الشرعية والحوثيون يحشدان إلى الحديدة و «إعادة الانتشار» في الرمق الأخير

> «الأيام» خاص/ غرفة الأخبار

>  المبعوث الأممي، مارتن جريفيثس، يسعى إلى عقد جولة جديدة من المشاورات بين الفرقاء اليمنيين في العشرين من يناير الجاري، وفقاً لما نقلته جريدة العرب اللندنية، أمس الثلاثاء، عن مصادر سياسية لم تسمها.
وتأتي هذه المشاورات في إطار جهود جريفيثس الأخيرة لإنقاذ اتفاقيات السويد المتعثرة، في الوقت الذي يناور فيه الحوثيون من داخل هذه الاتفاقيات لتثبيت وجودهم في مدينة الحديدة.

جريفيثس كان استمع لدى زيارة صنعاء إلى تقرير من رئيس فريق المراقبين الدوليين في الحديدة، باتريك كومارت، حول حقيقة الوضع في المدينة والصعوبات التي تعترض تنفيذ «اتفاق الحديدة» وإعادة الانتشار، التي وصلت إلى طريق مسدود مع إصرار الحوثيين على تعزيز تواجدهم على الأرض وفرض سياسة الأمر الواقع.

ووفقاً لما ذكره لـ «الأيام» مصدر في صنعاء فإن المبعوث الأممي فوجئ بعدد من الاشتراطات الحوثية للقبول بالمشاركة في مشاورات جديدة، وفي مقدمتها استئناف رحلات الطيران من مطار صنعاء، وهو الملف الذي فشل المبعوث في إقناع الحوثيين بالتوقيع على تسوية خاصة به في السويد، بعد موافقة وفد الحكومة اليمنية على تسيير رحلات داخلية بين مطار صنعاء والمطارات اليمنية الأخرى التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.

ويبدو أن المبعوث الأممي بات على قناعة تامة بفشل حكومة الشرعية وجماعة الحوثي في تنفيذ اتفاق إعادة الانتشار في الحديدة، غير أن الرجل لم يصرح بذلك وعمد إلى تحريك ملف المشاورات مجدداً في محاولة لإنقاذ العملية السياسية من الانهيار الكلي.

وتقول مصادر في الشرعية اليمنية: «إن استمرار الميليشيات الحوثية في تعاطيها غير المسؤول مع اتفاقيات السويد يضع جهود الأمم المتحدة على المحك»، مشيرة إلى أن إنقاذ الموقف يتطلب جهوداً حقيقية للمجتمع الدولي والمبعوث الأممي للضغط على صاحب القرار السياسي الحقيقي لدى الميليشيات والمتمثل بإيران الداعم الرئيس للحوثيين سياسياً وعسكرياً وإعلامياً ولوجستياً.

وتضيف المصادر ذاتها أن «اتفاق السويد يضع المبعوث الأممي أمام خيارين لا ثالث لهما، إما تنفيذ الاتفاق كاملاً وتحقيق إنجاز كبير له وللأمم المتحدة في إيجاد حل للملف اليمني وفق المرجعيات الثلاث وإما إعلان فشله في المهمة التي أوكلت إليه».

ويشير محللون سياسيون إلى أن «الحوثيين باتوا يخوضون مناورات سياسية من داخل اتفاقات السويد، من خلال تأويل فقراته وجرّ الأمم المتحدة إلى تفاصيل وجزئيات صغيرة بهدف كسب الوقت، أو عبر إرسال إشارات متناقضة من بينها إمكانية انسحابهم من ميناء الحديدة وتسليمه للأمم المتحدة مقابل بقاء قواتهم داخل المدينة، وهي المعادلة التي لا يبدو أنها تحظى بأي قبول في معسكر الحكومة اليمنية، الذي يعتقد أنه كان على وشك تحرير مدينة الحديدة ومينائها لولا تزايد الضغوط الدولية لإيقاف إطلاق النار والدخول في مشاورات سياسية».

فشل اتفاق السويد برز في مخاوف من انفجار الأوضاع العسكرية في مدينة الحديدة بعد رصد عمليات تحشيد عسكرية واسعة، تحديداً من قبل الحوثيين، خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع تعثر تنفيذ اتفاقية السويد حول الحديدة، رغم الجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن لإنقاذ الاتفاق مع اقتراب نهاية المهلة المحددة لتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، التي بدأت مع سريان وقف إطلاق النار في الـ 18 من الشهر الماضي، على أن تمتد إلى 21 يوماً، ما يعني أنها انتهت أمس الإثنين.

ونقلت جريدة العربي الجديد من مصادر عسكرية، وشهود عيان «أن جميع الأطراف عززت من قواتها، وخصوصاً الحوثيين، الذين كان يفترض بهم، وفق اتفاقية السويد، الانسحاب من مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة، الحديدة ورأس عيسى والصليف».

وأوضحت المصادر أن «الحوثيين دفعوا بقوات خلال الفترة الماضية لتعزيز مواقعهم في الحديدة، وأن تحشيدهم زاد في محيط موانئ الصليف ورأس عيسى وميناء مدينة الحديدة الرئيسي، تحديداً بعد مغادرة رئيس بعثة المراقبين التابعة للأمم المتحدة، باتريك كومارت، الذي التقى جريفيثس في صنعاء».

ووفق المصادر فإن الحوثيين زادوا من عدد الخنادق في مدينة الحديدة ومينائها الرئيسي، وأيضاً في الأحياء السكنية، واستقدموا تعزيزات كثيرة، وزرعوا الكثير من الألغام، بما فيها في محيط الموانئ، خصوصاً رأس عيسى والصليف، رغم أن اتفاقية السويد تنص، من ضمن بنودها، على تسليم الحوثيين خرائط الألغام ووقف زرع ألغام جديدة.

في المقابل، أكدت ألوية العمالقة أن «قوات العمالقة صدت، خلال الفترة الماضية، هجمات مباغتة للحوثيين على عدة جبهات في الحديدة، وأنه لا توجد أي بوادر لانسحاب الحوثيين، لذلك هناك توجيهات واضحة لمواجهة جميع الاحتمالات، ورفع مستوى الاستعداد من خلال وجود جميع القيادات الميدانية، وتعزيز وضع قوات العمالقة، والقوات الأخرى، ضمن قوات الشرعية والتحالف».

وتشير المصادر إلى أن «تعزيز القوات مستمر، ولا يوجد أي تقليص لأعداد المقاتلين أو العتاد في جبهات الحديدة، خصوصاً أنه لا ثقة بالهدنة القائمة حالياً، ولا ثقة أيضاً بنجاح تطبيق بنود اتفاق الحديدة بناء على تجارب سابقة للحوثيين، بما في ذلك خلال عملية تبادل للأسرى، والتي كانت تُجرى بين قوات العمالقة والحوثيين، بسبب وساطات تقوم بها شخصيات أو أطراف بين الطرفين. مع العلم أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، كان قد أكد، يوم الأحد الماضي، في لقائه مع وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محمد المقدشي على أهمية تعزيز الجبهات لتحقيق الانتصارات لدحر مشروع الحوثي الإيراني في المنطقة والانتصار لإرادة شعبنا اليمني».

ووفق مصادر سياسية مقربة من أطراف الصراع فإن «المخاوف من انفجار الأوضاع في الحديدة وعودة الوضع إلى ما قبل انعقاد مشاورات السويد دفعت جريفيثس إلى القيام بجولته سريعاً، لمحاولة احتواء فشل تنفيذ الاتفاق، وعدم تفجر الأوضاع العسكرية من جديد في الحديدة».

وبحسب المصادر فإن «جريفيثس حاول إقناع الحوثيين بالالتزام بتنفيذ اتفاق السويد، أو تحمل نتائج أي فشل، بما فيها إفشال أي لقاءات مقبلة».
ولفتت المصادر إلى أن الحوثيين حاولوا رمي الكرة باتجاه الحكومة الشرعية والتحالف واتهامهما بعدم الالتزام أيضاً بتنفيذ الاتفاق، وربط اتفاقية الحديدة بالاتفاقيات الأخرى، ومحاولة الالتفاف على تطبيق انسحابهم من خلال استغلال غموض آلية تحقيق ذلك.

ولم تترك حكومة الشرعية هامشاً كبيراً للحوثيين للمناورة منذ بداية مسرحية التسلم والتسليم في ميناء الحديدة التي سارعت إلى رفضها ووصفها بالمسرحية، قبل أن تضطر الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف، معتمدة لغة دبلوماسية بإشارتها إلى ضرورة أن تكون أي خطوة قابلة للتحقق من قبل الأمم المتحدة وباقي الأطراف.

وعقب ذلك، أوضحت المصادر ،وفقاً لجريدة العربي، أن الحكومة زادت من حدة خطابها حيال الأمم المتحدة والمبعوث الأممي. وترافق ذلك مع تصريحات لعدد من قيادات الشرعية أكدوا فيها أن لا حوارات مقبلة طالما لم ينفذ الحوثيون اتفاقية السويد، من خلال الانسحاب من الحديدة ومينائها الرئيسي، وأيضاً من ميناءي رأس عيسى والصليف، وتسليمها لقوات تابعة للحكومة الشرعية. كذلك شكّل خطاب الحكومة الشرعية لمجلس الأمن ضغطاً على مبعوث الأمم المتحدة.

وقبيل وصول جريفيثس إلى الرياض كان مصدر خاص من القيادات في الشرعية اليمنية قد قال لجريدة العربي الجديدة الصادرة في لندن: «إن الشرعية ستعاتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، خلال اجتماعه مع قيادة الشرعية، على مسرحية الحوثيين في ميناء الحديدة، وعدم توضيح الأمم المتحدة للرأي العام، لا سيما أنهم تذرعوا بأن الانسحاب وتسليم الميناء لأنفسهم سيكون بوجود بعثة الأمم المتحدة، وأن الضغوط على الشرعية بسبب ذلك ستقدم له».

كما أكد المصدر أن «الشرعية ستبلغ جريفيثس أن لا حوارات مقبلة، من دون تنفيذ ما اتفق عليه من بنود اتفاق السويد، وفي مقدمتها انسحاب الحوثيين من الحديدة، خصوصاً أن الحوثيين يدفعون بقوات جديدة ويعززون وجودهم في الحديدة».

وفي السياق، قال مصدر سياسي: «إن توتر الأوضاع يجعل من تنفيذ اتفاقية السويد أولوية قصوى، إذا كانت الأمم المتحدة جادة بتنفيذ اتفاقية الحديدة، منعاً لأي انهيار لجهود السلام ومعالجة الوضع الإنساني، لا سيما أن التداعيات ستؤدي إلى تقليل فرص عملية السلام وستفرض العودة إلى الخيارات العسكرية». في غضون ذلك، عاد التداول بإمكانية عقد الجولة الجديدة من المحادثات في حال تم الاتفاق عليها في الكويت.

فشل الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن في تحقيق أي تقدم حقيقي على الأرض يعود، وفقاً لمراقبين يمنيين، إلى عدم المعرفة لطبيعة الجماعة الحوثية وطريقة تفكيرها، والتعقيدات السياسية والثقافية في الأزمة اليمنية، إضافة إلى تركيز جهود المبعوث على انتزاع اتفاقيات جزئية غير متماسكة بين الفرقاء اليمنيين سرعان ما تنهار عند أول استحقاق.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى