ندوة سياسية في تعز تبحث «الدور القطري السلبي» في الأزمة اليمنية

> تغطية/ صلاح الجندي

>
أقام تكتل إسناد الدولة، وهي منظمة غير حكومية تأسست حديثا في تعز، أمس الأول الخميس ندوة سياسية بعنوان «قراءات عن الدور القطري السلبي في الأزمة اليمنية» وركزت نقاشاتها حول ثلاثة محاور في الجانبين السياسي والإعلامي.

وتعد الندوة، الذي حضرها عدد من السياسيين والإعلاميين والأكاديميين، الفعالية الأولى لتكتل إسناد الدولة ضمن عدد من الفعاليات يسعى التكتل لتنظيمها، بهدف إسناد جهود الدولة في استعادة المؤسسات وتفعيلها والقضاء على الانقلاب.

وبدأت الندوة بكلمة تعريفية حول نشأة التكتل، ألقاها رئيسه فخر العزب، الذي قال «إن التكتل هو كيان جماهيري وإعلامي مقره في تعز، يهدف لإسناد جهود الدولة في استعادة مؤسساتها وتفعيلها والقضاء على الانقلاب، وإسناد جهود دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في استعادة الشرعية، والعمل على خلق رؤية موحدة بين الحكومة الشرعية والتحالف العربي لتحقيق الأهداف والمصالح المشتركة، وخلق رأي عام داعم لهذه الأهداف والتوجهات في مواجهة التحديات التي يفرضها مشروع الانقلاب والمشروع الفارسي الداعم له.

وأكد العزب أن أهمية الفعالية تكمن في خطورة الدور السلبي الذي تلعبه دولة قطر، خاصة في محافظة تعز، من خلال دعم بعض المكونات التي تسعى لخلط الأوراق ونشر الفوضى وجر المحافظة إلى الاقتتال الداخلي والتحريض ضد التحالف العربي والدعوة للتقارب مع جماعة الحوثي وتسخير أدواتها الإعلامية المختلفة - أي قطر - لتشويه تعز ومشروعها الوطني والمدني، وهو الأمر الذي لا يمكن غض الطرف عنه.

مشروع الزعامة القطري الإيراني
وفي الندوة قدم الباحث السياسي نبيل الجوباني ورقة سياسية بعنوان «التقارب الإيراني القطري.. جديد أم قديم؟!»، مؤكدا أن سياسة الدولتين لا تتكئ على ثوابت مشتركة غير نزعات التوسع والزعامة وتبني ودعم جماعات الإسلام السياسي ومعاداة دول الجوار وشيطنتها والتدخل السافر في شؤونها وتصدير القلاقل والفتن ومشاريع الثورة الأحادية ذات اللون الواحد.

كما أكد أن «قطر لم تربح بموجب هذا التقارب بل خسرت محيطها العربي بينما ربحت إيران.
وأضاف «كما سيأتي في تنفيذ قطر للأجندة الإيرانية، واستغلال قطر إلى أبعد مدى، بحيث تظن قطر أنها تكسب من حيث إنها تخسر، فلا مصالح مشتركة مصانة غير ذاك التوافق المرحلي الذي يفرضه الراهن الآني».

وتابع «ألا استراتيجيات جامعة بينهما، وحتى برغم هذا التقارب المتنامي بحكم المقاطعة العربية لقطر فإنها لا يمكن أن تفضي إلى علاقات استراتيجية بحكم نزعات السيطرة والهيمنة وتكتيكات الطرفين في استخدام الآخر، وإن بدت قطر هي الحلقة الأضعف في هذا التقدير، وتدرك ذلك قطر بطبيعتها لكنها تراهن على المتغير وعلى علاقتها التحالفية المفتوحة على كل الأضداد».

وشدد الباحث الجوباني قائلا: «إن قطر بحجمها الجغرافي السكاني الصغير وهي تقف على بحيرة من ذهب، تراودها أحلام الزعامة وأوهام القيادة، وأن تلعب أدوارا أكبر منها بكثير، وتحاول استغلال إمبراطوريتها المالية المتضخمة لتسويق ذاتها وصناعة زعامتها الكرتونية بأساليب ووسائل مشبوهة ومدنسة ومفلسة وتبني أجندات التفتيت والعبث والفوضى الخلاقة التي تصنعها دوائر الاستخبارات العالمية».. مضيفا أن «فتور العلاقات القطرية مع محيطها العربي يؤكد ذلك».

وقال «وعمدت قطر على تعويض ذلك بتبني جماعات الإسلام السياسي ودعمها لتنفيذ مشاريع الفوضى الخلاقة وإثارة الفتنة في المنطقة، من مصر إلى العراق إلى سوريا إلى اليمن إلى الصومال، فقطر تخلت عن عمقها العربي رغم تشدقها بعروبية توجهها».

ووصف الجوباني ارتماء قطر في أحضان إيران بأنه «محاولة تكتيكية تعوض بها حالات القطيعة العربية لها وتؤكد هشاشة هذه الدولة التي بدت مكشوفة الأهداف والتوجهات والغايات،  مجرد أداة تحرك بالريمونت كنترول من دوائر صناعة التفتيت والتشتيت لوحدة الشعوب والمنطقة».

وإذ اعتبر الباحث الجوباني التقارب القطري الإيراني بأنه «برجماتي الصرف» وهدفه زعزعة أمن المنطقة ووراثة الزعامة الإقليمية قال وتلتقي معهما في ذلك تركيا «الرجل المريض» وأوهام الخلافة تنسيقا وتشاورا واتصالا، ومعهم أدواتهم وأذرعهم في المنطقة، بحسب وصفه.

تقارب حوثي إخواني برعاية قطر
وفي المحور الثاني قدمت الناشطة السياسية أروى الشميري ورقة عمل بعنوان «الدور القطري في دعم الانقلابيين قبل وبعد الأزمة الخليجية» تناولت فيها حجم الدعم القطري للحوثيين، والذي يكاد يفوق الدعم الإيراني، حيث كشفت أن وثيقة خطيرة أعيد تداولها أخيراً، قد فضحت حقيقة التواصل والدعم القطري للحوثيين، عبر خطاب موجه من بدر الدين الحوثي والد حسين وعبدالملك، إلى أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، أثنى فيه على دعمه السخي، والذي مكنهم على حد زعمه من تحقيق الانتصارات.

وقطر هي الدولة الوحيدة التي أنقذت جماعة التمرد الحوثي بعد أن أوشكت القوات الحكومية من القضاء عليها في العام 2006 ليتطوع حمد بن خليفة، وبإيعاز من إيران، كأول وسيط، لتسوية الصراع، بعد مقتل مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي عام 2004.
وأضافت الشميري أنه خلال تدخل قطر للوساطة بين حركة أنصار الله والحكومة، استطاعت إقامة علاقات جيدة مع قيادات حوثية وقنوات اتصال مباشرة وخاصة بينهما.

ويعتقد البعض أن إيران لم تكن غائبة عن اتفاق المصالحة الذي توصلت له الوساطة القطرية في فبراير 2008، وأن جهود الوساطة القطرية تأثرت بالرغبات الإيرانية بفعل العلاقات بين الطرفين. حيث اتهم صالح قطر بدعم الحوثيين، وأطلق على الاتفاقية اسم اتفاقية «الدوحة»، لاعتقاده أنها خدمت الحركة الحوثية بأن منحتها الشرعية كطرف مساوٍ للحكومة، وأتاحت لها فرصة لأخذ أنفاسها وإعادة تنظيم صفوفها.

وأضافت قائلة: «من المعروف تميز السياسة الخارجية القطرية بقدرتها على نسج علاقات مع أطراف متصارعة ومتعارضة، دون الإضرار بعلاقاتها بأي منهما، إلا أنه من الواضح أن علاقتها (الدوحة) بالإخوان المسلمين فرع اليمن كانت على حساب الحوثيين، الذين دأبوا على توجيه انتقادات لقطر بأنها تقوم بتعزيز نفوذ الإخوان المسلمين في اليمن، وأنها تدخلت لصالحهم عسكرياً ومالياً وإعلامياً في حروب ما قبل سقوط صنعاء».

وتابعت الشميري «إن اثر الأزمة الخليجية كشفت قطر عن وجهها الحقيقي وعبرت بصراحة عن موقفها من الانقلابيين الحوثيين، والذين سخرت لهم كل إمكانياتها الإعلامية والمالية واللوجستية لدعمهم، فعملت على تغطية أخبارهم ونقل خطابات زعيم جماعتهم عبر وسائل إعلامها المختلفة، كما استخدمت وسائل الإعلام المدعومة منها، بما فيها اليمنية مثل قنوات بلقيس ويمن شباب في مهاجمة دول التحالف العربي والتحريض ضده والمطالبة برحيله من اليمن، فيما فتحت هذه الوسائل الإعلامية منابرها لقيادات جماعة الحوثيين للتحدث من خلالها وتحت مبرر احترام حرية التعبير.

وترى الباحثة الشميري أن اثر الأزمة الخليجية كشفت قطر عن مشروعها المتنامي بالتقارب بين الحوثيين والإخوان عبر تجنيد خلايا ضخمة من الإخوان المسلمين داخل وخارج اليمن بقيادة توكل كرمان، وهو يهدف لعكس التقارب القطري الإيراني إلى الداخل اليمني من خلال الدعوة الصريحة للتحالف مع الحوثيين في مواجهة التحالف العربي، وهي الدعوة التي انعكست على سلوك الإخوان المسلمين في الداخل حيث انضمت قيادات إخوانية للقتال في صف الحوثيين في مدينة دمت بالضالع، وكذلك في الحديدة، بالإضافة إلى تنظيم جماعة الإخوان مهرجانا جماهيريا كبيرا في محافظة عمران دعما للحوثيين، كل هذا بالإضافة إلى التقارب بين الطرفين في معظم المحافظات بما فيها تعز، والتي كان آخر ملامح هذا التقارب هو توجيه قائد محور تعز للواء 35 مدرع بالإفراج عن محتجزين حوثيين لدى اللواء، وفقا لما أكدته وثيقة رسمية مسربة.

وتضيف الشميري: «إن قطر تستخدم الإخوان المسلمين لتنفيذ أجندتها في عرقلة الشرعية والتحالف العربي المساند لها، وذلك من خلال العمل على السيطرة على المؤسستين العسكرية والأمنية، وفتح معسكرات خاصة، وتعطيل الجبهات وتوقفها دون حسم وفتح جبهات داخلية مع القوى الأخرى الداعمة للشرعية، وخاصة السلفيين أو القوى الوطنية مثل اللواء 35 مدرع، وابتزاز التحالف لتقديم المزيد من المال والسلاح، وكذا الاستحواذ على التعيينات في المناصب القيادية في الوزارات والمؤسسات والعمل على إقصاء الأطراف الأخرى، ولعب الدور السياسي المناهض لدول التحالف والمحرض عليه من خلال المسيرات والمظاهرات، والتحريض الإعلامي ونشر الأخبار والتقارير الكاذبة ومحاولة تصوير دول التحالف التي أنقذت أمن واستقرار ووحدة وعروبة اليمن على أنها دول احتلال وفقا لما يخدم مشروع الانقلابيين الحوثيين».

المال والإعلام القطري
المحور الثالث من الندوة كانت ورقة عمل بعنوان «الدور السلبي للإعلام القطري في الأزمة اليمنية» قدمها د. منصور القدسي أستاذ الإعلام بجامعة الحديدة الذي كشف أن الأزمة الأخيرة بين قطر ودول تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادتي السعودية والإمارات وأدت إلى انسحابها من التحالف العربي أن الإعلام القطري غير مهني في معالجته الإعلامية للحرب التي تشهدها اليمن، حيث أشار إلى تجاوز خطابه (الإعلام القطري) المتاجرة بالأزمة اليمنية لخدمة تشويه صورة السعودية والإمارات، وتحول إلى إعلام حربي لتلغيم القضية اليمنية نفسها لصالح أجندة إيران التدميرية، في تحول نوعي تفوق بالخصومة حتى على وسائل الإعلام المحسوبة على الولاء الإيراني، ولم يشهد التاريخ الإعلامي ظاهرة مثيلة لذلك، وبحاجة لدراستها لا لكشف أساليب التضليل المتبعة فيها بل للبحث عن أسرار الحرب الإعلامية القطرية للتمييز بين الوظيفة الإعلامية ومتطلباتها المهنية في الموضوعية والحياد، والوظيفة المخابراتية وغاياتها في زعزعة وتهديد الأمن اليمني والخليجي تنفيذاً لمخطط الفوضى الخلاقة الذي يستهدف تمزيق اليمن والخليج على حد سواء. 

ويؤكد القدسي أن الأزمة الأخيرة بين قطر وتحالف دعم الشرعية بقيادتي السعودية والإمارات أظهرت بشكل ثابت «أن قناة الجزيرة ليست قناة مهنية في معالجتها الإعلامية للحرب التي تشهدها اليمن وحسب، بل تجاوز خطابها من المتاجرة بالأزمة اليمنية لخدمة أجندة قطر بالإساءة لدور السعودية والإمارات إلى تلغيم القضية اليمنية لصالح أجندة إيران التدميرية، في تحول نوعي تفوق بالخصومة  حتى على وسائل الإعلام المحسوبة على الولاء الإيراني، ولم يشهد التاريخ الإعلامي ظاهرة مثيلة لذلك، وبحاجة لدراستها لا لكشف أساليب التضليل المتبعة فيها بل للبحث عن أسرار الحرب الإعلامية القطرية للتمييز بين الوظيفة الإعلامية ومتطلباتها المهنية في الموضوعية والحياد، والوظيفة المخابراتية وغاياتها في زعزعة وتهديد الأمن اليمني والخليجي من خلال ضخ رسائل ملغمة والترويج لأفكار تضلل الرأي العام حول تدخل دول التحالف وتؤلب مكونات تحالف دعم الشرعية بالداخل والخارج ضد بعضهم البعض، تنفيذاً لمخطط الفوضى الخلاقة الذي بدأت شرارته بالعراق بتنسيق مخابراتي أمريكي إيراني ويستهدف تمزيق دول اليمن والخليج على حد سواء إلى دويلات طائفية وجهوية».

ويعد هذا البعد -بحسب القدسي - أحد أبرز رهانات الحرب الإعلاميّة القطرية على اليمن، والذي ترتكز استراتيجية الدوحة في هذا الجانب على تكثيف حالة التشويه الإعلامي الموجهة نحو السعودية والإمارات، بهدف تكريس صورة نمطية في الداخل اليمني وفي العالم أن تدخلهما العسكري لا لإنقاذ اليمن من التمدد الايراني وإسقاط انقلاب المليشيا المدعومة منه «بل طمعا في ثروات اليمن وتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية، إضافة إلى بث سلسلة متواترة من الأكاذيب التي تعمد لتشويه أي عمل تقوم به دول التحالف بما في ذلك الأعمال الإنسانية والإغاثية».

ويعتقد القدسي أن الأمر لا يقتصر على ذلك ولكن أيضا «تشويه صورة الحكومة الشرعية وإظهارها مسلوبة الإرادة من دول التحالف وإثارة الشكوك تارة بين مكوناتها العسكرية والسياسية والمكونات المناهضة للمليشيا وتارة أخرى بينهما وبين الإمارات والسعودية لشق وحدة وتماسك صف تحالف دعم الشرعية لمزيد من إرباك المشهد اليمني وتشويه قضيته العادلة في مواجهة مليشيا الحوثي الإرهابية.

ولم تكتفِ الحرب الإعلاميّة القطرية على اليمن بتوظيف وسائل الإعلام القطرية من أجل تحقيق هذا الهدف الخبيث، بل ذهبت لتجنيد أذرعها الإعلامية اليمنية من القنوات الفضائية والمنابر الإعلامية التي تكفلت بتمويلها منذ 2011، وخلق منابر إعلامية جديدة في المشهد اليمني تتبنى خطاب مناهض للتحالف لتضخيم الصوت المعادي له باليمن.
يشار إلى أن الندوة حضرها عدد من السياسيين والإعلاميين والأكاديميين، وتعد الفعالية الأولى لتكتل إسناد الدولة ضمن عدد من الفعاليات الهادفة لإسناد جهود الدولة في استعادة المؤسسات وتفعيلها والقضاء على الانقلاب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى