وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم

> تلك هي ذمامة الحروب، منذ إن أخذ الإنسان على عاتقه صنع وسائل القتل والدمار والهلاك حتى بات مداها اليوم واسعاً من حيث تنوع وسائل القتل، أي قتل الإنسان لأخيه الإنسان.
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول


ربما لا يستحضر العقل في معمعات المعارك والقتال، وتلك صفة البشرية التي تتفقد عمق جراحاتها الغائرة، أثر الحروب ونتائجها المروعة. لم تكن الحرب يوماً تحمل صفة الجمال والإنسانية ولا هي، قطعاً، الوسيلة المثلى للحلول إن لم تكن هي سبب لكل المآسي والآلام عموماً.. أنكى وأبغض الحروب هي المواجهات الداخلية في مجتمعاتنا اليوم، فما نعانيه من نتاج المواجهات الداخلية يتعاظم مع مرور الزمن وتذكيه الأحقاد، وكل حرب داخلية تؤسس معها لاستمرار جذوة الحقد والعداء.

يقول الشاعر العربي زهير بن أبي سلمى، في معلقته الشهيرة:

وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ ** وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ

مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً ** وَتَضرَى إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ

فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها ** وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ

فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم ** كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ

فهل تحتمل أوضاعنا في الجنوب مواجهات داخلية؟ ولماذا تؤسس مثل هذه الحماقات القاتلة لمستقبل الجنوب وأجياله؟، وماذا لو حدث مثل هذا الخطأ الفادح بعد كل التضحيات التي قدمها رجال الجنوب؟!

حقيقة، أمر يصعب التكهن بنتائجه لو حدث، لأننا لم نتعافَ بعد من الماضي وآلامه وأحزانه التي خطت على ملامح الأرض الجنوبية وولدت حالات التوهان الذي نعيش تبعياته لا شك. إن من الحكمة أن يستشعر الجميع المسؤولية تجاه شعبنا والنظر إلى مآسي وآلام سنوات خلت، نزفت فيها دماء كثيرة..

نعم هناك من لا يعيرون اهتماماً لكل شيء، إلا أن المسؤولية تقتضي من عقلاء الجنوب ورموزه السياسيين إدراك حقيقة واحدة وهي أن الخاسر الوحيد من ارتكاب مثل هذه الأخطاء هو الجنوب وأهله الواقعين تحت وطأة معاناة ظلام طال أمده وأناخ على كواهلهم. وهناك فرق، بل بون شاسع، بين لظى المواجهات الموجعة والأماني والأحلام الزائفة التي تتجاوز معطيات عديدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى