التقرير الغربي الأسبوعي عن اليمن.. ترامب صعّب فرص التسوية السياسية ووفر غطاءً لمواصلة القتال

> عمر أحمد

>  
مفتاح الحل
رأى «منتدى الأمن الأمريكي» (جاست سيكيورتي)، أن «عدم محاسبة إدارة أوباما في المخاطرة بأن تتواطأ الولايات المتحدة في أخطاء التحالف العربي باليمن هو فشل حقيقي، برغم البيان الذي أصدره ثلاثون مسؤولاً في إدارة أوباما مؤخراً، ودعوا فيه إدارة ترامب لإنهاء كل الدعم المقدم للسعودية في تلك الحرب».

ولفت المنتدى الأمريكي إلى أن كبار المسؤولين السابقين «يحاولون الاعتراف بأن مشاركة أمريكا في الحرب بات من الواضح الآن أنه كان خطأ، بالنظر إلى فشل التحالف في الحد من انتهاكاته العديدة وإنهاء حرب»،  موضحاً أنهم في ذات الوقت «يبررون قرار إدارة أوباما الأولي بدعم الحرب على أساس التهديد المشروع الذي تشكله الصواريخ على الحدود السعودية، وإطاحة الحوثي بالحكومة اليمنية المعترف بها، بدعم من إيران».

وأكد على أن حسابا أكثر صدقاً لكيفية وصول الولايات المتحدة إلى ما هي عليه في حرب اليمن، «سيبدأ باعتراف أكبر بحقيقة دوافع وأخطاء إدارة أوباما في المشاركة في هذه الحرب»، منوهاً إلى أن محاولة  المسؤولين في إدارة أوباما تمييز دعم إدارتهم للحرب بالمشروط، مقابل دعم ترامب غير المشروط، «لا يهم الشعب اليمني، لأن النتيجة كانت كما هي: الموت والدمار، وغالباً بالقنابل الأمريكية».

واعتبر «جاست سيكيورتي» أن مبررات إدارة أوباما المعلنة للانضمام إلى المجهود الحربي، «مازالت تحجب حقيقة ما أدى بهم إلى الحرب، حيث إن مسؤولين آخرين في إدارة أوباما قد أعلنوا بالفعل عن دعمهم للحرب»، مبيناً أنه إلى جانب ذلك «كانت صفقة الأسلحة التي بلغت قيمتها مليار دولار، بمثابة رد على التسامح السعودي المتعجّل بشأن الصفقة النووية الإيرانية، وطمأنتهم بأن الولايات المتحدة ما زالت حليفاً يعتمد عليه، على الرغم من الصفقة».

وذهب المنتدى الأمريكي إلى القول: «أيا كانت الشروط التي اعتقدت إدارة أوباما أنها قد خلقتها لوقف نقل الذخائر الدقيقة، مع قرب نهاية فترة ولاية أوباما، بالإضافة لتعليق عمليات نقل الذخائر العنقودية في وقت سابق، لم يكن له أي تأثير حقيقي في كبح هجمات التحالف التي تقودها السعودية، كما أنها لم تكن خطوات قوية بما يكفي لحماية المسؤولين الأمريكيين من المخاطرة بالتواطؤ في جرائم الحرب».

وشدد «جاست سيكيورتي» في المقابل، على أن «مسؤولية هذه السياسات الفاشلة، لا تقع على قدم المساواة بين جميع كبار المسؤولين في إدارة أوباما، لكون بعض منهم قد بذل كل جهده لتوجيه السفينة في اتجاه أفضل بكثير»، مبيناً أن «ذلك كان تقديراً صادقاً منهم لتلك السياسات وعواقبها، والتي فشل كبار المسؤولين السابقين الآخرين في تحديدها».

وأوضح المنتدى الأمريكي أن الحقيقة المأساوية، «تكمن في أن الولايات المتحدة، تستطيع لعب دور أقل تدميراً في اليمن، حيث يمكنها إنهاء مبيعات الأسلحة للسعودية، والضغط على الأمم المتحدة لدعوة الرياض لإنهاء دورها في هذا الكابوس، والتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة من جميع الأطراف، حتى من الولايات المتحدة أيضا، لضمان عدم استمرارها في صنع نفس الأخطاء القاتلة».

وأشار في هذا الخصوص إلى أن «طرح مشروع قانون مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في 15 نوفمبر، والذي دعا إلى فرض عقوبات وقيود على السعودية، بسبب الضرر الذي تسببت به في هذه الحرب، هو أقوى جهد جاد اتخذ حتى الآن».
وتساءل «جاست سيكيورتي» عن «ما إذا إذا كان بإمكان المسؤولين الأمريكيين النظر إلى ما حدث خلال سنوات القليلة الماضية، ويكتبون رسالة تفيد بأنهم بذلوا كل ما في وسعهم لوقف المجاعة، لمنع المزيد من الفظائع، ولضمان عدم سقوط عدد لا يحصى من اليمنيين من دون وجه حق، أو تعويض؟ أم أنهم -أي المسؤولين الأمريكيين- سيكتفون برؤية أنه كان هناك الكثير الذي كان يمكن القيام به ، بعد فوات الأوان؟».

وختم المنتدى الأمريكي تقريره بالتشديد وجوب أن «يكون الحساب الأوسع لمسؤولي إدارة أوباما، هو بسبب فشلهم في اغتنام الفرصة التي وفرها الربيع  العربي، من أجل توجه جديد للمصالح الأمريكية بما يتماشى مع مصالح شعوب المنطقة وحقوقهم، وليس دكتاتوريتهم واستبدادهم، . موضحاً أن «الحساب الأكثر شمولاً هو الطريقة الوحيدة لتجنب المناقشات الحالية في السياسات والسياسات المستقبلية».

ضوضاء كثيرة
وفي ذات السياق، أكدت مؤسسة «صوفان جروب» الأمريكية، المعنية بشؤون الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، أنه «وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب وتفاقم المجاعة والأمراض في اليمن، لم يولِ الصراع سوى مأساة وعرقلة مستمرة من الطرفين، في حين استمر الدعم الأمريكي حتى في ظل المآسي وجرائم الحرب التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة».

ونوّهت المؤسسة الأمريكية إلى الصراع «تسبب بتدمير كامل اليمن»، وأن المجاعة التي تسبب بها ذلك الصراع «باتت أمراً واقعاً في جميع أنحاء البلاد ومن المتوقع أن تزداد سوءا ، حيث يصل اليمن إلى نقطة تحول للمعاناة والبنية التحتية والخدمات اللوجستية».
وأكدت على أنه «حتى لو انتهى النزاع على الفور، فإن التأثير المتأخر لهذه الأنواع من الحروب، يعني أن الكارثة من المحتمل أن تستمر وتتفاقم لبعض الوقت، وأن احتمالات بذل جهد دولي للإغاثة يمكن أن تعالج فقط  جزء ضئيل فقط من احتياجات البلد».

وأشارت «صوفان جروب» إلى أنه  «وعلى الرغم من التصريحات التي أصدرها المسؤولون الأمريكيون حول الحاجة لإنهاء النزاع من خلال المفاوضات، فأنه لم تكن هناك تفاصيل حول كيفية جلب الأطراف المتحاربة إلى الطاولة، أو كيفية كبح حملة القصف السعودي، حيث أنه وبعد دعوة الولايات المتحدة إلى وقف إطلاق النار، قصفت الطائرات السعودية صنعاء بسلسلة من الضربات الجوية،  كما قام التحالف بتحريك الآلاف من القوات للهجوم على مدينة الحديدة، في رسالة على ما يبدو إلى واشنطن، مفادها أن الرياض لديها جدول زمني خاص بها».

ورأت المؤسسة الأمريكية في ختام تحليلها أنه «يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستضغط فعلياً على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، من غير بيان الدعوة لوقف إطلاق النار الذي أعقب قتل خاشقجي»، معتبرة الفحص الدقيق للدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للحكومة السعودية، سيتحول في نهاية المطاف إلى عمل غير مؤكد في أحسن الأحوال».

لا أيديَ نظيفة في اليمن
وصف الباحث الأمريكي، وزميل فولبرايت في اليمن، جريجوري دي جونسون، البيان الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب حول وفاة جمال خاشقجي، والذي أشار فيه إلى أن «السعودية ستنسحب بكل سرور من اليمن إذا وافق الإيرانيون على الرحيل»، واعتباره «إيران مسؤولة عن حرب دموية بالوكالة في اليمن»،  بـ«البيان غير المستنير».

واعتبر دي جونسون، الذي عمل ضمن فريق الخبراء الأممين بشأن اليمن، في مقال تحليلي نشره «منتدى الأمن الأمريكي» (جاست سيكيورتي) أن «لا أحد لديه أياد نظيفة في اليمن، سوى أكانت إيران، أو المملكة العربية السعودية، أو الإمارات العربية المتحدة، أوالحوثيين، أو الحكومة اليمنية التي يعيش معظم أعضائها في المنفى، ولا حتى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة هم أيضاً من الأبرياء»، مشيراً إلى أنه «عندما يتعلق الأمر بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، فهناك الكثير من اللوم على كل تلك الأطراف».

وتساءل دي جونسون عن «ما هو الدور الإيراني الحقيقي في اليمن؟ وهل فعلاً ينطبق عليها النموذج الذي يقترحه ترامب، بأنها الشيطان الذي يتحكم بالدمى، من خلال السيطرة على الحوثيين كقوة بديلة، أم أنه شيء آخر يحدث؟».
وأوضح أنه من أجل «الوصول إلى حقيقة ما يحدث على أرض الواقع في اليمن، يجب النظر إلى التاريخ الحديث، وتتبع علاقة إيران المتطورة مع الحوثيين»، مبيناً أن ترامب «ليس أول رئيس يصف الحوثيين بأنهم وكلاء إيرانيين، حيث سبقه إلى ذلك الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في العام 2004».

ولفت دي جونسون إلى أن صالح  في ذلك الوقت، «كان يحاول ربط مشاكله الداخلية بمخاوف دولية أكبر، أملاً في اللعب على مخاوف الولايات المتحدة والسعودية من العمل الإيراني في شبه الجزيرة العربية»، منوهاً إلى أن «مشكلة صالح الوحيدة والحقيقية، كانت في أن أحداً لم يصدقه».
وكشف دي جونسون عنه «وحتى العام 2009، وبعد خمس حروب منفصلة للحوثيين في اليمن، قالت السفارة الأمريكية، إن هناك أدلة قليلة لدعم مزاعم صالح»، لافتاً إلى أنه وفي ذات الوقت، «كان السعوديون بالمثل متشككين من تلك المزاعم، حتى أنهم أخبروا شيخاً يمنياً محلياً بأنهم، يعرفون أن صالح يكذب بشأن إيران، ولكن لا يوجد شيء يمكنهم فعله حيال ذلك».

وأشار إلى دي جونسون إلى العام 2009، «كان هو العام الذي بدأت في الأمور تتغيّر، عندما تدخلت المملكة العربية السعودية لحرب الحوثيين في اليمن، في حين كانت تلك فرصة سانحة لإيران لإلحاق الضرر بخصمها الإقليمي، وانتقلت علاقة إيران بالحوثيين من التجاذب إلى التحالف، في الوقت الذي تحولت فيه المخاوف السعودية من النفوذ الإيراني في اليمن إلى نبوءة مثالية تحقق ذاتها، وأنه كلما حاولت المملكة العربية السعودية محاربة إيران في اليمن، أصبحت إيران متورطة أكثر في اليمن وانجذب الحوثيين أكثر إلى طهران».

وأكد دي جونسون على أنه «ليس لإيران الآن أي سيطرة على الحوثيين، أو أنهم وكلاء لها، وأن ما أبدته طهران من اهتمام تجاههم، قد تحوّل إلى تحالف كامل قائم على الأهداف المشتركة والعدو المشترك»، معتبراً أن تلك هي الحقيقة هي التي تجعل الحرب في اليمن أكثر صعوبة في الحل، حيث  باتت إيران الآن، أكثر اهتماماً كبيراً بالحياة السياسية للحوثيين، وفي قدرتهم على فرض مشروعها في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية».

وشدد دي جونسون على أنه «لا يوجد حل عسكري للنزاع في اليمن»، مشيراً إلى أن ذلك «ما أكد عليه فريق خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المعني باليمن، وزارة الخارجية والدفاع الأمريكية»، لكنه نوه في المقابل إلى أن تصريح الرئيس ترامب الأخير، «سيصعب من فرص إيجاد تسوية سياسية، كونه صبغ الحرب في اليمن، باللونين الأبيض والأسود - أي الأبرياء والجناة -، ووفر غطاءً لمواصلة القتال».

وأكد الباحث الأمريكي في ختام مقاله، على أن اليمن «لديها ما يكفيها، وما تحتاجه الآن هو الضغط الدولي المستمر والمنسق على جميع الأطراف لتقديم التنازلات الصعبة من أجل السلام».
عن (العربي)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى