معاناتي.
انتاب الأسد غضب شديد وظهرت مخالبه:
- أنا يركب فوق ظهري الغوغاء.. ويلك يا سفيه.
وأطبق الأسد أنيابه في رقبة الحمار وقضى عليه.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى