التحالف العربي.. هل ينقذ اليمن من الحوثيين ومؤامرات إيران؟

> محمود رشدي*

>
عقب ثورة فبراير لعام 2011، تغير المشهد السياسي في اليمن تمامًا باندلاع أحداث ما يُعرف بالربيع العربي في المنطقة، وفي ذلك المناخ الملبد بالفوضى السياسية العارمة التي آلت لحرب أهلية أكلت الأخضر واليابس في اليمن، صعدت جماعة الحوثي لتصبح رقمًا في المعادلة السياسية عند تناول الأوضاع في اليمن، لكنها كانت جزءًا كبيرًا مما يتعرض له اليمن من مشكلات، ولم تكن أبدًا جزءًا من الحل.

وأمام السلطة الضائعة، وتحت عرش اليمن المتهاوي، تحالف علي عبدالله صالح - الرئيس اليمني الذي أطيح به من الحكم - مع الحوثيين لاستعادة عرشه الضائع، إلا أن رياح الحوثيين أتت بما لا تشتهي سفن «صالح»؛ حيث انقلب عليه الحوثيون وقتلوه، مستقوين بالدعم الإيراني لهم، بعد أن حاولوا الانقلاب على السلطة الشرعية والاستيلاء على مقاليد الحكم بقوة السلاح، وبالفعل نجح الحوثيون في سبتمبر 2014 في السيطرة على العاصمة صنعاء، مشكلين خطرًا داهمًا على المنطقة.

هنا تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية لاستعادة الشرعية مرة أخرى في مارس 2015 لردع الحوثيين والتصدي لهم للحيلولة دون ميلاد حزب الله جديد على حدودها الجنوبية تدعمه طهران وتسلحه ويهدد المملكة بل والمنطقة كلها، حيث تعتنق جماعة الحوثي المذهب الشيعي «الاثني عشري»، وتتبع إمامة الفقيه في طهران، وعلى هذا الوتر الخطير تعزف إيران أقبح معزوفاتها السياسية البرجماتية لضرب أمن الخليج وبسط نفوذها عليه، علاوة على بروز التهديدات الحوثية للأمن السعودي من ناحية، والملاحة البحرية في مضيق باب المندب من ناحية أخرى.
ولذا يبرز سؤال أساسي عن أخطر التداعيات حال وصول الحوثيين للسلطة، دون تدخل التحالف العربي لحماية الشرعية وإنقاذ اليمن؟

ثلاثة تهديدات رئيسية:

 ( تهديد الأمن الإقليمي (الخليجي والعربي والقرن الأفريقي
حال استيلاء جماعة الحوثيين على السلطة بصنعاء، سوف تسعى لتهديد الأمن الخليجي، خاصة الأمن السعودي، لما للدولة اليمنية من موقع جيوسياسي، إذ أنها تتاخم الحدود الجنوبية للمملكة السعودية، والتي قد تستخدمها إيران لتشكيل تهديد وتصدير عدوانها إلى دول الخليج عبر ميليشياتها الشيعية، مثلما يعمل حزب الله لصالحها في لبنان وسوريا، الأمر الذي سيؤدي مستقبلًا إلى وجود حالة من الصراع بين البلدين، وغير مستبعد أن يتطور ذلك الصراع لحرب صريحة بين إيران ودول الخليج.
علاوة على ذلك، تصدر إيران إرهابًا عبر ميليشياتها الشيعية، والتي بفعل تصرفاتها العنصرية الممنهجة ضد الشعب السني، سينعكس بالمقابل على توحد السنة في تجمعات مسلحة ضدها، وهو ما يهدد ليس فقط الأمن الإقليمي، بل سيهدد الأمن والسلم الدوليين، في ظل وجود جماعات مسلحة متناحرة.

وأبرز مثال على تنامي تنظيم داعش في العراق هو إحلال وبروز دور إيران في العراق، والذي قام على تشكيل ميليشيا شيعية تابعة لها.

وفي حالة سيطرة الحوثيين على السلطة في صنعاء، ستسعى إيران لإيجاد موطئ قدم لها في منطقة القرن الأفريقي، خاصة بعد تزايد التمركز الإماراتي والسعودي، وذلك بناءً لعدة دوافع يأتي أبرزها في إظهار دور لها في تلك المنطقة التي تحاول الدول جميعها لإيجاد وجود عسكري بها،  وتسعى في الوقت الحالي إلى افتتاح عدد من المراكز الشيعية في دول المنطقة لإيجاد أتباع لها، وهو ما أسست لإنشائه في جيبوتي والسودان، وافتتاحها لمركز أهل البيت بعام 2014.

 تهديد الأمن اليمني
مزقت الحرب الأهلية اليمن، وأسكبت من صراعه مرارة الأزمات الإنسانية، إذ وضعت الحرب 80 % من الشعب اليمني في أزمات إنسانية، ونقص حاد في المواد الغذائية والطبية، حسبما أشار إليه تقرير لـ «بي بي سي».
بجانب الأزمات الإنسانية أفشلت جماعة الحوثي الانتقال السياسي الذي كان متوقعًا عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع «على عبدالله صالح»، واستغلت المرحلة الانتقالية لتدخل البلاد في مرحلة فوضى حتى الآن.

تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 3 ملايين مواطن قد نزحوا بعيدًا عن بيوتهم، بينما يعاني 14 مليونًا من نقص شديد في الأمن الغذائي، ويواجه ما يقارب من نص مليون طفل، بعمر أقل من خمس سنوات، خطر الموت جوعًا.

 تهديد الأمن العالمي (البحري)
يستمد اليمن أهميته الجيوستراتيجية من موقعه الجغرافي المهم المطل على باب المندب (مضيق يربط ما بين المحيط الهندي والبحر الأحمر) الذي تزداد أهميته عالميًّا، فباب المندب هو باب قناة السويس الجنوبي، والقناة تعد من أهم الممرات الملاحية في العالم، كما يمر بالمضيق ما يقارب 4 ملايين برميل نفط يوميًّا من الخليج العربي إلى مناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، حسب ما أشار تقرير لـ«دويتشه فيله».

 وفي إطار العزلة الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، ستحاول بكل الطرق الممكنة أن تُهدد الأمن البحري لمضيق باب المندب، كورقة ضغط للتراجع عن الحصار الاقتصادي.

ومن جانبها، هددت جماعة الحوثي سير ناقلات البترول السعودية في يوليو الماضي، إذ تعرضت اثنتان منها لهجوم حوثي، الأمر الذي اضطرها لوقف إمداداتها البترولية بشكل مؤقت، ولكنها تراجعت عن تهديد بمثل هذا الممر المهم، لأن إيران لا تريد استعداء العالم بأثره، ولكنها تبوح بورق باب المندب من حين لآخر لمجرد الضغط على الدول الخليجية من ناحية، وتخويف الدول الغربية، خاصة أمريكا من ناحية أخرى.
* عن موقع (المرجع لدراسات وأبحاث الإسلام الحركي)​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى