إحاطة جديدة أمام مجلس الأمن تدخل الأزمة منعطفا أكثر تعقيدا

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
 رغم إقرار المبعوث الأمم، مارتن جريفيثس، بالفشل، واعتراف كبير المراقبين الأمميين، مايكل لوليسغارد، بأن اتفاق السويد بات معطلاً، وأن الحوثيين وراء هذا التعثر، إلا أن هناك توجهات أممية يقودها جريفيثس لعقد مشاورات جديدة.

جريفيثس أقر في إحاطته أمام جلسة مجلس الأمن أمس الأول، بعدم تحقيق أي من أهداف اتفاق الحديدة حتى الآن، وتعثر بقية ملفات اتفاقات السويد، مشيراً إلى أنه لا يزال يتواصل مع الأطراف للبدء في تنفيذ المرحلة الأولى التي وصفها بالمهمة جداً. كما أشاد بمرونة الحكومة اليمنية حيال تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق إعادة الانتشار في الحديدة.

وجدد دعوته لعقد جولة جديدة من المشاورات للحوار بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية وهيئة رقابة لنزع السلاح، والتوافق حول دور الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في مرحلة ما بعد الحرب، إضافة إلى إعادة النظر في مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية.

وقابلت حكومة الشرعية دعوة جريفيثس بالرفض، معتبرةً أن الأمر لا يتطلب مشاورات جديدة بل تنفيذاً لما سبق الاتفاق عليه، وهو ما أشار إليه وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني.
ونقلت جريدة العرب اللندنية عن الوزير الإرياني قوله: “إن محاولات التلاعب بالوقت والملفات والأولويات من خلال الدعوة لجولة من المشاورات أمور تفتقر للواقعية السياسية، ولا تخدم بأي حال السلام في اليمن”. ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تكثيف الضغط على الميليشيات الحوثية ومن خلفها النظام الإيراني للانصياع للقرارات الدولية واتفاقات السويد، لافتاً إلى أن الحوثيين إذا لم يلتزموا باتفاق جزئي في الحديدة فهم بالتأكيد لن ينفذوا أي اتفاق آخر.

ووصف وزير الإعلام اليمني الحديث عن تعديل المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار بأنه “طرح غير مسؤول”، مضيفاً أنه “ما كان ينبغي أن يصدر عن مبعوث أممي، كان الأجدر به العمل على تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، واحترام التوافقات والمرجعيات التي أجمع عليها اليمنيون بمختلف أطيافهم”.

واعتبر مراقبون سياسيون أن إحاطة المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن تكشف عن منعطف جديد ستمر به الأزمة اليمنية خلال الفترة المقبلة، حيث يصرّ جريفيثس على تجاوز اتفاقات السويد والذهاب نحو مشاورات لبحث الحل الشامل والنهائي حول الملف اليمني، وهي ذاتها الدعوة التي تكررت على لسان عدد من قادة الحوثيين عقب التوقيع على اتفاقات ستوكهولم.

وفي تطور لافت، حمّل رئيس بعثة المراقبين الدوليين في اليمن الحوثيين مسؤولية تعثر تنفيذ خطة المراقبة الثلاثية للانسحاب من موانئ الحديدة وجميع مناطق الانتشار، وقال: إن الحكومة اليمنية وافقت عليها، ورفضها الحوثيون بالرغم من كونها “أساساً قوياً للتسوية”.

ووصف مايكل لوليسغارد في إحاطته الهدنة في الحديدة بأنها هشة، لكنها لا تزال قائمة في نفس الوقت، مشيراً إلى تدهور الوضع الأمني وتآكل الثقة بين الأطراف اليمنية وتزايد الإحباط في صفوف القوات على الأرض.
ونأى بنفسه عن المهاترات السياسية وحالة الفشل التي تلوح في أفق اتفاقات ستوكهولم من خلال التأكيد على أن عمل فريقه فني وليس سياسياً، مطالباً مجلس الأمن بممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف اليمنية لتقديم التنازلات التي تمكن فريقه من إيجاد أرضية مشتركة لتنفيذ اتفاق الحديدة.

وجاء انعقاد مجلس الأمن الدولي بعد يوم من دعم سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لدى اليمن جهود جريفيثس ولوليسغارد، لضمان أسرع تنفيذ ممكن للترتيبات المتفق عليها في ستوكهولم لإعادة الانتشار في موانئ ومدينة الحديدة.

كما دعا البيان جميع الأطراف إلى “ضمان قيام بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة بأداء عملها بأمان ودون تدخل”.
وعلى وقع تصعيد ميداني غير مسبوق للجماعة الحوثية في محافظة الحديدة واكب انعقاد جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي، للوقوف على الأسباب التي حالت دون تنفيذ «اتفاق السويد»، ولقيت “مرونة” الشرعية إشادة أمريكية مقابل قلق من استمرار الجماعة الحوثية في عرقلة التنفيذ.

جاء ذلك خلال تصريحات للسفير الأمريكي لدى اليمن ماثيو تولر خلال لقائه في الرياض وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، وبحث خلال اللقاء مستجدات الوضع على ضوء الجلسة المغلقة التي كان عقدها مجلس الأمن حول اليمن، الأربعاء الماضي.

ونسبت مصادر يمنية رسمية للوزير اليماني قوله: «إنه أصبح من الواضح تماماً اليوم للمجتمع الدولي أن ميليشيات الحوثي الانقلابية هي الطرف المعرقل لتنفيذ اتفاقية ستوكهولم، وأن الحكومة اليمنية أبدت أكبر قدر من المرونة لإنقاذ الاتفاقية، انطلاقاً من حرص الرئيس عبد ربه منصور هادي على السلام».

وشدد اليماني على أهمية أن يقوم المجتمع الدولي بإيصال رسالة واضحة وقوية للطرف المعرقل، وقال: «إن الحكومة اليمنية لن تخطو نحو أي مشاورات أو مفاوضات أخرى دون تحقيق تقدّم في تنفيذ خطة إعادة الانتشار في الحديدة».
ونقلت وكالة سبأ (الحكومية) عن السفير الأميركي تولر أنه «عبّر عن قلق بلاده من التطورات الحاصلة بعد جلسة مجلس الأمن الأخيرة، التي تشير بوضوح إلى عرقلة الحوثيين لتنفيذ خطة إعادة الانتشار واتفاقية ستوكهولم».

وأثنى السفير الأميركي على المرونة الكبيرة التي أبدتها الحكومة اليمنية وتعاونها الكامل مع المبعوث الأممي ولجنة إعادة الانتشار، وأكد أن «المجتمع الدولي يتحدث بصوت واحد حول أهمية تنفيذ اتفاقية ستوكهولم، باعتبارها المدخل الوحيد لبناء الثقة والوصول إلى حل شامل يقوم على المرجعيات المتوافق عليها».

وبدأ وزير الخارجية اليمني خالد اليماني تحركات دبلوماسية في أكثر من اتجاه عقب جلسة مجلس الأمن الدولي، شملت لقاءه مع السفير الصيني لدى اليمن (كانغ يونغ) لبحث المستجدات المتعلقة بتنفيذ اتفاقية ستوكهولم.
وأوضح اليماني موقف الحكومة الشرعية والمرونة التي تحلت بها لإنجاح هذا الاتفاق في مقابل العراقيل والتهرب المستمر من الميليشيات الحوثية، ورفضها كالعادة لتنفيذ الاتفاقات، مشيداً بموقف الحكومة الصينية القوي والداعم للحكومة اليمنية.

ونسبت المصادر الحكومية اليمنية إلى السفير الصيني أنه أكّد التزام بلاده بموقفها الواضح تجاه العملية السياسية في اليمن والمبني على أهمية تنفيذ اتفاقية ستوكهولم، والالتزام بالمرجعيات الثلاث المتوافق عليها في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالشأن اليمني.

وكان المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن جريفيثس أحاط مجلس الأمن في جلسة مغلقة بالأسباب التي حالت دون عملية إعادة الانتشار في محافظة الحديدة، كما قدم كبير المراقبين الدوليين الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد إحاطة أخرى كشف خلالها أنه لا يوجد تقدم في عملية إعادة الانتشار. لافتاً إلى أن وقف إطلاق النار ما زال سارياً رغم الانتهاكات.

وبحسب مصادر دبلوماسية حضرت الجلسة المغلقة قال لوليسغارد إن «الحكومة أبدت مرونة كبيرة فيما يخصّ تطبيق المرحلة الأولى، وإن الحوثيين عرقلوا تنفيذها، وسيتمُّ التواصل معهم للخروج من هذا الطريق المسدود».
في غضون ذلك، حذرت القوات الحكومية المرابطة في محافظة الحديدة من خطورة استمرار الميليشيات الحوثية في التصعيد الميداني، خصوصاً بعد استهدافها مقرَّ الفريق الحكومي المشارك في لجنة تنسيق إعادة الانتشار بالقصف الصاروخي، ومحاولة استهداف المقر نفسه بطائرة مسيَّرة، فضلاً عن تكثيف إطلاق الصواريخ والقذائف على مواقع القوات الحكومية.

وقال عضو الفريق الحكومي في لجنة تنسيق الانتشار، العميد صادق دويد في تغريدة على «تويتر»: “إن محاولة الميليشيات الحوثية الفاشلة استهداف مقر الفريق الحكومي بلجنة إعادة الانتشار بالصواريخ وبالطيران المفخخ لهو تأكيد على جديتهم في وأد (اتفاق السويد)، وعزوفهم عن مسار السلام».

وذكرت مصادر ميدانية يمنية أن الميليشيات الحوثية أطلقت أربعة صواريخ كاتيوشا طويلة المدى، ليل الأربعاء الماضي على معسكر (أبو موسى الأشعري) والمناطق القريبة منه، في محاولة لاستهداف قوات الأمن المحلية التي تم تجهيزها لتسلم الحديدة وموانئها من قبل الشرعية والتحالف الداعم لها.

وجاء القصف الحوثي، بحسب المصادر، عقب محاولة الحوثيين استهداف مقرّ الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار بطائرة مسيرة مفخخة قبل أن تتمكن الدفاعات الجوية من إسقاطها.
في السياق ذات، قصفت جماعة الحوثية مواقع قوات ألوية العمالقة في منطقة الجبلية التابعة لمديرية التحيتا بمختلف القذائف المدفعية، بحسب ما أفاد به المركز الإعلامي التابعة لـ (ألوية العمالقة).

وذكر المركز أن «وحدة الرصد والمتابعة لألوية العمالقة رصدت قصف الحوثيين لمواقع القوات الحكومية بمختلف القذائف المدفعية، ومنها قذائف (بي 10) و(آر بي جي) بشكل كثيف».

وتقول القوات الحكومية: إن صبرها لن يطول إلى ما لا نهاية، غير أنها لا تزال منضبطة في احترام الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في 18 ديسمبر الماضي. ورفضت الميليشيات الحوثية حتى تنفيذ اتفاق السويد الذي تم التوصل إليه في 13 ديسمبر الماضي، برعاية أممية ودولية، سواءً ما يتعلق منه بالانسحاب من الحديدة وموانئها، أو إطلاق الأسرى والمختطفين، أو التفاهمات الخاصة بمدينة تعز.

واقترح الجنرال لوليسغارد في الأسابيع الأخيرة خطةً لإعادة الانتشار من مرحلتين، تشمل الأولى انسحاب الجماعة الحوثية من ميناءي الصليف ورأس عيسى مسافة خمسة كيلومترات، وإعادة انتشار القوات الحكومية مسافة كيلومتر شرق مدينة الحديدة، غير أن الجماعة الحوثية رفضت الانسحاب تحت إشراف اللجنة الثلاثية المشتركة لإعادة تنسيق الانتشار، كما رفضت تسليم خرائط الألغام التي زرعتها في الميناءين وعلى الطرق المؤدية إليهما.

ويكمن جوهر المعضلة التي يواجهها الجنرال الدنماركي في تمسك الحوثيين بالبقاء أمنياً وإدارياً في الحديدة وموانئها، تحت مزاعم أن عناصرهم يمثلون السلطات المحلية والأمنية وليس الحكومة الشرعية، وهو ما يجعل عملية الانسحاب التي يريدون القيام بها فارغة من مضمونها، بحسب ما تقوله الحكومة الشرعية.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى