فبراير ثورة التغيير السلبي.. اليمن الاتحادي «بروباجندا» وليس مشروعا وطنيا

> كتب/ د. باسم المذحجي

> كان 11 فبراير 2011 ثورة، لكنها  تغيير سلبي، فالتغيير قد يأخذ شكلاً إيجابياً أو سلبياً، لكن اليمن تحتاج إلى تنمية وتحديث، والذي سيوصلنا إلى التقدم في نهاية المطاف إلى ثورة تغيير إيجابية وتنمية.
اليمني يبحث عن تنمية بقالب تغيير إيجابي وتنظيم عقلاني للمجتمع عبر بناء دستوري سليم، يحقق نمو اقتصادي واقعي، وتحقيق شروط الكفاءة والفعالية في إدارة الدولة، وتطويق النزاعات عبر رسم مشاركة سياسية شعبية.

نفتقد في اليمن للعنصر التقييمي، وإحلال بديل عنه العواطف.. فعلى سبيل المثال؛ عبدربه منصور هادي كان هو الممكن والمتاح في 2012، فكان تغييراً سلبياً، نظراً لأنه قدم كخيار إجباري، وتوافق علية كملاذ، و تغيير وليس تنمية سياسية، وتلاه بمتلازمة التوافق في صناعة القرار، وتلك ما عرفنها لاحقاً بمشروع سياسي ينافس ويقاوم المشروع الذي بسببه أقصي علي عبدالله صالح من السلطة.

بصيغة واقعية، فعبدربه منصور هادي ومن ورائه حكومة الوفاق الوطني تم الإطاحة بها من مجاميع قبلية شمالية نهاية المطاف سنة 2014، فإذا لم يكن عبدربه منصور هادي فشل في إدارة الدولة، فليس من المعيب أن نحدد صراحة أن الشمال القبلي فاعل تغيير سلبي ومعطل للتنمية بما فيها ثورات التغيير.

لذك نحن اليمنيين نفتقد للمساواة، والقدرة على تحقيق الأهداف، والتمايز في تحقيق أهداف بحد ذاتها، ويعزو ذلك لأن العقول السياسية التي فشلت من 2012 إلى يومنا هذا ما زالت ترسم تغييراً سلبياً، رغم أنها تقدمه بإطار وغلاف إيجابي، والمسمى اليمن الاتحادي من ستة أقاليم.

يكشف ذلك بأن ذات العقول تتحدث عن الجنوب العربي شأنه شأن الكتلة القبلية الشمالية؛ بل تتجاهل الاستبداد الإداري الذي ترعاه، وتركز على الجنوب العربي في مفارقة غريبة ومخالفة للواقع.
فالقصد أن لدى الجنوب قلة تشغر مناصب في صنعاء بعد انقلاب 2014، وأخرى تشغر مناصب في نظام التغيير السلبي سنة 2011، وكانت النتيجة أنّ الشمال غفر له زلاته منذ تحقيق الوحدة، وتلك ما تراها عقلية الشمال القبلي، لكن الواقع مغاير ومخالف لألف باء التنمية ولا يطوق النزاعات بل يفاقمها يومنا هذا.

لذلك نحن نحتاج إلى تغيير اجتماعي متعدد الجوانب غايته الوصول إلى نظم تعددية وليس نظاماً واحداً؛ بحيث يتحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية المفتوحة، والمنافسة السياسية المتعددة، وترسخ مفهوم الوطنية والولاء للدولة القومية.

التنمية في اليمن تحتاج إلى مساندة الدول التي سبقتنا، بمعنى نقل العقائد السياسية في الدول المتقدمة وإسقاطها على اليمن.
الأزمات المستمرة خطط هدفها بقاء اليمن تحت استبداد وهيمنة الكتلة القبلية الشمالية، ولا يوجد تجاوب مع ردود الأفعال التي أصبحت واضحة في الجنوب العربي، وتنقل رؤيتها بكل شفافية وجراءة بالأصالة عن تعز، ومأرب، وتهامة، فميليشيات الحوثي عبارة عن أنموذج للكتلة القبلية الشمالية بإصدارها الجديد 2014، والذي تم تحديث نسخته، والتي أكتوى بنارها أبناء الجنوب العربي 1994، وتلك المعاناة الأزلية التي غلفت حياة أبناء تهامة، والحجرية، ومأرب منذ 1918.
نؤكد أن تداول السلطة بقواعد المصلحة العامة لا المصلحة الحزبية هو الملاذ الوحيد لكسر سيناريوهات الاستبداد القبلي الشمالي، وليس هذا فحسب المطلوب؛ بل نحتاج إلى إعادة صياغة الوظائف والأدوار الحالية بناءً على المعطيات التي شرحت بين أسطر هذا العمل الكتابي بكل شفافية.

وأضّح للعيان بأننا نحتاج إلى تحولات هيكلية في جميع مفاصل الحياة، ويبدو أننا بصدد تكثيف الحديث عن أزمة التنمية السياسية عبر سرد الحقائق التالية:
1. لم تكن ثورة 11 فبراير 2011 تغييراً إيجابياً بل سلبياً.
2. عبدربه منصور هادي وكل من عمل معه بعد 2012 كان خياراً إجبارياً، وهو ما يؤكد أننا ضمن أجندة ثورة تغيير سلبي.

3. مشروع اليمن الاتحادي من أقاليم ستة كان مشروعاً منافساً وبديل مشروع له أجندته الخاصة في رسم أهداف سلطوية وليست شعبية، وإن غلفه بالشعبوية والوطنية والوحدوية.
4. لا دولة لا دستور جديد؛ بل الكارثة عدم القدرة على تغيير الرأي العام نحو الأفضل.

5. الانغلاق السياسي في تداول السلطة.
6. فكرة اختصار السلطة في فكر يمن اتحادي جديد (كبروباغاندا)، وليست في فكر التنمية التي تسير في كل الاتجاهات والمطالب الشعبية التي لا حل لها إلا بتغيير اجتماعي يخدم رؤيتها، وليس رؤية فكر مختصري السلطة.
الخلاصة؛ إن العلاقة ما بين المدخلات الوطنية من عدالة ومساواة وحكم رشيد والمخرجات السياسية اليوم في تناقض، نظرًا لأن المطالب اليوم أخذت قالب تنموي تفوق المعروض السياسي، والذي ما يزال متمسكاً بقالب التغيير السلبي، وهو باكورة إنجاز ثورة 11 فبراير 2011، والتي جزء كبير من تبنوها -مع الأسف- فقد جيروها، ومراحلها المتغيرة حتى اليوم لصالح نقاط الخلافات الإقليمية بعيداً عن التنمية اليمنية الصرفة.

بالفعل نحن نبحث اليوم عن أرضية مشتركة للتنمية؛ لأن هناك رفضاً عملياً وواقعياً ومدروساً في عدم القبول بإشراك مختلف الشرائح الاجتماعية في صناعة القرار، وليس اتخاذه بشكل فردي في سلطة مختصرة كما هو حاصل اليوم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى