لماذا يصعب تنفيذ اتفاق السلام بمدينة الحديدة؟

> «الأيام» رويترز

> لم ينسحب طرفا الحرب اليمنية من مدينة الحديدة الساحلية الرئيسية، بعد أكثر من شهرين من الموافقة على اتفاق هدنة برعاية الأمم المتحدة، في إطار جهود لإنهاء الصراع الدائر منذ قرابة أربع سنوات، والذي دفع البلاد إلى حافة المجاعة.
واتفق الجانبان في محادثات عقدت في السويد في ديسمبر 2018م على وقف إطلاق النار وسحب القوات من الحديدة في أول تقدم كبير في جهود السلام، وكانت تلك أول محادثات تعقد خلال عامين تقريباً.

والهدنة صامدة إلى حد بعيد، غير أن الانسحاب لم يتم وسط غياب للثقة بين جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران، والتي تسيطر على الحديدة، والتحالف بقيادة السعودية، الذي يسعى لإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة.

ما سبب عدم تنفيذ الاتفاق؟
لم يحدد اتفاق السويد السلطة المحلية التي ستتولى السيطرة على الحديدة بعد انسحاب المقاتلين، ويسيطر الحوثيون على المدينة بينما يتمركز مقاتلون يمنيون يدعمهم التحالف على مشارفها.
بدأ الحوثيون في 29 ديسمبر 2018 مغادرة ميناء الحديدة، وسلموه إلى حرس سواحل محلي، لكن التحالف اعترض قائلا إن تلك الوحدات موالية للجماعة.

لم يكن لدى فريق مراقبين من الأمم المتحدة بقيادة الميجر جنرال المتقاعد الهولندي باتريك كومارت آلية للتحقق، من أجل تقييم الوحدات المحلية، وواجه صعوبة في جمع الطرفين لعقد محادثات. واستقال في يناير 2019 وتسلم المهمة الجنرال الدنماركي مايكل أنكر لوليسغارد، الذي استأنف الاجتماعات على متن سفينة قبالة ساحل الحديدة.

بعد أسابيع من الدبلوماسية التي شارك فيها أيضا المبعوث الخاص مارتن غريفيثس، أعلنت الأمم المتحدة في السابع من فبراير 2019 الجاري التوصل إلى اتفاق مبدئي على انسحاب على مراحل.
وكان من المقرر أن ينسحب الحوثيون في غضون أيام لمسافة خمسة كيلومترات من ميناء الصليف، الذي يستخدم في استيراد الحبوب وميناء رأس عيسى النفطي، ويتعين عليهم أيضا إخلاء المناطق من الألغام والأسلحة الثقيلة.

وبعد التحقق من تنفيذ هذه الخطوة ينسحب الحوثيون من ميناء الحديدة، بينما يتراجع التحالف كيلومتراً واحداً عن ضاحية «كيلو 7» في شرق المدينة، حيث استعرت المعارك قبل تطبيق وقف إطلاق النار في 18 ديسمبر 2018م.
لكن الأمم المتحدة لا تزال تحاول تسوية الخلافات بين الجانبين بشأن السلطة المحلية، التي ستتولى السيطرة تحت إشراف المنظمة الدولية قبل عملية إعادة انتشار أوسع، في المرحلة الثانية.
وثمة العديد من المقترحات المطروحة منها الاتفاق على قائمة مشتركة بأفراد حرس السواحل وقوة الشرطة، ويشك الحوثيون أيضا في انسحاب التحالف فعلياً بعد خروجهم.

لماذا الحديدة مهمة إلى هذا الحد؟
الحديدة هي الميناء الرئيسي الذي يستخدم في دخول أغلب الإمدادات التجارية والمساعدات لسكان اليمن، البالغ عددهم 30 مليون نسمة.
وتركز القتال في المنطقة، العام الماضي، ما أثار مخاوف من أن هجوماً شاملاً قد يتسبب في قطع خطوط الإمداد بما يؤدي إلى مجاعة، في بلد يعاني نحو 16 مليون نسمة فيه، بالفعل، من جوع حاد، وجعل القتال فتح ممرات إنسانية أمراً صعباً.

وبعد سنوات من الجمود العسكري، شن التحالف «السني» بقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة هجومين في العام الماضي للسيطرة على الميناء، سعيا لإضعاف الحوثيين بقطع خط إمدادهم الرئيسي.
وترغب السعودية والإمارات في الخروج من حرب مكلفة زاد التدقيق الدولي فيها، في أعقاب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في أكتوبر 2018م في قنصلية المملكة في اسطنبول.

وتدخل التحالف الذي يدعمه الغرب في اليمن في عام 2015 لإعادة حكومة هادي إلى السلطة. وتسيطر الحكومة حالياً على مدينة عدن الساحلية الجنوبية، وسلسلة بلدات ساحلية. ويسيطر الحوثيون على معظم المراكز الحضرية بما فيها صنعاء.
وإذا فشل اتفاق الحديدة، فسوف تتقلص فرص توصل محادثات سلام جديدة إلى إطار عمل لمفاوضات سياسية، لإنهاء الصراع الذي أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص.

ما سبب تعقيد الصراع؟
قبل الحرب، كان هناك العديد من الأحزاب والجماعات المسلحة في اليمن، وتكاثرت بدرجة أكبر منذ عام 2015، وأصبح لكل منها أجندة خاصة. وأحيت الحرب أيضا توترات قديمة بين شمال اليمن وجنوبه، اللذين كانا بلدين منفصلين في الماضي وتوحدا في كيان واحد عام 1990 تحت حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

وعبر الانفصاليون في الجنوب عن استيائهم من تركز الموارد في الشمال. وثار غضب الشيعة الزيدية بعدما أصبح موطنهم في الشمال يعاني من الفقر، وشكلوا في أواخر التسعينيات جماعة الحوثي التي حاربت الجيش، وأقامت روابط مع إيران. وشكل متشددون إسلاميون جناحاً لتنظيم القاعدة في الجنوب.

وأجبرت احتجاجات ضخمة مؤيدة للديمقراطية في عام 2011 صالح على التنحي، بعدما انقلب عليه بعض حلفائه السابقين ووقع انشقاق في الجيش. وانتخب نائبه هادي لفترة انتقالية لمدة عامين للإشراف على انتقال ديمقراطي لكن العملية انهارت.

وفي عام 2014، سيطر الحوثيون على صنعاء بمساعدة موالين لصالح، وأجبروا هادي على تقاسم السلطة. وعندما طُرح دستور اتحادي رفضه الحوثيون والانفصاليون الجنوبيون على السواء. وألقى الحوثيون القبض على هادي في عام 2015، لكنه تمكن من الهرب إلى عدن ثم دخل التحالف الحرب دعماً لهادي.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى