كيف ينظر «الكونجرس» للعلاقة الأمنية الأمريكية مع السعودية؟

> عمر أحمد

>
يرى «منتدى الأمن الأمريكي» (جاست سيكيورتي)، أن «عودة الديمقراطيين للسيطرة على مجلس النواب، أتى ليترجم حالة الإحباط الشديدة للكونجرس من كل من، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وليؤكد على ضرورة إجراء عمل حقيقي لمحاسبة سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في اليمن».

وأشار المجلس الأمريكي إلى أنه «وعلى الرغم من وجود عدد أقل من الديموقراطيين في مجلس الشيوخ خلال دورة العام 2019، فإن الفرصة مازالت لديهم لأخذ التفويض الذي منحه الناخبون للتأكيد على أن المكاسب الأمنية المفترضة على المدى القصير، لا تبرر حدوث المعاناة الإنسانية الضخمة في اليمن، كما أنه لا ينبغي التغاضي عن التعذيب وإساءة المعاملة والمخالفات التي يتركبها الحلفاء».

ولفت «جاست سيكيورتي» إلى أنه «وحتى انعقاد اجتماع الكونجرس الجديد في يناير القادم، سيكون هناك تصويت في مجلس الشيوخ حول قرار سلطات الحرب اليمنية، المقدم من كل من، السناتور بيرني ساندرز، ومايك لي، وكريس ميرفي، والذي من شأنه أن يضع حداً نهائياً لدعم الولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وذلك بعد أن صوت 44 عضواً في مجلس الشيوخ لصالح هذا الإجراء في مارس الماضي».

ونوه المنتدى الأمريكي إلى أنه «وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع، أعلنت مؤخرا عن عزمها قطع عملية تزويد طائرات التحالف بالوقود، فإن الكونجرس، بتمريره قرار سلطات الحرب اليمنية، يمكن أن يضمن عدم استئناف هذا الدعم، ويمكن أن ينهي الدعم المادي المتبقي غير المصرح به لحملة القصف التي يقوم بها التحالف، والتي تضم رجالًا أمريكيين يقدمون النصح والإرشاد للغارات الجوية في المنطقة»، محذرا من أنه «كلما طال أمد الدعم العسكري، كلما سمح الكونجرس لإدارة ترامب بالاستمرار في إرسال إشارات إلى أنه سيعمل قليلاً من أجل محاسبة التحالف الذي تقوده السعودية».

وذهب «جاست سيكيورتي» إلى القول: «على الرغم من أن وقف إعادة التزود بالوقود في الجو، قد يثير مسألة ما إذا كان قرار سلطات الحرب لعام 1973، لا يزال يسري على الدعم العسكري الأمريكي المتبقي للتحالف، فإن المرء يحتاج فقط إلى النظر في نية الكونجرس لتمرير ذلك القرار». مبيناً أن «تعيين الأفراد العسكريين الأمريكيين لخلية التخطيط المشترك في الرياض، للمساعدة في العمليات المناهضة للحوثيين التي تجرى في اليمن، يمثل مرة أخرى إدخالا للقوات المسلحة الأمريكية في الأعمال العدائية، كما حدث تماماً في أعقاب حرب فيتنام والحروب السرية في لاوس وكمبوديا».

وأوضح المنتدى الأمريكي أنه «وعلاوة على ذلك، لم ينفد صبر الكونجرس إلا في مارس الماضي، بعد أن أصبحت الأزمة الإنسانية التي يمكن تجنبها إلى حد كبير في اليمن أكثر قتامة، كما أنه وفي الآونة الأخيرة، ظهر غضب من الحزبين في الكابيتول هيل، إن لم يكن في البيت الأبيض، بشأن مقتل صحفي واشنطن بوست جمال خاشقجي داخل السفارة القنصلية السعودية في إسطنبول»، معتبراً ذلك «ديناميكية سياسية جديدة، يمكن من خلالها وضع ذلك القرار على القمة، من خلال سحب أصوات من مجموعة الديموقراطيين الذين صوتوا لعرقلة مبيعات الأسلحة السعودية في الماضي، ومن الجمهوريين الذين بقوا على الحياد حول دعم الولايات المتحدة لأخلاقية الحرب في اليمن».

وبيّن المنتدى في ذات الخصوص، أن «تصويت مجلس الشيوخ الأخير على منع بيع الأسلحة إلى البحرين، التي تعد أحد أعضاء التحالف في اليمن، وبالرغم من من فشله، فإن حصوله على دعم غير مسبوق من الحزبين، بما في ذلك العديد من المرشحين المحتملين للرئاسة عام 2020، يشير إلى أن تلك الديناميكية تتحرك بالفعل».

قانون شامل
وفي سياق آخر لفت «منتدى الأمن الأمريكي» إلى أن «هناك مؤشرات إضافية على أن الكونجرس، سينظر بجديّة في الجوانب الأخرى للعلاقة الأمنية الأمريكية مع المملكة العربية السعودية، بعد أن قدم ائتلاف واسع من أعضاء مجلس الشيوخ من الديمقراطيين والجمهوريين، بقيادة عضوا لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مينينديز، وتود يونج، مشروع قانون شامل يضمن مراقبة الكونجرس لسياسة الولايات المتحدة في اليمن».

وبيّن «جاست سيكيورتي» أن ذلك التشريع «يأخذ منهجاً مماثلًا لتشريع يونج - شاهين، الذي صدر للعام المالي 2019 بشأن تفويض الدفاع الوطني، والذي يشترط على عملية إعادة تزويد طائرات التحالف بالوقود، نتائج معينة تتعلق بمفاوضات السلام، وتخفيف أضرار المدنيين، وتخفيف الأزمة الإنسانية»، مرجحاً أن يأخذ التشريع الجديد أبعد من ذلك، وأن يفعّل من خلال وقف مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، وحظر إعادة التزود بالوقود، والسماح بفرض عقوبات على أولئك الذين يقوضون السلام في اليمن والمتورطين في قتل خاشقجي».

واعتبر المنتدى الأمريكي ذلك التشريع «خطوة أولى نحو إعادة توجيه العلاقة مع المملكة العربية السعودية»، مشدداً في الوقت نفسه بضرورة أن يكون «أي توصيف للتشريع خلال السنة الأخيرة من حكم الرئيس لتطبيق هذه القيود على دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً، وكذلك لإرسال إشارة حقيقية بأن الدعم الأمريكي لهذه الدول ليس شيك مفتوحاً».

وختم «جاست سيكيورتي»، تقريره مؤكداً على أنه بطريقة أو بأخرى، «سيتخذ الكونجرس القادم، إجراءات لكبح الدعم الذي قدمته إدارة ترامب للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حيث تشير أنماط التصويت الأخير إلى أن إنهاء الدعم للحرب في اليمن يأتي على رأس جدول الأعمال الديمقراطي»، مبيناً أنه و«خلال شهر يناير القادم، سيكون لدى ديمقراطيي مجلس النواب، فرصة صياغة مقاربة جديدة تفعّل ذلك».

مسؤولية جماعية
شدد باحثون من «كلية الطب» في «جامعة هارفارد» الأمريكية على وجوب إدانة كل الهجمات التي يشنها «التحالف» الذي تقوده السعودية، على المرافق وخدمات الرعاية الصحية في اليمن، من قبل المجتمعات الطبية والصحية العامة في جميع أنحاء العالم، مؤكدين على أن «الكوارث الطبية التي تحدث في اليمن، من تفشٍ للأمراض المعديّة، والتجويع في أعقاب القصف، هي كوارث من صنع الإنسان، بسبب بانتهاك الحياد الطبي في الحرب الدائرة في البلاد».

ودعا الباحثون، الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية «إلى القيام بدورهم في إدانة الحرب، حيث إن العديد من المستشفيات والعيادات في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى من البلاد جرى تدميرها، بشكل عشوائي وفي بعض الأحيان بشكل متعمد، في حين أدى قصف محطات معالجة المياه، ونقص الوقود اللازم لتشغيل المرافق المتبقية الأخرى، إلى تفشي العديد من الأوبئة، كالكوليرا، والدفتريا، وازدات حالات الإصابة بالحصبة، وارتفعت المخاوف من تفشي مرض شلل الأطفال، بسبب انخفاض التطعيمات».

ولفت الباحثون إلى أن «الحصار على الموانئ اليمنية، قد تسبب بتوقف عمل وكالات الإغاثة الدولية، وحدّ بشكل كبير من دخول الإمدادات الغذائية الضرورية، ما جعل 14 مليون شخص يواجهون خطر المجاعة»، مشيرين إلى أنه «وعلى الرغم من تخفيف الحصار في العام الماضي، فإن عملية استيراد الأدوية الأساسية واللقاحات ومعدات الرعاية الصحية لايزال محدوداً».

كما شدد الباحثون على وجوب أن «تشجع أدلة التي تثبت الهجمات على المدنيين وعلى المرافق الصحية، على اتخاذ قرار تعليق الدعم العسكري الأمريكي، بناءً المقترح المقدم في مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وخاصة الاتفاق الأخير المقدر قيمته بـ100 مليار دولار، والذي يشمل تقديم أسلحة ودعم آخر للسعوديين».

واعتبر الباحثون «إعطاء الوكالات الإنسانية الدولية القدرة على التحقيق في الهجمات على المرافق الطبية والموظفين التي ترتكبها أطراف النزاع، أمر ضروري»، مبينين إن هذه الاستجابات «هي المسار الوحيد للعمل، والطريقة التي يمكن بها الحصول على الضمانات الضرورية مستقبلاً».

وأكد الباحثون على أنهم «يعتمدون على البرامج الإنسانية، ومبدأ الحياد الطبي، كمؤشر للعواقب المؤلمة للنزاع المسلح»، مبينين أن «المسؤولية الأخلاقية عن هذه الكارثة هي مسؤولية جماعية، خاصة على أولئك الذين تدعم حكوماتهم هذه الحرب على المدنيين والبنية التحتية المدنية من خلال أفعالها المباشرة أو من خلال تقاعسها عن العمل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في الوقت الذي يمكنهم أن يفعلوا أكثر من الوقوف بصمت متسائلين عمن تأمل الأطراف المتحاربة في توريثه، حيث جيل من اليمنيين يتم التضحية به».
عن (العربي)​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى