الانتقالي: مستعدون لنصرة هادي وإنهاء الحرب

> لندن «الأيام» خاص

> وقف الحرب وفصل الجنوب والحكم والإعمار.. بنود المبادرة أمام مجلس العموم البريطاني

أبدى رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزُبيدي استعداد المجلس وقدرته على نصرة الرئيس عبدربه منصور هادي، لاستعادة منظومة حكمه من سطوة الجماعات الانقلابية والنافذة في الشمال.
وقال الزُبيدي في كلمة أمام مجلس العموم البريطاني: «نمد أيدينا للسلطة الشرعية اليمنية ممثلة برئيس الجمهورية الفريق عبد ربه منصور هادي، ولدينا الاستعداد لنصرته حتى استعادة منظومة الدولة، وإنقاذ ملايين اليمنيين الذين هم ضحايا لهذه الحرب الحمقاء، حتى نتمكن بعدها من البت في قضيتنا الجنوبية، وحلها بما يرضي شعبنا الجنوبي».

وجدد التأكيد على أن الانتقالي وكل القوى الجنوبية الساعية للاستقلال على استعداد للبحث مع الأشقاء في الشمال عن شراكات عديدة تخدم مصالح شعبينا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والأمنية والسياسية، شراكات تحفظ مصالح البلدين والشعبين، وتكفل رعاية مصالح المواطنين الشماليين في الجنوب، ومصالح المواطنين الجنوبيين في الشمال.
الزُبيدي كان يتحدث في ندوة عن الأزمة اليمنية والقضية الجنوبية نظمها مجلس العموم البريطاني بالتنسيق مع مركز السياسات الدولية.

وشهدت الندوة التي أدارتها السيدة وجيل فيرنس، عضو البرلمان البريطاني، عدداً من المداخلات من بينها مداخلتين، قدمها الدكتور سيمون مابون، مدير معهد ريتشاردسون للسلام في جامعة لانكستر وزميل أبحاث مركز السياسة الخارجية البريطانية (FPC). وإيونا كريج، صحفية زميلة أورويل وزميلة مستقبل الحرب في أمريكا الجديدة وجامعة ولاية أريزونا.

نص الكلمة:
«بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها السيدات أيها السادة..
اسمحوا لي أن أتوجه بالشكر الجزيل لمركز السياسات الدولية على تنظيم هذه الندوة عن الأزمة اليمنية، والقضية الجنوبية، وإتاحة هذه الفرصة لي للمشاركة فيها، كما أحيي الحاضرات والحاضرين جميعاً من برلمانيين وباحثين وأكاديميين وناشطين مدنيين.
ويطيب لي أن أنقل لكم تحيات شعبنا الجنوبي، الذي ارتبط بشعبكم بعلاقات تاريخية، واحتفظ بالكثير من الود والعرفان للشعب البريطاني، وتجربته الرائدة في بناء ونشر القيم الحضارية والمدنية ومنها قيم الحرية والديمقراطية والتسامح والتعايش واحترام حقوق الإنسان وبناء المجتمع المتمدن، وتحقيق دولة الرفاه والتقدم العلمي والتكنولوجي.

السيدات والسادة..
من غير شك أنكم تتابعون الأزمة اليمنية الراهنة وما يتصل بها من حرب طالت وتضاعفت آثارها المدمرة على كل الأصعدة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية وصارت تهدد حياة عشرات الملايين من المواطنين، وبالذات الفئات الضعيفة كالأطفال والنساء وكبار السن، في الجنوب وكذلك الشمال اليمني، وتحولت إلى عامل تهديد للسلام والاستقرار ليس فقط في المنطقة والإقليم، بل وعلى الصعيد العالمي نظراً للأهمية الجيوسياسية التي تمثلها المنطقة وارتباطها بالعديد من المصالح العالمية. وفي هذا السياق فإننا نعبر عن تقديرنا للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة عبر المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن السيد مارتين جريفيثس في محاولة إيجاد حل دائم وشامل للأزمة. ونؤكد أن هذه الجهود بحاجة إلى مزيد من البحث وإعادة النظر في المسببات الرئيسية للأزمة وفي مقدمتها عدم حل القضية الجنوبية، ونؤكد أن استبعاد الجنوب والقضية الجنوبية من المشاورات والمفاوضات، إنما يتجه بها في مسارات خاطئة، ولن يكتب لها النجاح طالما بقي الجنوب خارج المعادلة وبعيداً عن التمثيل العادل فيها.

إن الأزمة الراهنة ليست وليدة العام 2014م (عام الانقلاب على حكومة الرئيس هادي) ولا حتى العام 2007م، (عام انطلاق ثورة الحراك الجنوبي السلمية) بل إن جذورها تعود إلى العام 1990م، عندما جرت محاولة إقامة وحدة يمنية بين الدولتين المعروفتين حينها في جنوب اليمن وشماله (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والجمهورية العربية اليمنية) حيث كانت هذه المحاولة تهدف إلى بناء دولة مدنية حديثة تطلَّع إليها اليمنيون آنذاك، والتي اعتقدوا حينها أنه يمكن تحقيق المواطنة المتساوية وإقامة دولة النظام والقانون التي تحمي الحقوق والحريات وتوفر عوامل الاستقرار والنهوض الاقتصادي والمعيشي للناس، وتساهم في حماية الأمن الإقليمي والدولي، لكن وكما تعلمون فقد فشلت هذه المحاولة بسبب الاختلاف السياسي والاقتصادي والثقافي وتباين المستوى المدني والفكري بين النظامين والبلدين والشعبين، وعلى وجه الخصوص بسبب نزعة التمييز العنصري والطائفي وكذلك الأطماع التوسعية لنظام صنعاء.

لقد عرف الجنوب والجنوبيون النظم القانونية والمدنية منذ زمن يمتد إلى عهد الوجود البريطاني، واستطاعوا تحقيق نجاحات عديدة في مجال محو الأمية وتوفير التعليم والرعاية الصحية المجانية، وبناء منظومة الإدارة، والقضاء على الفقر والبطالة، وإشراك المرأة في الحياة الاقتصادية والسياسية ومنحها دورها الكامل في المجتمع، وتحريم حيازة السلاح أو استخدامه من قبل المدنيين، وإيصال كل هذه النجاحات إلى كل مدن وأرياف الجنوب، في حين كانت معظم هذه المزايا والقيم والممارسات منعدمة، بل ويعد بعضها من المحرمات في الجمهورية العربية اليمنية الشقيقة.

إن عدم نضج الظروف الموضوعية والذاتية لنجاح محاولة الوحدة بين الدولتين، ووجود نزعة التمييز العنصري لدى نظام صنعاء، والأسباب الأخرى التي يطول شرحها، قد أدت بالنهاية إلى شن الحرب على الجنوب واحتلال الأراضي الجنوبية منذ العام 1994م وبذلك تحول الجنوب من دولة شريك في مشروع الوحدة بين الدولتين إلى أرض محتلة وشعب يعاني من ويلات الاحتلال.

الحاضرون جميعاً..
لقد عانى الجنوبيون الكثير من المآسي جراء تلك الحرب الظالمة، لقد تم القضاء على منظومة الدولة المدنية في الجنوب، واستبدلت بالعلاقات القبلية وأُلغِيَ القانون والنظام وحلت محلهما الأعراف والتقاليد القبلية، ودمر الجهاز القضائي والنيابي وحل محلهما سلطة المشايخ والوجاهات، وجرى تدمير المنظومة التعليمية والخدمات الطبية، وجرى الاستيلاء على المؤسسات الاقتصادية والمزارع الحكومية والتعاونية والمصانع الخفيفة في الجنوب، وتسليم كل تلك المرافق كمكافآت للوجهاء الشماليين وقادة الغزو، وتقاسم النافذون المصالح والمنشآت والمباني والمرافق الحكومية وسواحل الاصطياد البحري ومناطق التنقيب عن النفط وإنتاجه، وتقاسموا مصادر الثروة والأراضي الزراعية والوكالات التجارية، وباختصار لقد حول المنتصرون الأرض والمنشآت والثروة الجنوبية إلى غنيمة حرب تقاسموها فيما بينهم وبقي الشعب الجنوبي مستبعداً من كل هذه الحقوق ومحروماً حتى من حق العمل فيها، حيث استبعد المنتصرون مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين من العسكريين والمدنيين من أعمالهم، واستبدالهم بوافدين من مؤيدي الحرب والغزو من الشمال الشقيق.

السيدات والسادة..
لقد أطلقَ المنتصرون أيادي قوى التسلط والفساد والهمجية والجماعات الطفيلية والمنظمات الإرهابية للإمساك بأدوات السلطة والتحكم في تحديد مسارات مستقبل اليمن شمالاً وجنوباً.
لقد خاض الشعب الجنوبي نضالاً سلمياً طويلاً بدأ منذ العام 1994م واستمر حتى اندلاع ثورة الحراك السلمي الجنوبي في العام 2007م، كل ذلك كان رفضاً لنتائج تلك الحرب الظالمة وواجهتهم أجهزة علي عبدالله صالح وحلفائه بالقوة المسلحة والقمع الذي أدى إلى سقوط آلاف الشهداء والجرحى من المحتجين المدنيين في انتهاكٍ صارخ لأبسط معايير حقوق الإنسان، وقدمت للمحاكمة الصورية المئات من القادة المدنيين الجنوبيين لكن شعبنا لم يستسلم ولم يخضع لتلك السياسات القمعية والإرهابية، وظل متمسكاً بنضاله السلمي للتعبير عن قضيته العادلة.

وخلال فترة النضال السلمي تبلورت فكرة قيام الكيان السياسي الجنوبي للتعبير عن جوهر القضية الجنوبية ونقلها إلى المستوى الذي تستحقه، وقد جاء قيام المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017م كتتويج لمسيرة طويلة من العمل الميداني المعبر عن معاناة شعبنا وإيصال صوته إلى شركائنا الإقليميين والدوليين.
إن المجلس الانتقالي الجنوبي يخوض اليوم حوارات واسعة مع كل ألوان الطيف السياسي الجنوبي، ولديه الاستعداد للانفتاح على كل القوى والتكوينات السياسية الجنوبية التي تشاركه نفس الأهداف والتطلعات وتقديم المبادرات والأفكار لحل المعضلات التي أنتجتها السياسات الفاشلة في البلاد.

وفي هذا السياق -أيها السادة- فإننا نؤكد لكم أن المخرج الوحيد للأزمة الراهنة في اليمن يمكن أن يقوم من خلال التالي:
1 - وقف الحرب الدائرة في الشمال وتنفيذ الاتفاقات الموقعة بما فيها اتفاق ستوكهولم، والعودة إلى المسار السياسي لحلحلة جميع ملفات ومظاهر الأزمة بما فيها القضية الجنوبية.
2 - إعادة النظر في بناء المنظومة الحاكمة من خلال العودة إلى نظام الدولتين في الجنوب والشمال، وبناء منظومة جديدة من العلاقات والشراكات بين البلدين والشعبين والدولتين الجارتين الجنوبية والشمالية.
3 - تكون الدولتان الشقيقتان مستقلتين فيدراليتين تبعاً لظروف سكانهما، على أن يراعى في ذلك ظاهرة التمايز المذهبي والمدني في الشمال والتفاوتات الجغرافية والاقتصادية والجهوية في الجنوب، ومحاربة الإرهاب ومنع الجماعات المسلحة، وحصر احتكار السلاح على الدولتين الشرعيتين وجيشيهما وأجهزتهما الأمنية فقط.
4 - الشروع في برنامج مكثف لإعادة الإعمار في الدولتين لردم الفجوات التي أحدثتها الحروب والنزاعات وقيام برنامج شامل لإعادة تأهيل البلدين للحاق بدول العالم في البناء الاقتصادي والاجتماعي والخدمي والعلمي والتكنولوجي.


السيدات والسادة..
إننا نعتقد أن العودة إلى نظام الدولتين وفقاً لحدود العام 1990م ستكون ضماناً أكيداً ووحيداً لعودة العلاقة الطبيعية بين شعبينا وبلدينا الشقيقين وتمكينهما من بناء مستقبلهما بعيداً عن الحروب والنزاعات والتوترات، وبمنأى عن أية وصاية أو تبعية من أحدهما للآخر.
إن تمسك الشعب الجنوبي باستعادة حقه في تقرير المصير وبناء دولته الجنوبية الجديدة لا يمثل اعتداءً على حق أحد؛ وإنما هو تأكيد على فشل محاولة التوحيد وتمسكٌ بقرارات الأمم المتحدة وخصوصاً قراري مجلس الأمن رقمي 924، و931 في العام 1994م، وتعبيرٌ عما تضمنته معاهدات ومواثيق الأمم المتحدة المتعلقة بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وخصوصاً قرار الجمعية العامة 1514 الصادر في 14 ديسمبر 1960م، والذي يؤكد على أنه «لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعى بحرية إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي»، كما أن الشعب الجنوبي لا يضمر تجاه الشعب الشمالي الشقيق إلا كل الود والتضامن والاحترام، ونحن نقدم له يومياً كل أشكال الدعم والعون حتى يستعيد دولته التي صادرها الانقلابيون المدعومون من النظام الإيراني. وفي هذا السياق نكرر ما سبق أن أعلناه مراراً؛ إننا نمد أيدينا للسلطة الشرعية اليمنية ممثلة برئيس الجمهورية الفريق عبدربه منصور هادي، ولدينا الاستعداد لنصرته حتى استعادة منظومة الدولة وإنقاذ ملايين اليمنيين من ضحايا هذه الحرب الحمقاء، حتى نتمكن بعدها من البت في قضيتنا الجنوبية وحلها بما يرضي شعبنا الجنوبي، بيد أن مد أيدينا للتعاون مع الرئيس هادي لا يعفينا من الوقوف ضد الفساد والفشل والعبث الذي تمارسه الحكومات الشرعية المتعاقبة في إدارة محافظاتنا وما تلحقه من أضرار قاتلة في مصالح مواطنينا، وما تمثله من تهديد لمستقبل أجيالنا.

السيدات والسادة..
إن العودة إلى نظام الدولتين المستقلتين في الشمال والجنوب، ليست فقط مصلحة جنوبية، بل ومصلحة شمالية وإقليمية ودولية أيضاً، ذلك إن البديل الآخر لهذا الخيار هو استمرار التنازع والحروب والاضطرابات الأمنية والاقتصادية وانتشار الجماعات الإرهابية بدوافع سياسية من أطراف شمالية، ومن ثم تعطيل العديد من المصالح المحلية والإقليمية والدولية، كما أن شعبنا الجنوبي لم يعد يقبل أن تُفرض عليه خيارات لا تستجيب لمصالحه وتطلعات أبنائه.

إن الدولة الجنوبية الجديدة التي نسعى لبنائها لن تكون إلا دولةً مدنيةً ديمقراطيةً تعدديةً لا مركزية، تحترم الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الفكر والاعتقاد والتعبير، وتقوم على الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات التنافسية الحرة والنزيهة وتراعي التعددية الاقتصادية واقتصاد السوق، وترفض العنف وتحارب الإرهاب والتطرف، وتنفتح على العالم الخارجي، وتقيم الشراكات التي تحترم المصالح المتبادلة بيننا وبين شركائنا الإقليميين والدوليين.

إننا في المجلس الانتقالي الجنوبي وبالنيابة عن شعبنا الجنوبي نمد أيدينا إلى الأشقاء في شمال اليمن من أجل إقامة علاقات ندية أخوية بين شعبينا وبلدينا، علاقات تقوم على حسن الجوار واحترام المصالح المشتركة ومحاربة الإرهاب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، بعيداً عن ثنائيات التابع والمتبوع، والأصل والفرع، والغالب والمغلوب، ونحن على استعداد للبحث معهم عن شراكات عديدة تخدم مصالح شعبينا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والأمنية والسياسية، شراكات تحفظ مصالح البلدين والشعبين وتكفل رعاية مصالح المواطنين الشماليين في الجنوب ومصالح المواطنين الجنوبيين في الشمال.

أخيراً..
اسمحوا لي أن أشير من هذا المقام الرفيع إلى أننا ماضون وعازمون على استعادة وبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية الحديثة، والتي ستكون عامل استقرار رئيس ودائم لدول الإقليم والدول الشقيقة، وسيساهم في فتح أبواب الاستثمار وبناء مصالح مشتركة، ومن هنا نتوجه للأصدقاء البريطانيين بالدعوة للمساهمة في العمليات الاستثمارية في بلادنا، خصوصاً وهم يمتلكون التجربة التاريخية العريقة بخصائص المنطقة وعناصر قوتها وعوامل الجذب السياحي والاستثماري فيها.

كما أبلغ الأصدقاء في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية أن شعبنا الجنوبي الذي يحتفظ لبلدكم وشعبكم بالكثير من الذكريات الطيبة، يتوقع منكم ومن شعبكم وحكومتكم الموقرة موقفاً عادلاً يتطابق مع القيم النبيلة التي تعلمناها عن المملكة وتاريخها الحضاري، موقفاً يؤيد حق شعبنا في تقرير مصيره واختيار طريقه الحر، وبناء دولته المستقلة على أرضه. ولقد تعلمنا من تجربتكم العظيمة احترام إرادة الشعب عندما منحتم شعبكم حقه في الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي دخلتموه طواعيةً ولم تتعرضوا فيه للغزو والاجتياح كما جرى مع شعبنا الجنوبي، ونثق ثقةً تامة أن شعب المملكة المتحدة لن يكون إلا نصيراً للحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية التي يتطلع إليها شعبنا».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى