الحرب في اليمن.. خفايا أسرار وكواليس

> د.باسم المذحجي

> لم يكن اختيار هذا الموضوع من باب جذب انتباه القارئ أو التسويق الخبري بقدر ما كان قراءة عميقة للأحداث العسكرية الجسام التي تشهدها اليمن، فنحن اليوم دخلنا مرحلة كسر العظم مع المشروع الإيراني، ومعركة نكون أو لا نكون.
بالعكس تماما، فأنا لا أعرض معلومات يفهمها العسكريون فقط، بل هناك معلومات يجهلها العسكريون عن حروب العصابات، والميليشيات الحديثة التي لا تدرّس في المدارس العسكرية.

بالفعل يدّرس الاشتباك في المدارس العسكرية بأنه وسيلة للوصول لهدف الحرب، واستخدام كل الوسائل بما فيها المفاجأة، لكن الأنفاق التي تنحت في الجبال، أو في الرمال، أو في المساحات الترابية والزراعية تعد نقلة نوعية جديدة تواجه العسكريين في اليمن، وهذه أبرز تطورات حرب اليمن من جانب ميليشيات الحوثي، والتي نُقلت إليها عبر خبرات الحرس الثوري الإيراني، وميليشيات حزب الله اللبناني.

تراهن ميليشيات الحوثي على الأنفاق التي تقيها غارات الطيران، وتمكنها من عمل هجوم خلفي غادر يحصد عددا كبيرا من مقاتلي الجيش الوطني الذي يستعيد الدولة في اليمن.
نحن نبحث عن قنابل تضع حدا لأنفاق حزب الله، أو خبرات أنفاق فيتنام، وهي نوع من ذخائر الهجوم المباشر المسماة قنبلة (بي إل يو 109 BLU - 109Bomb) والأخريات.

الحرب الرمزية والحرب الحقيقية
التأهيل النفسي يلعب دورا كبيرا في حياة المقاتل، وقد لوحظ بأن ميليشيات الحوثي تسحب مقاتليها الذين صمدوا في الجبهات لأكثر من شهرين، بحيث يأخذوا أسبوعا، أو يزيد، في بيئة بعيدة عن الاشتباكات، والمواجهات، فضلا عن أنها بالتدريج تأهل مقاتليها من مقاتل عادي إلى مقاتل متمرس، وتختلف نوعية البرامج المكثفة للميليشاوية عن مثيلاتها في الجيش الوطني لاستعادة الدولة، والميليشاوية لديها نوعان من التأهيل.

دورات جهادية وعقائدية
دورات صناعة مقاتل متمرس بتشكيل 7/7، أو 12/12، أو قناص محترف يستطيع المكوث لأربع أيام متتالية.
فكرها القتالي يعتمد على إعداد قوائم بالخصوم، ولنأخذ جماعة إخوان المسلمين أنموذجا، فنموذج جماعة الإخوان عبارة عن صف أول يأمر، ولا يرتبط بالصف الثاني من الجماعة التي تتلقى الأوامر، في حين أن الصف الثاني يأمر الصف الثالث، ويتلقى التوجيهات من الصف الأول، وكل ما حدث بأن جماعة الحوثي الإرهابية نجحت في القبض على معظم قيادات الصف الثاني، وبذلك هربت قيادات الصف الأول خارج اليمن، في حين أن بقية مجاميع الصف الثالث تائهة، وعاجزة عن عمل أي شيء.

تتعمد جماعة الحوثي الاستفادة من الخلاف الإماراتي مع فصيل إخوان المسلمين- فرع اليمن، وتستفيد من فكر آل سعود الإستراتيجي في حضرموت والمهرة لنشر الفوضى، نظرا لأنها فشلت في استقطاب منتسبي حزب التجمع اليمني للإصلاح من الهاشميين أمثال بيت اليدومي، والديلمي... إلخ، وذات الأمر ينطبق على جميع قيادات الصف الأول في المؤتمر الشعبي العام، والتي تم اعتقالها في أحداث 2 - ديسمبر 2017.

كما أن لديها خطط لوقف الضغط عليها عبر منح مناطق حاضنة لمناوئيها كعدن، ومأرب، وتعز، بحيث تركت مأرب وعدن وتعز المدينة كمواقع آمنة نوعا ما، بحيث تنجح في تأمين مناطقها وتخفف الضغط الداخلي، وتخلق أجواء أمن واستقرار في مناطق سيطرتها.
كذلك لديها خطط معدة مسبقا من حزب الله والحرس الثوري، لاستهداف أهداف خارج اليمن، وعلى سبيل المثال:
1 - محطات تحلية المياه في المملكة العربية السعودية.
2 - مواقع شركة أرامكو السعودية.
3 - ميناء جدة.
4 - ميناء جبل علي.

حرب تمويه
الذي يهم ميليشيات إيران في اليمن هي مدى قدرتها على تخزين المؤن والمعدات والأسلحة بطريقة خفية ومموهة.. كذلك تمتلك ترسانة من صواريخ كورنيت للأهداف الهامة، ونوعا ما البحرية لاستهداف الملاحة البحرية، زد على ذلك منصات كاتيوشا متنقلة ومموهة، وهذه يتم الإعداد لها في الساحل الغربي والجنوبي الغربي.
كذلك تمارس خطط تمركز، وبسط نفوذ تعتمد على خطوط النقل، وتقاطع الطرق أو المراكز الإيرادية أو صهاريج النفط، وهذا واضح في ضاحية الحوبان بتعز.

وهي تتشبث بمفترق طرق النقل والمرتفعات الإستراتيجية في نهم وصرواح ورداع وتعز والضالع وصعدة، ناهيك عن استماتتها في مدينة الحديدة.

حرب عصابات
نحن نواجه تكتيك حرب عصابات، فالمليشيات تسعى إلى تعميق أثر الحرب على المواطن، والبنى التحتية للبلد، وكذلك تراهن على إطالة أمد الحرب، والتي تجعل من الآثار المترتبة على الحرب تأخذ نطاقا أكبر كارثية.
وبالتالي فالجيش الوطني لاستعادة الدولة ملزم بالتعامل مع تكتيك حرب العصابات، ومن هذا المنطلق لابد له من مهاجمة المنشآت المعزولة، وتفادي كمائن الأنفاق، والألغام والقذائف الموجهة، وهجمات الطائرات بدون طيار، والصواريخ الباليستية.

ليس هذا فحسب، بل مطلوب من الجيش الوطني القدرة، والمقدرة، والمهارة على التطهير السطحي وتحت السطحي للألغام، والمخلفات الحربية.
وهو مطالب أيضا بالعمل على تغيير برنامجه لإعداد المقاتلين، فلابد من مرحلة تجنيد ليتبعها مرحلة فرز للمتطوعين، ومن ثم مرحلة تدريب مكثف لنوع المقاتل المحترف والمتمرس، والذي يدرك ماذا يعمل وما يقوم به في جبهات ومواقع القتال.

يحتاج الجيش الوطني لاستعادة الدولة في اليمن إلى تطوير مهارات الانتشار المعقد، وتطوير مفهوم جوي- بحري مشترك للمعارك، فضلا عن تطوير قدرات القصف عن بعد والاستهداف من مسافات طويلة.
لابد وأن تتطور الاتصالات العسكرية في ذات الوقت الذي يتم تطوير القادة العسكريين المستقبليين في رتم متواصل بدون كلل أو ملل.

الهدف مما نشر الآن هو كيفية تحقيق وسيلة النصر، والإسراع في إنهاء الاقتتال بغرض الاقتصاد في الخسائر والجهد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى