لماذا تراجع الجانب الدولي في نشاط «قاعدة اليمن»؟

> رزق أحمد

>
 يعتقد بعض المختصين أن الجانب الدولي في تنظيم «قاعدة الجهاد بجزيرة العرب»، الذي يتخذ من اليمن مقرّاً له، قد تراجع، لمجرّد أن التنظيم لم ينفذ، خلال السنوات الأخيرة، عمليات عابرة للحدود، كعملية عبد الله حسن طالع عسيري، التي استهدفت الأمير محمد بن نايف، في قصره بمدينة جدة السعودية، وعملية الشاب النيجيري، عمر الفاروق عبد المطلب، التي حاولت استهداف محتفلين بعيد رأس السنة الميلادية في مدينة ديترويت بالولايات المتحدة، إضافة إلى عمليات الطرود المفخخة وغيرها من العمليات التي نفذ معظمها بين العامين 2009/2010.

المختصون، ومنهم غريغوري دي جونسن، الباحث المقيم في «المؤسسة العربية» في واشنطن، وعضو فريق خبراء اليمن لمجلس الأمن الدولي من عام 2016 إلى عام 2018، يعيدون هذا التراجع إلى الضربات الموجعة التي تلقاها التنظيم في السنوات الأخيرة، عبر الطائرات الأمريكية من دون طيار، والتي قضت على عدد كبير من قيادات الصف الأول والثاني والثالث، وإلى تحدي المنافسين، في إشارة إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي أعلن عن تمدّده إلى اليمن أواخر العام 2014.

تمرّد محلي وإرهاب دولي
وانطلاقاً من هذا الاعتقاد، قسموا الفرع إلى فرعين، التمرّد المحلي، والمنظمة الإرهابية الدولية، ورأوا أن قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات محلية، وعلى استقطاب المزيد من الأشخاص إلى صفوفه، ليس مؤشراً على زيادة خطره مادام أنه غير قادر على تنفيذ عمليات خارج مركزه، وأن الخلط بين الاثنين في صورة واحدة شاملة للتنظيم فشلٌ يقع فيه عدد من الصحافيين والمحللين والمسئولين.

غير أن ما ذهب إليه المختصون مبني على متابعة لنشاط التنظيم وليس على متابعة لسياسته العملياتية، التي تغيَّرت كثيراً في الأعوام الأخيرة، نتيجة لمستجدات الأحداث المحلية والإقليمية والدولية.
وقبل الحديث عن هذا الجانب، من المهم الإشارة إلى أن التنظيم نفذ، منذ تأسيسه، نحو 8 عمليات دولية فقط، في السعودية، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، والإمارات، وهي أقل مما نفذه تنظيم «الدولة الإسلامية» خلال أقل من عام في أوروبا.

كما تجدر الإشارة، إلى أن أهم العمليات الخارجية لفرع «القاعدة» اليمني، نُفذت بين العامين 2009 - 2010، وهي مرحلة ضعف، مقارنة بوضعه في الأعوام الأخرى، ومن هنا رفض التنظيم، خلال تلك الفترة، قبول منضمين جدد، لعدم قدرته على تحمل نفقتهم، كما ورد في كلمة لمن كان، حينها، المسئول العسكري، قاسم الريمي، بعنوان «انجُ عليٌ فقد هلك برويز». غير أن التنظيم عاد في العام 2011، إبّان سيطرته على محافظة أبين وأجزاء من محافظة شبوة، جنوب شرقي اليمن، ودعا للنفير إلى مناطق سيطرته، نتيجة لتحسن ظروفه المالية وغيرها.

وعلى الرغم من تنامي قوة وقدرات التنظيم منذ العام 2011، إلا أنه نفَّذ عمليتين خارجيتين فقط، الأولى نفذها شاب شيشاني يدعى تامرلان تسارناييف، ضد تجمّع رياضي في مدينة بوسطن الأمريكية عام 2013، وقد أقرَّ لاحقاً بأنه تأثر بخطاب قاعدة اليمن، والثانية نفذها الأخوان سعيد وشريف كواشي، واستهدفت مقر صحيفة «شارلي إيبدو» في العاصمة الفرنسية باريس، مطلع العام 2015، والأخيرة تم التخطيط لها قبل العام 2011.. غير أن التنظيم، ومنذ عملية الأخوين كواشي، لم ينفذ أو يخطط لعمليات خارجية أخرى، وهو أمر يتعلق بعدم رغبته في تنفيذ عمليات من هذا النوع وليس بعدم قدرته، بحسب مصادر مقرّبة منه.

أسباب التراجع
وتشير المصادر إلى أن هناك عدة أسباب وراء توقف محاولات «قاعدة» اليمن شن عمليات خارجية، أهمها:
ـ حرصها على الابتعاد عن المواطن التي ينشط فيها تنظيم الدولة، وكان الأخير قد دخل على خط العمليات الخارجية بهجوم باريس الذي خلف نحو 500 بين قتيل وجريح في نوفمبر من العام 2015.

ـ حرصها أيضاً على عدم القيام بما يمكن أن يلفت الأنظار إليها ويعيد الحرب الدولية والإقليمية عليها كأولوية، بعد أن تراجع الاهتمام بها إثر انطلاق عملية عسكرية سعودية «عاصفة الحزم» ضد جماعة «أنصار الله».

ـ وجود قناعة بأنها قد تهدر الوقت في التخطيط لعمليات لا تساعد الظروف الداخلية والخارجية على نجاحها.

وتضيف المصادر، أن سياسة التنظيم منذ العام 2015 اقتضت، إلى جانب تجميد مثل هذه العمليات، أموراً أخرى منها عدم السيطرة على مناطق لحكمها، أما سيطرته على مدن رئيسية في محافظات جنوبية بين العامين 2015 - 2016، فقد كان استغلالاً لفراغ في السلطة، ولهذا انسحب منها دون قتال مع أول تحرك لاستعادتها، على حد تعبيرها.. وتتابع المصادر أنه إضافة إلى ذلك، أوقف التنظيم سلسلة عمليات على أهداف أمنية وعسكرية داخل الأراضي السعودية من مناطق حدودية يمنية، والتي كان قد بدأها في العام 2014 بهجوم على البحث الجنائي السعودي في شرورة.
 عن (العربي)​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى