هل تتجاوز حكومة معين عبدالملك إرث بن دغر؟

> رشيد الحداد*

>
 الفساد الإداري والمالي وتدهور العملة وتوقف ورواتب الموظفين وتدهور الخدمات، ملفات معقدة وشائكة تواجه حكومة الشاب معين عبدالملك، الذي أدّى اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدربه منصور هادي في العاصمة السعودية الرياض، خلفاً لأحمد عبيد بن دغر.

استلم الدكتور معين عبد الملك مهام رئاسة الحكومة الموالية لهادي خلفاً لأحمد عبيد بن دغر، دون مراسيم استلام وتسليم بين رئيس الوزراء السلف والخلف، كما اعتاد اليمنيون، ولكنه ورث ملفات معقدة وشائكة تفوق أي محاولات، لإصلاح ما دُمّر في عهد سلفة.

رجل السعودية كبش الفداء
أثبت أحمد بن دغر، خلال سنوات ما قبل الحرب، أنه واحد من أبرز رجالات السعودية المخلصين في اليمن، ولذلك نحج في الوصول إلى رئاسة الحكومة بقرار سعودي في الثالث من إبريل 2016م، وهو المنصب الذي كان الأقرب لتقلده بالإجماع في السابع من نوفمبر 2014م، إلا أن هادي تدخل في اللحظات الأخيرة ليبدّد حلمه السابق بسبب ارتباط بن دغر الوثيق حينها بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي اتخذ في الثامن من الشهر نفسة قراراً بإبعاد هادي من منصبه كنائب أول لحزب «المؤتمر» وعين بن دغر بدلاً منه، ولذلك فـ«التحالف» الذي أمّن خروج بن دغر من صنعاء بعد شهر من اندلاع الحرب، فرضه جبراً على هادي.

وبعد وصول بن دغر لرئاسة الحكومة اتخذ من محاربة «أنصار الله» ذريعة لتنفيذ المخططات ، ليبدأ بتقويض الهدنة الاقتصادية الموقعة بين محافظ البنك المركزي السابق محمد عوض بن همام، ورئيس حكومة التكنوقراط خالد بحاح، في يونيو من العام 2015م.

حوّل هادي المقيم في الرياض منذ أربع سنوات، رئيس حكومته بن دغر، إلى كبش فداء، فحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، وبرّأ «أنصار الله» من تحمل أي مسؤولية، بعكس اتهاماته المتكررة لهم بوقوفهم وراء التدهور الاقتصادي، ومنح دول «التحالف» بشقيها الإمارات والسعودية، صك براءة مما سسبباه للاقتصاد اليمني، أكان من خلال استهداف البنية التحتية في الشمال، أو تقاسم الثروات في الجنوب، والسيطرة على مصادر النفط والغاز والتحكم بالموانئ والمنافذ والمطارات ومصادرة الإيرادات العامة للدولة وتصدير النفط، ودعم السلطات المحلية التابعة لـ«الإصلاح» والموالية للجنرال علي محسن الأحمر، في مصادرة إيرادات نفط وغاز صافر التي تبلغ سنوياً أكثر من نصف مليار دولار، وكذلك مصادرة ما يزيد عن 20 مليار ريال سنوياً تمثل عائدات منفذ الوديعة الحدودي الواقع بين اليمن والسعودية، والواقع إدارياً وجغرافياً تحت نطاق محافظة حضرموت، وتمت السيطرة عليه من قبل قوات موالية لـ«الإصلاح» ويتم استغلاله حتى اليوم لصالح سلطات مأرب بتواطؤ سعودي.

دول «التحالف» التي دفعت برئيس حكومة هادي المقال إلى التحريض على البنك المركزي في صنعاء منذ الأيام الأولى لتقلّده رئاسة الحكومة، عملت على تعطيل كافة وظائف حكومته، وحوّلتها إلى حكومة شكلية تنفذ ما تؤمر، ولا قرار إدارياً وسيادياً لها في المحافظات الشمالية والغربية، وهو ما سكت عنه هادي، وقبل به بن دغر، الذي لم يدافع على حكومته خشية ردة فعل «التحالف».

هذا هو حال المحافظات الواقعة تحت نطاق حكومة هادي، وهو يُشكل أبرز التحديات التي تواجهها حكومة معين عبدالملك، المطالبة اليوم بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، بينما مصادر النفط والغاز وقرابة 85 % من إيرادات الدولة في المحافظات الجنوبية والشرقية، خارج عن سيطرتها.

إرث ثقيل
إقالة بن دغر والإبقاء على الفساد الإداري والمالي الذي تصاعد في عهده بتوجيهات «التحالف» يعد أبرز التحديات التي تواجه حكومة معين عبدالملك. فملف التعيينات العائلية المدنية والعسكرية  والتي تضخمت في عهد بن دغر تعد قنبلة موقوته تواجه رئيس الحكومة الجديد، لارتباط تلك التعيينات التي شملت مناصب عليا ومناصب ديبلوماسية ومنح دراسية، بمصالح حزبية وسياسية، وارتباط المعينيين فيها بتيارات موالية ومرتبطة بـ«التحالف»، وتحديداً باللجنة الخاصة التي تعد اليوم ولية نعمة الحكومة «الشرعية».

ذلك الملف الذي تصل تكاليفه الشهرية إلى 90 مليون دولار، على شكل رواتب ونفقات، وبمعدل تراكمي سنوي يفوق مليار دولار، كان أحد دوافع حكومة بن دغر لطباعة كميات تضخمية من العملة المحلية دون غطاء، واستخدامها في السوق لشراء الدولار بهدف سداد فاتورة أجور ومرتبات كبار موظفي الدولة الجدد الذين يتواجدون ما بين الرياض والقاهرة وإسطنبول وعمّان، وذلك بعد أن أوقفت الرياض تمويل حكومة هادي برواتب الموالين الجدد.

الاقتصاد والرواتب
من أهم المأخذ على حكومة أحمد عبيد بن دغر، قيامها بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن دون ترتيبات مسبقة أو دراسات، بل نكاية بحركة «أنصار الله»، فقدمت النموذج الأسوأ في إدارة البنك بعد أن فشلت في إدارته وتفعيل وظائفه لتلجأ إلى طباعة 1.6 تريليون ريال من العملة دون غطاء، بهدف تغطية فشلها في إدارة البنك واستعادة الإيرادات العامة الدولة التي وجهت خطياً بمصادرتها وعدم تصديرها إلى بنك صنعاء قبل شهرين من قرار تعطيل وظائفه.

وعوضاً عن حماية العملة وصرف رواتب الموظفين دون استثناء حسب التزامها قبل وأثناء وبعد صدور القرار، أعلنت في يوليو من العام الماضي تعويم الريال اليمني بشكل كامل، وبرّرت ذلك بعدم قدرت البنك على التدخل في السوق لحماية العملة من التدهور، وتسببت بتدهور سعر العملة اليمنية بنسبة 233 % منذ قرار نقل البنك في سبتمبر 2016م، وهو ما أدّى إلى تدهور الأوضاع المعيشية لمعظم اليمنيين، كما تلكأت في صرف رواتب موظفي الدولة مستخدمة أكثر من مبرر وأكثر من ذريعة لتفرض عقاب جماعي على 850 ألف موظف يمني في المحافظات الشمالية، تمثل بحرمانهم من رواتبهم دون مبرر منطقي.

لذلك يعد ملف إعادة سعر العملة وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين في مختلف ارجاء البلاد وصرف رواتب الموظفين دون استثناء، أحد ابرز المطالب الشعبية التي تواجهها حكومة هادي الجديدة، فهل سيتجاوز معين عبدالملك الإرث الثقيل الذي ورثة عن سلفة أحمد عبيد بن دغر؟ أم سيمضي على نهج سلفه؟
* عن (العربي)​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى