عدن والصراع السياسي

> أحمد القدري

> تقاعس القوى والحركات والتجمعات السياسية عن الحالة المُزرية التي وصلت إليها مدنية عدن - جوهرة الجزيرة - تعمُ اضطرابات جنونية في الحالة الأمنية والمعيشية وتدهور اقتصادي مخيف، يجعلنا نتساءل:
 - لماذا؟ وكيف؟ ولمصلحة من كل ما يجرى؟
الفساد السياسي ينتج فسادا اقتصاديا، وذلك لا حياد فيه. ونحن عندنا الساحة السياسية متاحة لمن هبّ ودبّ بالوصولية، بالوراثة أو بالانتماء المناطقي. هنا لا مجال للعقل والحكمة والثقافة وفن الدبلوماسية. الكل يسعى لفرض آرائه والكل هو الصح ولا مجال للفكر الآخر الصائب فيما إذا شبّ الخلاف. وإذا تفاقمت الأمور يكون لصوت السلاح منطقية البقاء للأقوى.

بتلك العقلية جرفنا التيار إلى هاوية التخلف السياسي، وصرنا في الحضيض، وتجلّينا كأضحوكة ومهزلة في المجتمع الدولي. هكذا نحن.
أين الحكمة؟ التي يولد معها العقل السياسي وقبلها الضمير الإنساني في إعادة الوضع إلى مساره الصحيح وعلاج الوضع المُزري في المدينة المحررة عدن.

 في حكم القانون، ذلك التقاعس والجهل السياسي يتقدمهما التمرد السلبي، سوف يعرّض الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي لهذه المدينة المسالمة إلى فاجعة عاقبتها كارثية وبالتالي ستتفاقم الانتكاسة في وضع يصعب الخروج منه، رغم أنّ المؤشرات القائمة تدل على أننا منجرفون لتلك المخاوف والتي نحن جميعاً في غنى عنها في هذه المرحلة دون غيرها.

 هناك وللأسف، ممن ينصِبون أنفسهم قادة حركات وتجمعات سياسية - وما أكثرهم - يُديرون بوعي أو دون وعي منهم، في خضم الجهل، أسوأ عملية اضطراب في إرباك الحالة السياسية والأمنية والتي بدورها ينعكس مردودها ليضع الحالة الاجتماعية والمُزرية -لمواطني هذه المدنية العزيزة- في الحضيض تماشياً مع الانفلات الأمني السائب، وللأسف يتم ذلك دون رادع يذكر، متجاوزة وفي تحدّ سافر مستفز للقانون والقضاء (الغائبين عن الساحة). فهنا الكل متهم والكل قاضٍ والبراءة للجميع.

وبذلك نرى وبشكل جلي دون التباس أنّ كل الأعمال المتردية والتخريبية محصّنة من قبل النّخبة السياسية والقادة الأباجل بحكم قانون -السادة والنخبة والقوة- حاميها حراميها.

ومع تلك الرؤية الضّلالية والظّلامية -التي تُسيّر الواقع- والتي لا تتحلى بالعقلانية والواقعية، يبرز السؤال الأكثر إلحاحاً:
- هل يتجاهل هؤلاء القادة، تلك التجاوزات عن قصد أم إنّهم مسيّرون من قبل قوة خفيّة؟
- ما هو الغرض من ذلك الانفلات الأمني؟ ومن هو المستفيد؟
- لماذا ذلك الصمت المخيف عن كل ما يحدث لمدينة عدن؟
نرى وجوه بارزة في دائرة الصراع السياسي على الساحة. فهناك، وبلا شك، منهم حفنة أغلبهم ممن أبلوا بلاءً حسناً في حاشية عفاش مخلصين له الولاء. والآخر منهم غير آبيهيين إلّا برفع القيمة العددية في أرصدتهم البنكية، فانتفخت كروشهم وتورّمت وجوههم شبعاً ورياءً فازدادوا قبحاً.

وهاك دون شك جماعة متفهمة للواقع المرير تمتاز بشجاعة عسكرية وكان لها الشرف في قيادة تحرير الجنوب إلّا إننا نراها لا تفقه الأُسس في اللعبة السياسية ومفتقدة للحنكة الدبلوماسية المعاصرة، لهذا فهي متخبطة تائهة في دهاليز الفكر السياسي الدبلوماسي، وبالتالي نحن في دوّامة صراع السياسي بدون بوصلة!!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى