(المبروكة)..المروحية التي أنقذت أبناء المهرة من إعصار (لوبان)

> تقرير وتصوير/ نجيب المحبوبي

>
 تحولت عاصفة مدارية إلى إعصار مدمر اسمه «لوبان» ضاربا محافظة المهرة المطلة على البحر العربي، في ثاني إعصار تشهده هذه المحافظة الجنوبية الحدودية مع سلطنة عمان خلال عدة أشهر، تسبب في أضرار واسعة للبنية التحتية وتشريد مئات الأسر.

وغمرت سيول الأمطار مناطق محافظة المهرة وقطعت الطرقات الرئيسية وفصلت كل مديرية عن الأخرى، بينما مازالت السيول تحاصر قرى عدة من جميع الاتجاهات للأسبوع الثاني.


كان العديد من المواطنين في بقعة واحدة متجمعين في قراهم التي بدأ الفيضان يحاصرها من كل مكان الأسبوع الماضي حينما تساقطت الأمطار بغزارة على رؤوسهم، كان المهراويون لا يعرفون كيف يخرجون أو يأكلون حتى فقدوا الأمل وأوكلوا أمرهم للرحمن، فهم على هذا الحال لأكثر من يومين.

تنفس المهراويون الصعداء حينما ظهرت لهم طائرة عسكرية (مروحية عمودية) أعيد إدخالها إلى الخدمة من جديد، وكانت أولى مهامتها إنقاذ أبناء المهرة.


هبطت هذه الطائرة التابعة للجيش الحكومي، بعد إعادة تأسيسه منذ اندلاع الحرب في مارس 2015، ولأول مرة منذ سنوات في مناطق العبري الخصبة التي كان يحاصرها الفيضان من كل مكان، وحينها أعيد الأمل لأبناء المهرة الذين كانوا يكبرون عند قدوم الطائرة لإنقاذهم وكان في مقدمة فريق الإنقاذ التي أقلتهم الطائرة محافظ المهرة راجح باكريت.

وهكذا عاد الطيران الحربي اليمني للتحليق منذ 4 سنوات، وبالرغم من شحة الإمكانيات كان الفضل لهذه المروحية، بعد الله عز وجل، بإنقاذ الكثير من أبناء المهرة.
ففي أول يوم من وصول الطائرة العسكرية العمودية قامت بتنفيذ 19 طلعة، وما زالت حتى أمس الإثنين تقوم بإغاثة الموطنين في القرى المعزولة.


«الأيام» وهي تتابع الأحداث في المهرة كأول وسيلة إعلامية تصل المحافظة المنكوبة بعد إعصار (لوبان)، التقت بطاقم المروحية الذين تحدثوا عن تفاصيل كثيرة يجهلها الكثيرون.

يقول قائد الطائرة العقيد أحمد حسن العفيف حول إعادة مهمة طائرتين عموديتين للجيش الوطني «بعد أربع سنوات وبجهود شخصية حافظنا على جاهزية الطائرتين المروحيتين المتبقيتين لنا، وهما على أهب الاستعداد لتأدية أي خدمة، وفي فجر يوم الثلاثاء (أمس) تم إبلاغنا من قائد المنطقة العسكرية الأولى بالتحرك صوب محافظة المهرة لإنقاذ المواطنين الذين حاصر الفيضان قراهم ومنازلهم، مباشرة انطلقنا بعلو منخفض نظراً للأجواء السيئة، وبفضل الله تجاوزنا هذه المعوقات المناخية حتى وصلنا إلى مطار الغيظة، لكننا لم نكن نعرف مهمتنا بالضبط، وتم استقبالنا من قبل محافظ المحافظة راجح باكريت، ومباشرة صعد معنا في الطائرة وكان هو المرشد لنا، وانطلقنا صوب منطقة العبري التي أصبحت مثل الجزيرة، والتي احتشد فيها المواطنون بمكان واحد هرباً من السيول التي تحاصرهم، وطرنا على علو منخفض لشدة الأمطار، وبمجرد هبوط الطائرة كنا نسمع التكبيرات من الموطنين (الله أكبر الله أكبر)، وكان عددهم يصل إلى 300 شخص ومن ضمنهم مصابون بأمراض الفشل الكلوي ونساء حوامل، فقمنا بنقلهم بأكثر من طلعة، وكنا نعبر من مناطق أخرى حاصرها السيل والكل يشير لنا لإنقاذهم، وعدنا إليهم ثم بعد ذلك تدخل طيران التحالف، ونفذنا باليوم الأول 19 طلعة، حينها لم نكن نبالي بشيء لأننا أخلصنا نيتنا لله، من أجل إنقاذ هؤلاء الموطنين، الذين أصبحوا الآن في كل مكان يدعون لنا، فهل تصدقون لقد كنا نقوم بإنقاص وقود الطائرة حتى نتمكن من إنقاذ أكبر عدد من الموطنين؟!».


يستطرد العفيف حديثه قائلا: «نطالب من قيادتنا السياسية بالنظر إلى أوضاع الطائرتين المتبقيتين، ونتمنى الاهتمام بهما وبطياريهما اليمنيين».
وحول الحديث الذي شغل وسائل الاجتماعي لأشخاص يقومون بدفع الطائرة قال العفيف: «الطائرة نفذت في اليوم الأول 19 طلعة وهذا شيء مستحيل، لكننا تجاوزنا المستحيل من أجل إنقاذ الموطنين، لكن يجب أن يعرف الكل أن محركات الطائرة مفصولة عن العجلات وعندما تم دفع الطائرة كان الغرض دفعها لموقع مناسب في المدرج حتى يتم استدعاء سيارة الإطفاء ويتم غسل الطائرة من الداخل لأنها أصبحت ممتلئة بالطين بسبب إنقاذ الموطنين».


أما العقيد المهندس الجوي فاروق المقطري فقال: «إننا في القوات المسلحة اليمنية نحترم ونقدس القوانين والأنظمة، ونحن كفريق مكيانيك للطائرات المروحية نحافظ على جاهزية المروحية على الدوام، ولهذا قامت المروحية بعمل جبار في إنقاذ المهرة، ويجب أن تكون جاهزية الطائرة لأي عمل اضطراري، لكننا نطالب بتوفير المستلزمات التي طلبنها، فهل تصدقون بأن زيت الطائرة منذ عامين لم يتغير لعدم وجود زيت أو شحوم خاصة لها؟! آخر مرة تم شحن حاوية تحتوي على الشحوم والزيوت في عام 2016 من مصر، لكنها لم تصل حتى الآن، كما يجب أن يعلم الجميع أن هذه الطائرة تعرضت لإطلاق ناري كثيف من قبل تنظيم القاعدة في سيئون، لكننا عملنا على صيانتها وسد آثار الطلقات النارية».


ويواصل المقطري حديثه: «فريق الطائرة عمل كفدائي لإنقاذ أبناء المهرة، وكنا نقوم بصيانة دورية باليوم أكثر من مرة لأن الطائرة عملت أكثر من طاقتها».

ويتحدث المقدم المهندس منصور الزغير الصبيحي عن دور طاقم الطائرة قائلا: «نحن كفريق مهندسين نبذل قصار جهدنا للاهتمام بالطائرتين المتبقيتين لدينا والمتواجدتين في مطار سيئون بالرغم من شحة الإمكانيات وعدم اهتمام الدولة بهما، فهل تصدق زيوت الطائرة لم تتغير منذ عامين، والمحركات تحتاج لصيانة؟! لكننا نقوم بتفقدها أولا بأول، وهي الآن على أتم الجاهزية لتنفيذ أي مهمة في أي وقت».


وأضاف: «عندما تلقينا أمرا بالتحرك لإنقاذ أبناء المهرة بذلنا قصار جهدنا وقمنا بالتحرك من سيئون حتى مطار الغيظة، ومازلنا نقوم بأعمال تفقد بعد كل طلعة، والحمد لله الطائرة قامت بعمل جبار لكننا نتمنى بأن يتم الاهتمام بها ويتم توفير زيوتها».

عويص.. شاهد تاريخي
من جانبه قال الشاب ناصر حاكم بن عويض، وهو أحد أبناء المهرة الذي كان شاهداً على كل صغيرة وكبيرة في إعصار (لوبان) وعمل بفرق الإنقاذ: «عند وصول الطائرة اليمنية إلى محافظة المهرة أعادت الروح لأبنائها والبسمة إلى أطفالها، وفي صمت رهيب وخوف شديد سمعنا صوت الطائرة التي يطلق عليها أبناء المهرة الآن اسم (المبروكة) كانت تحلق في سماء المهرة وتقوم بإنقاذ جميع المحاصرين، وهذا موقف لن ينساها أبناء المهرة أبدا».


واختتم عويص حديثه بالقول: «كلمة شكر أقولها إلى الطيارين الذين ساهموا بنقل إخوانهم الغارقين وسط السيول والمحاصرين فوق البيوت، ربما كلمة شكر قليل بحقهم، ووقوفهم مع المحافظة لا ينسى مع كل رجل وامرأة مهرية.. نعم سطرتم أجمل الفزعات وفعلتوا ما لم يفعله الجميع، كنتم في المقدمة من بداية الإعصار إلى نهاية الإعصار، وأنتم تعملون بكل جهد واجتهاد وضمير مخلص لخدمة المحافظة، كل الشكر والتقدير للطيارين والطاقم الفني وجميع المساهمين في نقل الإغاثات، ونقل الأسر العالقة من وسط إعصار (لوبان)».

وهذه المروحية روسية الصنع من طراز MI - 17 تتبع المنطقة العسكرية الأولى التي تتخذ من سيئون تمركزا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى