رمضان والسلف الصالح

> إعداد/ هاشم الخضر السيّد

>
روي عن الشافعي أنه كان يختم في رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلاة، قال الربيع: «كان الشافعي يختم كل شهر ثلاثين ختمة، وفي رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلاة». [صفة الصفوة:2/255]. وقد يتبادر إلى ذهن أحدنا إشكال فيقول قد جاء النهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذم من يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، فكيف هؤلاء العلماء يخالفون ذلك؟ يقول ابن رجب،  رحمه الله: «وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم». يعني من السلف الذين كانوا يقرؤون القرآن في أقل من ثلاث ليال وذلك في رمضان وخاصة في العشر الأواخر.

السلف والقيام في رمضان: قيام الليل هو دأب الصالحين وتجارة المؤمنين وعمل الفائزين ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم فيشكون إليه أحوالهم ويسألونه من فضله فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها عاكفة على مناجاة بارئها تتنسم من تلك النفحات وتقتبس من أنوار تلك القربات وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات. وقد أدرك سلفنا الصالح هذه المعاني العظام، فنصبوا أقدامهم في محراب الإيمان، يمضون نهارهم بالصيام، ويحيون ليلهم بالقيام، ذكر الحافظ الذهبي عن أبي محمد اللبان أنه: «أدرك رمضان سنة سبع وعشرين وأربعمائة ببغداد فصلّى بالناس التراويح في جميع الشهر فكان إذا فرغها لا يزال يصلي في المسجد إلى الفجر، فإذا صلى درّس أصحابه. وكان يقول: لم أضع جنبي للنوم في هذا الشهر ليلاً ولا نهاراً. وكان ورده لنفسه سبعا مرتلاً»، وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام فيقوم إلى مصلاه. وكان طاووس يثب من على فراشه ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح ويقول: طيّر ذكر جهنم نوم العابدين. عن السائب بن يزيد قال: أمر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أبي بن كعب وتميما الداري - رضي الله عنهما - أن يقوما للناس في رمضان فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلاّ في فروع الفجر. [أخرجه البيهقي]. وعن مالك عن عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام فيستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر [أخرجه مالك في الموطأ].​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى