قصة صحابي: جُليبيب - رضي الله عنه

> إعداد/ هاشم الخضر السيّد

> جليبيب هو رجل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لا يعرفه الكثير من أهل زمنه، ومن كان يعرفه منهم، لا يعرف أكثر من أنه جليبيب، ذلك الرجل الدميم الخِلقة، الضعيف الحال.
بل كان لجليبيب منزلة ومكانة عند رسول الله، عليه الصلاة والسلام، إذ كان مذكوراً على لسانه، محبوباً إلى قلبه، فنال بذلك شرفاً ومجداً وسؤدداً، في حياته وبعد مماته، يغبطه عليه كل نابهٍ شريف في قومه، فحسْبه ذلك، مما جعل التاريخ يدون اسمه في صفحاته، ويحفظ ذكره رغماً عن أنفه.

ومن عطف النبي صلى الله عليه وسلم، على جليبيب، وحبِّه له، أن عرض عليه يوما التزويج، فما كان من جليبيب إلا أن ابتسم بمرارة، وقال: «إذن تجدني كاسداً يا رسول الله»، فرد عليه رسول الله، بكلام وصوت أنزل السكينة والطمأنينة في نفسه حيث قال: «غيرَ أنك عند الله لست بكاسد».
التقى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ذات يوم، برجل من الأنصار، فحدثه الرسول قائلاً: «يا فلان، زوجني ابنتك»، فتهللت أسارير الرجل، حتى إنه من شدة فرحته تَلَجْلَج في جوابه، وقال: «نعم.. نعم!! يا رسول الله، كرامة ونُعمى عين»، فقال رسول الله: «إني لست أريدها لنفسي»، فخفت بريق وجه الرجل، وقال: فلمن يا رسول الله؟ قال: «لجليبيب»، فوجئ الرجل بهذا القول، فقال بصوت خفيضٍ والدهشة تعتريه: لجليبيب..؟ وسكت هنيهة، ثم قال: يا رسول الله، حتى أستأمرَ أمها وأشاورَها، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «نعم إذن». فانطلق الرجل إلى امرأته، وهو لا يدري كيف يفاتحها بالخبر لكنه معتقدٌ ـ لِما كان يعلم من طبعها وفكرها ـ فجاءها وذكر لها ما عنده من خبرٍ، وأدّاه إليها، بنفس الطريقة التي تلقّاه.. ثم قال: إنه لا يريدها لنفسه. فقالت وقد زَوَت ما بين حاجبيها: واهاً لقولك.. فلمن يريدها إذن؟ قال: لجليبيب. فصاحت المرأة: لجليبيب، جليبيب!! وصكّت صدرها، وقالت: ماذا تقول يا رجل؟ أما وجد رسول الله إلا جليبيباً؟ أستغفر الله العظيم، لقد منعناها فلاناً وفلاناً ممن تعرف، ثم نأتي في آخر الأمر لنزوج ابنتنا من جليبيب..

كانت الفتاة في سترها تسمع تحاور والديها، فقال الرجل لزوجته: على رِسْلك يا امرأة، سآتي رسول الله، وأخبره بما ارتأينا، ولا حرج علينا بإذن الله تعالى.. فلما قام الرجل، خرجت عليهما ابنتهما من خدرها، وقالت: بل على رِسلك أنت يا أبي، أتريدان أن تردّا على رسول الله أمره؟!! يا ويحنا، ثم يا ويحنا، إن كان قد رضيه لكم رسول الله فأنكحوه، والخيرة فيما اختاره الله ورسوله.
عندما سمع والداها قولها هذا قالا: صدقتِ وأيمُ الله. وجعل أبوها يقول: الحمد لله الذي أنطقكِ بالحكمة يا بُنية، والله إنا كنا عن رأيك هذا غافلين، وكذلك الذكرى تنفع المؤمنين.

ثم ذهب أبوها إلى رسول الله وقال: إن كنت قد رضيت جليبيباً لنا، فقد رضيناه، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: «إني قد رضيته»، فتزوج جليبيب من تلك الفتاة حين علمت أن رسول الله هو من خطبها له، فكان جزاؤها من النبي عليه الصلاة والسلام أن دعا لها فقال: «اللهم صُبَّ عليها الخير صباً صباً، ولا تجعل عيشها كدّاً كداً».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى