حرب الخليج الرابعة.. المعركة الجيوسياسية الخفية

> د. باسم المذحجي

> في أي حرب لابد وحصر أطراف الحرب ولكن لابد فهم واستيعاب جديد (UPDATE) نظريات الصراع الدولي (Int.Conflict Theory)، وهذا هو المنطلق الإستراتيجي لهذا العمل.
الذي يهمنا الآن هو فهم ما يجري بعمق في المنطقة وليس الانسياق وراء الأحداث السطحية. لقد فسر (النموذج الفكري) باراديم (Paradigma) للحروب مجموعة من الكتاب على رأسهم كاتب الخيال العلمي الأمريكي (Walter Miller) والتر ميلر "بأن دخول الولايات المتحدة الأمريكية للحرب العالمية الأولى بجانب الحلفاء يعود إلى أسباب اقتصادية، تمثلت في رغبة إدارة الرئيس الأمريكي "ويلسون" في ضمان مستحقات المصانع الحربية الأمريكية لدى الحلفاء، إذ أن هزيمة الحلفاء تعني وقف دفع تلك المستحقات.

الحرب الجيوسياسية الخفية
الخليج العربي والممرات المائية في منطقتنا العربية الشرق أوسطية تعد مركز العالم الاقتصادي والحبكة الدائرة هناك ترتبط بالحروب الاقتصادية، والاستثمارية بين الصين كصاعد جيوسياسي جديد والولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعد عراب الجيوسياسية في العالم، ومن سيفرض الواقع الجيوسياسي الجديد على الآخر.

باختصار؛ فحرب الخليج الرابعة تعد تحكم في الواقع الجيوسياسي رغم ثبات الجغرافيا السياسية من عدمها، وتلكم ما تسمى مربع الهيمنة الإقليمية وامتداد للصراع على النفط وخطوط الملاحة التجارية كطريق الحرير والثقل الجيوسياسي العالمي إذا أردنا الكشف عن فاتورة الحرب الحقيقية.

ويمكن القول بأن منطقتنا العربية الشرق أوسطية عانت فراغ إستراتيجي مدروس لتتكشف بموجب ذلك خطط دول العالم بهذا الخصوص، فبرزت إيران وأذرعها الميليشاوية، وتركيا وجماعة الإخوان وأخواتهم من داعش والقاعدة، وما من حل إلا العودة إلى خطوط عام 1967 مع بعض التعديلات التي تجعل دول كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تتصدر الهيمنة الجيوسياسية الإقليمية في منطقتنا العربية الشرق أوسطية.

بحث الكاتب والمفكر والباحث الأمريكي "كينث ولتز" في كتابه الإنسان، الدولة، والحرب في مسألة الصراع واستخلص ثلاثة مفاهيم رئيسية لتفسير ظاهرة الحرب، والتعبير عن المعلومات، لكنني هنا حددت كواليس حرب الخليج الرابعة عبر دمج وقلب وربط مجموعات أفكار حديثة أو قديمة في المجال الاستخباري الكتابي. لتتشكل معلومات ريتوركية (Rhetoric) بسيطة توضح سر حرب الخليج المقبلة بأبسط العبارات، وعلى النحو التالي:
دفع آل نهيان وأبناء سلمان مليارات لأجل نشر قوات وأساطيل في بحر العرب والأحمر ومضيق باب السلام في قالب مشاريع إستراتيجية استثمارية، لكن في المقابل دفع نظام الحمدين أضعاف ذلك المبلغ باستقدام مزيد من التعزيزات إلى قاعدة العديد في قطر لغرض تأمين قطر، وتجييرها لصالح مونديال 2022, ولكي يتحول التصعيد العسكري إلى مفاوضات سلام وإحباط مخطط العمليات العسكرية ضد إيران.

لنبسط المسألة، فدولة قطر ضمن الجناح الديمقراطي أو اليسار الأمريكي الذي منبته الجاليات المتعددة التي تسكن الولايات المتحدة الأمريكية، وهي من جذور غير أمريكية أصيلة، في حين الإمارات والسعودية ضمن الجناح الجمهوري أو اليمين، والتي هي من تمثل المواطن الأمريكي الأصيل، وكما يقال ابن البلد.

بلغة محترمة، فالحاصل بأن ترامب يريد شطب الاتفاق النووي من المهد بفاتورة تتحملها دول الخليج، والحديث عن الإمارات والسعودية في حين اليسار يريدون السير في الاتفاق النووي الذي تكفلت بنفقاته قطر من وراء الكواليس.

بلغة إستراتيجية صرفة ما يوحد اليسار واليمين الأمريكي هي العدو الواحد، وما يفرق اليمين واليسار هي المصالح، لكن الثابت بأن إيران ترى في إسرائيل عدو وليست مصلحة أمريكية، وبالتالي فقرار الحرب مصلحة إسرائيلية ضد عدو يضعها، ويصنفها في خانة الأعداء مع بعض دول الخليج العربي، ما لم تكن غالبيتها والقول الفصل دومًا وأبدًا للوبي اليهودي في أمريكا، والذي حتما سيرجح كفة نهج أبناء سلمان، وآل زايد في الشرق الأوسط بشرط دفع فاتورة الحرب.

الفكرة بأن الأموال، أي كان مصدرها، عن طريق اليمين الأمريكي هي تعود للأمريكي الأصل، وتمثل مصالحة، بينما التي تجلب عن طريق اليسار الأمريكي، فتتوزع على المهاجرين والسحنات المختلفة التي تمتلك الجنسية الأمريكية لكنها ليست أمريكية أب عن جد عن سلالة وتاريخ؛ بل لها ارتباطات إستراتيجية إلى ما وراء البحار والمحيطات (OVERSEAS).

من سيحسم الأمر بأن تنظم دول خليجية أخرى لأي طرف، كالكويت وعمان والبحرين، في دفع فاتورة الحرب، أو أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تتكفلان بتكاليف الحرب من الألف إلى الياء، وهذا هو الديناتولوجي الأرجح.

بالعربي الفصيح؛ فالمرتقب بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستوجه ضربات ساحقة إلى إيران، وقد تفضي إلى محوها من الوجود في حالة وحيدة فقط، وهي الحصول على شيك مفتوح، وعلى بياض من السعودية والإمارات.

وثائق استخبارية ودبلوماسية خاصة
كل ما سبق لابد ويستند إلى وثائق تؤكد هكذا معلومات، والحديث عن مراسلات ما بين جهاز الأمن الوطني الإماراتي والاستخبارات المركزية الأمريكية، وتلك التي تخص تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكي لحساب الإمارات العربية المتحدة في الشرق الأوسط، وأخيرًا ما تم تسريبه عبر صحيفة الشرق الأوسط، والذي نص: "وافقت السعودية وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم السبت 18 مايو 2019 على طلب من الولايات المتحدة لإعادة انتشار قواتها العسكرية في مياه الخليج العربي، وعلى أراضي دول خليجية، بالإضافة إلى عدد من الوثائق الديناتولوجية التالية:

الوثيقة الأولى: مصدرها نيران حقول النفط وبحيرات من تسرب النفط الخام كشفتها مراسلات سرية ما بين الاستخبارات المركزية الأمريكية والإمارات العربية المتحدة، فيما يخص ملابسات الاعتداء الأخير في المياه الاقتصادية الإماراتية.
الوثيقة الثانية: خطر اليورانيوم المنضب، والتلوث في أجواء وتراب ومياه الخليج والشرق الأوسط كشفتها مراسلات وزيارات ما بين جهاز الاستخبارات البريطانيّة (MI6) وجهاز الموساد الإسرائيلي.

الوثيقة الثالثة: خطر أذرع إيران في المنطقة، خصوصًا بعد استهداف "أرامكو" السعودية، وخطوط إمدادات النفط على ساحل البحر الأحمر، وتلك ما عبر عنها، وأكد وزير الطاقة السعودي بأن "المملكة تشجب هذا الهجوم الجبان، وأن هذا العمل الإرهابي والتخريبي، وتلك التي تحدث ضد منشآت حيوية لا تستهدف المملكة فقط، وإنما تستهدف أمان إمدادات الطاقة للعالم، والاقتصاد العالمي".

الوثيقة الرابعة: هي الزيارات السرية التي تقوم بها قطر إلى إيران، ودور اليسار الأمريكي العلني في بطء رتم قرع طبول الحرب في أروقة الكونجرس الأمريكي، ومحاولة استبدالها بمفاوضات سلام، حيث قالت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوس، إن الرئيس دونالد ترامب لا يملك تفويضاً من الكونجرس بشن حرب على إيران، بينما إدارة الرئيس دونالد جون ترامب اتخذت هذا القرار عملياً وعلى أرض الواقع.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى