هل المحاريات (البقار) والأسماك المصطادة من خور المكلا آمنة للاستهلاك البشري؟

> المكلا «الأيام» تحقيق/ أوسان باهرمز

> يلاحظ في الفترة الأخيرة ازدياد الاصطياد من خور المكلا، للهواة أو للاستخدام التجاري، وبالذات لبلح البحر (المشهور محلياً بالبقار) وبعض الأسماك الصغيرة كالجذب والطبوب. ومن حيث المبدأ فمناطق الخيران أو الخلجان الصغيرة تعتبر من المسطحات المائية المناسبة لتواجد بعض أنواع الأسماك ولنمو العديد من أنواع المحاريات البحرية ذات القيمة الغذائية والتجارية ومنها البقار.
أما في حالة خور المكلا فإنه وبوضعه الحالي الذي أصبح مستقبلاً مباشراً ومستمراً لمياه الصرف الصحي (المجاري)، بحيث وصلت فيه مستويات التلوث بمياه الصرف إلى درجات يلاحظها جميع من يتجول على ضفافه سواءً بلون المياه الداكن المتعكر أو برائحة المجاري الواضحة، وبالذات كلما اتجهنا نحو الأجزاء الداخلية منه.

ومن الأمور المؤكدة علمياً أن مياه الصرف الصحي تحمل معها كماً كبيراً من الملوثات التي تعتبر من مصادر الخطر الرئيسية فيما يتعلق بسلامة الغذاء الملوث بها (Potential Food Safety Hazards)، وبالذات الميكروبات الممرضة من بكتيريا وفيروسات (Pathogenic Bacteria & Viruses)، والعناصر المعدنية السُمّية (العناصر الثقيلة Heavy metals).

ونظراً لطبيعة الخور -في كونه منطقة شبه مغلقة- فهذا يقلل من فرص تشتت هذه الملوثات ويزيد من بقائها وتراكمها في بيئة الخور (المياه والرسوبيات القاعية)، ومنها تجد طريقها إلى الأحياء البحرية المتواجدة في هذه المنطقة إما بشكل مباشر أو عبر السلسة الغذائية. وبالتالي تصبح هذه الأحياء البحرية الغذائية "الملوثة" مصدراً محتملاً لحدوث الإصابة بالأمراض للإنسان المستهلك لها.
وإذا أخذنا البقار كأحد الأمثلة الواضحة على الأحياء البحرية الغذائية التي يزدهر نموها في هذه البيئة "الملوثة" فنجد أن طبيعة هذا الحيوان من حيث كونه يعيش ملتصقاً في مكانه، ومن حيث نمط تغذيته المعتمدة على الترشيح (Filter-Feeder)، حيث "يشفط" كميات كبيرة من المياه المحيطة به ليرشح منها المغذيات المتمثلة في العوالق النباتية والحيوانية الصغيرة جداً التي هي في الأساس عرضة للتلوث، ومرشحاً معها أيضاً الملوثات المحتويها الماء نفسه من ميكروبات ممرضة وعناصر معدنية سمية، وبالنتيجة تتراكم هذه الملوثات في أنسجة هذا الحيوان (أي الكتلة اللحمية التي تؤكل من قبل الإنسان). والأضرار الصحية لبعض هذه الملوثات ممكن أن تظهر سريعاً ولو من مرة واحدة يستهلك فيها هذا الحيوان "الملوث" كما في بعض حالات التسمم الغذائي الميكروبي، وبعضاً منها ممكن أن تصل إلى آثار أكثر خطورة في حال المداومة على استهلاك الحيوان الملوث وبالذات بالعناصر المعدنية الثقيلة كالرصاص والزئبق والكادميوم.

 وبالتالي فإن احتمالية أن يكون البقار المستخرج من خور المكلا –بوضعه الحالي- مصدراً خطراً على صحة المستهلك هو احتمال عال جداً. وهناك عدة تقارير لحالات مشابهة من مناطق مختلفة من العالم تسبب فيها البقار الملوث في حالات تسمم غذائي واسعة.

وفيما يتعلق بالأسماك المصطادة من مياه خور المكلا، فإن الأمر ولو أنه يبدو نسبياً أقل خطورة، وبالذات بالنسبة للأسماك التي يلاحظ تكرار اصطيادها من هذه المنطقة، وهي غالباً أسماك الجذب أو الطبوب، في كون هذه الأسماك ليست مستوطنة في بيئة الخور، والأرجح أنها زائرة أي تدخل الخور على فترات محددة بحثاً عن الغذاء، كما أنها غالباً ما تلاحظ في المنطقة الخارجية من الخور الأكثر اختلاطاً مع المياه القادمة من البحر، إلا أن احتمال تلوثها يبقى وارداً جداً.

وبالرغم من أن احتمالية حصول التلوث تقل كلما اتجهنا نحو مصب الخور (منطقة اتصاله بالبحر) مقارنة بالمناطق الداخلية منه (باتجاه الجسر الصيني) إلا أنه ولكون سلامة الإنسان قيمة لا تقبل التعرض للاحتمالات، ومن منطلق الوقاية خير من العلاج، ومع ضعف الإمكانيات -أو غيابها تقريباً- فيما يتعلق بوجود أنظمة رصد فعالة ومستمرة لهذه الملوثات من جانب آخر، فإننا ننصح بعدم تناول البقار أو أياً من الأسماك أو الأحياء البحرية المصطادة من مياه خور المكلا بوضعه الحالي.

ونوجه نداءنا إلى الجهات المختصة باعتبار خور المكلا منطقة مغلقة للصيد بجميع أشكاله، بل وحتى للسباحة. كما نوجه نداءً عاجلاً للجهات المعنية بإيقاف تصريف مياه المجاري في خور المكلا ليعود كما كان معلماً سياحياً وترفيهياً، لا مصدراً مقلقاً صحياً وبيئياً.

 د. أوسان معروف باهرمز
أستاذ جودة وتكنولوجيا الأسماك المساعد
كلية العلوم البيئية والأحياء البحرية – جامعة حضرموت
19/2/2019م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى