سباق بين الشرعية والحوثيين على إحياء مجلس النواب.. فمن يظفر بالجلسة الأولى؟

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
 سلوك الجماعة الحوثية في التعاطي مع الجهود الدولية لإحلال السلم في اليمن يكشف إصرار الجماعة على تشكيل هوية جديدة للمجتمع والدولة في اليمن تعكس الهوية الإيرانية، وما يعتقد الحوثيون أنه لن يتحقق إلا بتوطيد أركان الانقلاب وإقصاء كل الاتجاهات السياسية والدينية التي تأتي من خارج الفكر الحوثي والتوجه السلالي.

ففي الوقت، الذي واصلت الجماعة تشكيل نسختها الخاصة من مجلس الشورى في صنعاء عبر تعيين العشرات من عناصرها في عضوية المجلس، أعلنت مؤخراً اعتزامها بشكل رسمي إجراء انتخابات تكميلية للمقاعد الشاغرة في مجلس النواب من أجل الحصول على أغلبية تمكنها من إفشال تحركات الشرعية لاستعادة دور البرلمان.

وكانت الجماعة الحوثية  - تمهيداً لهذا الغرض - أقدمت على تعيين أربعة من عناصرها في عضوية اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء في صنعاء من أجل تمرير مخططها لشرعنة أعمالها الانقلابية وإحكام سيطرتها على مؤسسات الدولة بمختلف أنواعها التنفيذية والتشريعية والرقابية.

كما شرعت الجماعة في إصدار كثير من القوانين عبر من تبقى لها من نواب في صنعاء خاضعين لإمرتها، متضمنة قوانين تتيح لها جباية المزيد من الأموال وفرض الضرائب على الشركات والقطاع الخاص، إضافة إلى إنشاء هيئات جديدة مخالفة للقانون مثل ما عرف بـ«هيئة الزكاة» التي تحولت إلى أداة لجمع أموال الزكاة وتسخيرها لتمويل المجهود الحربي.

ولعل هذا السلوك الحوثي ضد تجريف الدولة اليمنية يثبت وحده أن الجماعة ليست في وارد تحقيق السلام، وأنها ماضية في توطيد أركان حكمها الطائفي والعنصري، خاصة مع إقدامها مؤخراً على إصدار أوامر بالحجز على أموال وممتلكات نحو 1140 شخصاً من تصفهم بـ «الخونة» تمهيداً لمصادرتها، وأغلبهم نواب وقيادات ووزراء في الحكومة الشرعية ومسؤولون سابقون وقيادات حزبية وسياسية مناهضة للجماعة، وهي خطوات لا تشي برغبة الجماعة في تحقيق سلام أو اتفاق يضمن عودة النسيج اليمني إلى سابق عهده قبل الانقلاب.

وفي هذا السياق، أوردت المصادر الرسمية للجماعة أن اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء الخاضعة لها في صنعاء أقرت «توجيه قطاعاتها والأمانة العامة لاتخاذ الخطوات اللازمة لإجراء انتخابات ملء المقاعد الشاغرة بمجلس النواب وفقاً للقانون». على حد زعمها.

وجاء ذلك بناءً على طلب من رئيس مجلس النواب، يحيى الراعي، بعد أن أوعزت إليه الجماعة بذلك، بخاصة بعد أن فقدت الجماعة ورقة أغلبية النواب في صنعاء واقتراب الشرعية من استئناف عمل البرلمان من العاصمة المؤقتة عدن.
وبحسب تقارير رسمية، لم يعد في مناطق سيطرة الجماعة من النواب من 90 إلى 100 نائب، وأغلبهم تحت الإقامة الإجبارية، وكثير منهم من كبار السن والمرضى والعاجزين عن الحركة، فيما لا يتعدى عدد من يحضر منهم الجلسات المتواصلة للمجلس الـ 30 عضواً، بحسب مصادر ما ذكرته جريدة الشرق الأوسط.

وتسعى الجماعة -كما يبدو- إلى ملء المقاعد النيابية للمتوفين من النواب، وعددهم 33 نائباً، غير أنها لن تتمكن من إقامة الانتخابات التكميلية سوى في المناطق الخاضعة لها، بحثاً عن الدفع بعناصرها ليصبحوا أعضاء في البرلمان.
وكشف البرلمان الخاضع للجماعة، في صنعاء، أن الراعي وجّه رسالة إلى اللجنة العليا للانتخابات عطفاً على رسالة سابقة كان وجهها في 2016 يطلب فيها إجراء انتخابات لسد المقاعد الشاغرة، لكن الرسالة لم تشر إلى ما إذا كانت الانتخابات التكميلية تشمل مقاعد النواب المنضمين إلى الشرعية، وهو الأمر الذي تسعى الجماعة للشرعنة له وصولاً إلى نسخة حوثية خالصة من البرلمان.

وتأكيداً لمساعي الجماعة المتنصلة من الإجماع الوطني، كانت أقرت أواخر العام المنصرم ما أطلقت عليه «الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية» في سياق توجهها لإسباغ هويتها على جميع نواحي الحياة في مناطق سيطرتها، وهو سلوك يتعارض مع إجماع اليمنيين الذي كانت عكسته نتائج مؤتمر الحوار الوطني.

وينتقد كثير من الناشطين اليمنيين تباطؤ الشرعية في عقد جلسات مجلس النواب حتى الآن على الرغم من وجود الأغلبية النيابية إلى صفها، وهو ما يجعل الجماعة مستمرة في محاولة السطو على القرار التشريعي لليمنيين بشكل غير دستوري.

ويصف وكيل وزارة الإعلام، عبدالباسط القاعدي، ما قامت به الجماعة بأنه «هروب للأمام يعقد الأمور أكثر وينسف جهود السلام»، كما أنه على حد تعبيره «محاولة لخلط الأوراق والدفع بالأمور للذهاب نحو المجهول، وتأكيد لعبث ميليشيات الحوثي وتخبطها».

ويضيف القاعدي: «في الوقت الذي كانت ألغت هذه الميليشيات مجلس النواب إبان الانقلاب بإعلان دستوري وشكلت ما سمته المجلس الوطني فها هي اليوم تعود للعزف على ورقة البرلمان».
ويؤكد القاعدي أن «أي إجراء تقوم به الميليشيات يدينها أكثر مما يخدمها، فهي من حيث المبدأ ميليشيات انقلابية متمردة على الشرعية بمؤسساتها وفي مقدمتها البرلمان».

ويرى وكيل وزارة الإعلام أن «إجراء أي انتخابات تكميلية في ظل حالة القمع والتنكيل، التي تشهدها مناطق سيطرة الميليشيات، لن تكون سوى مسرحية هزيلة للبحث عن شرعية مزعومة لن تغير من واقع الأمر شيئاً ولن تجعل من ميليشيا انقلبت على الدولة واجتاحت المحافظات ممثلة لليمنيين».

من جهته، يرى الباحث والكاتب اليمني الدكتور فارس البيل أن الميليشيات الحوثية رغم أنها تدرك أنها ليست إدارة بالمعنى الفعلي، ولا تمتلك أي شرعية لا مادية ولا معنوية، ولا حتى قدرة أو رؤية لإدارة مؤسسات عامة، لكنها - وهذا مؤسف - تستغل أخطاء وتردد الحكومة الشرعية وتلعب عليها.

ويعتقد الدكتور البيل أن تراخي الشرعية أو عدم جديتها على حد قوله في «سحب أهم مؤسسة شرعية تسندها وهي البرلمان وعقد جلسة له، رغم اكتمال النصاب هو الذي حفز الحوثي على أن يقوم بخطوة إجراء انتخابات رغم أن الأمر يبدو لها هزلياً».

ويضيف في معرض تحذيره للشرعية: «إذ لم تبادر الحكومة الشرعية لترتيب نفسها ومؤسساتها فستظل تعبث بها الميليشيات، وتغتال الصورة النمطية للشرعية بشكل معنوي».
ويجزم البيل أن الجماعة الحوثية تسعى إلى «فرض لنفسها قوة اقتصادية واجتماعية صاحبة سلطة ومال، وبعد أن كانت جائعة ستصبح بهذه التصرفات غولاً مالياً مؤثراً، لا يخفت حتى لو حصلت تسوية قادمة».

ويخلص إلى تأكيده أن الجماعة الموالية لإيران من كل هذا السلوك الانقلابي، تريد في النهاية أن تثبّت أركانها بتهديم المجتمع اليمني، وخلق مجتمع الحوثي الجديد بكل دعائم قوته.
إلى ذلك عبّر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، عن «تفاؤل بأن تكون سنة 2019 أفضل من 2018 فيما يتعلق بملف اليمن».

وقال في تصريحات نشرتها أمس جريدة الشرق الأوسط: «إن هناك اتفاقاً على أن تطورات ستوكهولم تمثل اتفاقاً تاريخياً بين الأطراف اليمنية وتشكل بداية لعملية سلام في اليمن»، متوقعاً أن «2019 ستكون سنة انخفاض العنف في اليمن». بيد أنه نبّه إلى أن «الحوثيين انتهكوا وقف العمليات العسكرية زهاء ألف مرة حتى الآن».

وقال: «لكننا لا نزال نأمل في تنفيذ الاتفاق بحذافيره، وفي بدء الانسحاب من الحديدة وتبادل السجناء». داعياً المجتمع الدولي، وخصوصاً مجلس الأمن، إلى الشروع في هذه الخطوات التنفيذية لأنه «لا يمكن المضي في الخطوات التالية إذا لم نكن حازمين في عملية تنفيذ اتفاقية ستوكهولم وخاصة فيما يتعلق بالحديدة». وشدّد على أن دول التحالف «لا تريد شنّ هجوم على ميناء الحديدة ولا تريد التصعيد العسكري في اليمن».

وكان قرقاش اجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لمناقشة المشكلات المرتبطة بتطبيق اتفاق ستوكهولم. وقال عقب اللقاء: «إن الصبر على انتهاكات الحوثيين لا يمكن أن يكون إلى ما لا نهاية»، معبراً عن «قلقه من إمكانية تصاعد العنف على الأرض نتيجة استفزازات الحوثيين». وأضاف: «ما نريده هو أن تمارس الأمم المتحدة والمجتمع الدولي نفوذهما» في الضغط على الحوثيين لإجبارهم على الالتزام بوقف النار.

وأشار إلى الاجتماع التشاوري العربي الذي عقد في العاصمة الأردنية بمشاركة وزراء خارجية كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين ومصر والأردن، آملاً في اتخاذ «المزيد من الخطوات الإيجابية لتعزيز التنسيق العربي للحد من التدخلات الإقليمية المتزايدة في المنطقة العربية». كما أعلن أن بلاده تؤيد المبادرة التي تقوم بها الولايات المتحدة لعقد اجتماع وارسو لمناقشة الأزمات في الشرق الأوسط، آملاً في أن يكون «فرصة من أجل توجيه رسالة موحدة إلى إيران كي تنظر في هواجس المجتمع الدولي حيال النشاطات التي تقوم بها وتبعث القلق في المنطقة».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى