الشاعرة السودانيّة روضة الحاج وزيرة ثقافة لعشرة أيام

> عبده وازن

>
لم يتسنّ للشاعرة والإعلاميّة السودانيّة الشهيرة روضة الحاج أن “تجلس” على كرسي وزارة الثقافة بعد تعيين الرئيس عمر البشير إياها وزيرة اتحاديّة للثقافة والسياحة والتراث في آخر تعديل له في التشكيلة الحكوميّة، قبل عشرة أيام من إطاحته على يد الجيش السوداني، وجعله في إقامة جبريّة. كان اختيار روضة الحاج مفاجئاً لها ولسائر أهل الأدب والثقافة في السودان، فهي كانت في المنامة، في الأول من أبريل، عندما ورد اسمها في التعديل الوزاري، وكانت أحيت للتو أمسية شعريّة بدعوة من أسرة الأدباء والكتاب في البحرين. ولعلها الآن، بعد الحدث الانقلابي المفاجئ، تجد نفسها في حال من الحرج إزاء قرار تعيينها وقبولها هذا التعيين أولا، ثم إزاء الشعب المنتفض، علماً أن لا علاقة لها بالسياسة والصراع السياسي والحزبي، وكانت تصرّ دوماً في إطلالاتها الشعريّة الكثيرة في السودان والبلدان العربيّة، في الأمسيات وعلى الفضائيّات، على أنها تمثل كل الشعب السوداني، بأطيافه كافة وطبقاته وانتماءاته، وتمثّل أيضاً صوت المرأة السودانيّة العربيّة التي تعاني الإقصاء والتهميش والظلم. وقد اشتهرت قصيدتها “بلاغ امرأة عربية” التي ألقتها في مناسبات عدّة ولاسيما في برنامج “أمير الشعراء” الشهير خليجيّاً وعربيّاً، والذي يقدمه تلفزيون أبوظبي وفازت بإحدى مراتبه وأُطلق عليها لقب “أميرة الشعراء”. وكانت روضة الشاعرة الوحيدة التي نافست الشعراء العرب في جائزة “سوق عكاظ”، وفازت في دورة العام 2012 بالجائزة، وارتدت بردة “شاعر عكاظ” واختيرت من بين 35 شاعراً من ثمانية دول عربية. وفي نيلها هذه الجائزة حققت روضة شهرة كبيرة ودخلت نادي الشعراء “المكرسين” رسمياً، على رغم بعدها عن المعترك الشعري والنقدي الحديث، وبقائها على هامش حركات التحديث التي أنجزها شعراء عرب ينتمون إلى جيلها.

عندما عيّنها البشير وزيرة في حكومته الأخيرة في الأول من أبريل، ارتفعت أصوات الشعراء والأدباء والفنانين السودانيين يرحبون بهذه المبادرة وحيّوا شاعرتهم وأعلنوا مؤازرتهم لها، وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي كلمات الترحاب والتهنئة. وسرعان ما طالبها بعض المثقفين بتجديد وزارة الثقافة وإحياء قطاعاتها وإنقاذها من حال الجمود والشلل واستعادة دور “المجلس القومي لرعاية الثقافة والفنون” الذي يعد من أهم القطاعات في الوزارة. غير أن فئة من المثقفين المعارضين لنظام البشير وحكمه، لم يرحبوا بها وزيرة للثقافة؛ بل آخذوا عليها قبولها هذا المنصب في مرحلة الاضطراب السياسي والقلق والانتفاضة الشعبية أو ما حلا لبعضهم أن يسميه “الربيع السوداني” الذي آل إلى صعود العسكر. وبدا تعيينها وزيرة أقرب إلى كذبة الأول من أبريل، فهي لم تكد تؤدي القسم في القصر الجمهوري أمام الرئيس “المخلوع” بحضور جمع من الوزراء والسياسيين حتى أطيحت وزارتها مع إطاحة حكم البشير. وقد يكون توزير روضة أقصر توزير، فهو لم يتعدّ العشرة أيام. وقد بقي هذا التوزير اسميّاً أو شكليّاً، إذ لم يُتح الانقلاب لها، أن تدخل رحاب الوزارة وتجلس على كرسيها وتجول في أرجائها..

غرّد بعض أصدقاء الشاعرة روضة يقول إنها الآن تقبع في بيتها، لا ترد على المكالمات والرسائل الإلكترونية، ولا تطل ولا تصرّح، منتظرة ما سيؤول إليه الوضع الراهن والمعقد، وقد فوجئت بهذا الانقلاب مثلما فوجئت بتعيينها وزيرة. ويقال إنها تعيش حالاً من الصدمة، فهي غير متمرسة في شؤون السياسة والأحزاب والانقلابات. غير أنها حتماً ستظل تلك الشاعرة المتميّزة بصوتها الوجداني الدافئ حيناً والطالع من جروح الأرض والجدان الشعبي، والصارخ حيناً في دفاعه عن حقوق الناس والمرأة وفي دعوته إلى حب الوطن والحفاظ على أرضه وشعبه.

في الخمسين من عمرها، لها الكثير من الدواوين، ومنها “عش القصيد”، “في الساحل يعترف القلب”، “مدن المنافي”، “للحلم جناح واحد”، “ضوء لأقبية السؤال” و “قصائد كأنها ليست لي”.
(إندبيدنت عربية)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى