الرياضة فن وأخلاق والتلال فارس عملاق

> د.محمد فيصل باحميش

>
د. محمد باحميش
د. محمد باحميش
التلال والفن الكروي ، وجهان لعملة واحدة ، ولك أن تتخيل حجم التحولات الدراماتيكية التي شهدها الوسط الفني الرياضي، فكان التلال على الدوام ضابط إيقاعه ، وميزان تناغمه ، وركيزة ثابتة في مسيرته .. ولطالما كان البيت التلالي هو الوكيل الحصري لمنظومة الأخلاق الرياضية ، ومن قاموسه الزاخر بكل مفردات الجمال النوعية ، يستقي الكتاب والشعراء والقصَّاص تشبيهاتهم البلاغية لتستقيم مقطوعاتهم الفنية على عودها على وقع أنغام اللحن التلالي الرياضي الشّجي.

* ولطالما تغنيتُ وتغنت معي جماهير التلال العاشقة وبُحّت أصواتها، وهي تترنم بتلك المقطوعة البيتهوفينية التلالية الخالدة (الرياضة فن وأخلاق ، والتلال فارس عملاق) ، ونحن نقبع كقطع الشطرنج ، على مقاعد مدرجات ملعب (الحبيشي) الغائب كجسدٍ والحاضر كروحٍ في قلوب العدنيين ، لا يقيها من حرارة تلك الشمس العدنية وأشعتها الملتهبة إلا تاريخ التلال الناصع والوارف بظلاله فوق رؤوس عاشقيه.

* التلال يا سادة ليس بنادٍ رياضي تمارس فيه الطقوس والهوايات ، وتتفجر فيه الطاقات الشبابية الإبداعية وحسب!! ، بل هو مدرسة كتب على جدرانها الماسية (مدرسة التلال لتعليم الفنون بمختلف أبعادها)، هو مدرسة لكل من أراد أن يصقل مهاراته، وهو مدرسة لمن أراد أن ينفض الغبار عن قدراته ، وهو مدرسة لمن أراد أن يتعلم أبجديات حل المشكلات ، وهو مدرسة لدراسة فن الترفع فوق الجروح والآلام ، حتى فن السحر المحرم في شريعتنا كان حاضراً في أروقة هذه المدرسة وردهاتها ، ولكن بأدوات محترفيه ، وليس بتعويذات المغرضين الشيطانية.

* يقول الفقهاء : إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث!! كيف لا؟! ونادي التلال قد بلغ قلال هَجَر الكبيرة ، وإن شئت فقل هو نهر يتدفق بكل معاني السخاء والكرم والإيجابية ، وحريٌّ بذلك النهر الهادر أن يجرف بتياراته القوية كل شوائب الخلاف ، وأدران الشقاق لتنعكس صورة من أراد أن ينهل من معينه الصافي على صفحة مائه الهادئة النقية.

* فكل من تسلق تلك التلال الحمراء ، لينال من تاريخه وعراقته ، ستنسفه رياح حقات الموسمية وتسقطه أرضاً ، لتعلمه بأن العين لا تعلو على حاجبها ، حتى وإن كانت عيون المها الفيروزية!! ، وكل من تسلق تلك المرتفعات ، بحثاً عن نظرة هوائية فوقية ، إلى أبعاده الجمالية والروحية والفنية ، سينشرح قلبه ، وتسر عينه ، ويشعر بسلام داخلي ، بما سيشاهده من مربعات حمراء زُيِّنت بأقدس الانجازات ، وأنفس أحجار الابداع النوعية.

* إلى إدارة النادي وصنّاع نجاحه : أنتم تستقلون سفينة واحدة يقع على عاتقكم نصب أشرعة العمل ، ولمّ الشمل لقيادة دفتها والإبحار بها لتصل شاطئ الانجاز النوعي ، ولا يهم إن كنت أعلى السفينة أو أدناها ، الأهم من ذلك أن تستقي مياه مطالبك بطريقة مثلى ، وألا تضرب بمعولك قعر السفينة ، لأنه حينئذ سيكون الغرق هو النتيجة الحتمية ، وعلى إدارة النادي أن تفرش أجنحة الحب ، وأن تحتضن مطالب اللاعبين بعقلية انفتاحية ، وأن تتعاطى معها برحابة صدر وبشاشة وجه ، وبآمال اسقاطها على أرض الواقع.

* أطلب من إدارة النادي الموقرة ، بأن تستحدث زيارة تقليدية سنوية للقلعة الحمراء ، على غرار (الزيارة العيدروسية الروحية الأشهر) ، لتعريف الأجيال الناشئة ، وكل من يلبس نظارة سوداء على تاريخ هذه القلعة وعراقتها ، والتي شيد بنيانها أمهر العقول الهندسية الرياضية على مرّ حقب التاريخ التلالي المليء بالمحطات المثالية ، حتى غدت هذه القلعة إحدى أهم الموروثات الثقافية ، وعلامة فارقة على تاريخ هذه المدينة العدنية الرياضية الساحرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى