اليسار.. فكر طلائعي تقدمي وتحرري

> محفوظ الشامي

>  اليسار فكر طلائعي وتقدمي وتحرري، يهدف بالضرورة إلى نشوء دولة النظام والقانون، دولة المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية واحترام الإنسان وكفل حقوقه على أتم صورة.
تعتبر الاشتراكية رغم الاختلاف والتباين البسيط بين مكوناتها العقيدية السياسية التي تدعو إلى الملكية والإدارة لعناصر الإنتاج، بشكل كلي أو جزئي، وذلك لمحاربة النفوذ الرأسمالي والإقطاعي والحد من الاستغلال الوارد في كثير من القوى اليمينية، وبالتالي تحقيق العدالة الاجتماعية.

يقع الحزب الاشتراكي تنظيمياً وبنيوياً وسط تيار اليسار، وهو حزب يساري عقائدي تأسس عام 1978م نتيجة تحالفات لقوى يسارية سيطرت على حكم الجنوب اليمني بعد تحقيق الاستقلال وطرد المستعمر البريطاني.. أما جذوره فتعود إلى خمسينيات القرن العشرين، حيث كان عبدالله باذيب عام 1953م قد أسس أول حلقة نقاش للتيار الماركسي في مدينة عدن، ثم تلاها أول حلقة نقاش لذات التيار في شمال اليمن بتعز عام 1958م.

سنحت الفرصة للاشتراكي حكم الجنوب والانفراد بالسلطة منذ عام 1978م إلى 1990م، وشهدت هذه الفترة اختلالات كثيرة وخلافات جمة أدت إلى نشوب أحداث واقتتال 13 يناير عام 1986م وانتهت الحرب بخسارة الكثير من الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.
هذه الأحداث أثرت سلباً على طلائع الحزب التقدمية وأفقدته ثقة الجماهير، لأن السعي وراء مكاسب السلطة وإهمال الأهداف التي أتى الفكر الماركسي بها كي تتحقق قد غابت وتلاشت أيضاً المهام التنويرية، ودخل الحزب في معمعات وصراعات وخلافات كثيرة.

وحين تحققت الوحدة عام 1990م تحالف الحزب الاشتراكي مع حزب المؤتمر الشعبي العام حتى 1993م، ومن 1993م إلى 1994م تحالف مع المؤتمر والإصلاح، وخرج من السلطة بعد حرب صيف 1994م والذي انتصر فيها حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه من الإصلاح والقبائل والتيارات اليمينية بشكل عام.
الحقيقة التاريخيّة تقول بأن الاشتراكي تعرض للغدر والخيانة من قبل حليفه آنذاك في تحقيق الوحدة اليمنية حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه، وذلك بعدم الالتزام بالعهود والمواثيق المبرمة، وكان من ضمنها تشكيل مجلس رئاسي حسب الاتفاق، إلا أن علي عبدالله صالح، باعتباره رئيساً للجمهورية وللحزب، سرعان ما أسس للرئاسة الفردية وتفرد بالسلطة وأقصى قادة الحزب الاشتراكي على الرغم من أنهم  شركاء في تحقيق الوحدة، وقد تنازلوا عن كل شيء من أجل هذا الهدف السامي والعظيم.

إن من المؤسف أيضاً أن إعلام النظام السابق سعى بكل أدواته إلى تشويه سمعة ودور الاشتراكي في التحولات الوطنية الكبرى وأهمها تحقيق الوحدة اليمنية، ويتجلى هذا الأمر إذا ما أردنا ذكر شاهد على ذلك في محو صورة علي سالم البيض أثناء رفع علم الجمهورية في عدن برفقة علي عبدالله صالح وإبقاء الثاني في أوبريتات وأغاني الوحدة الوطنية.
كلنا نعلم أن الحزب الاشتراكي تعرض ويتعرض لمحاولات اجتثاث وتشويه، والشاهد أن النظام السابق قد ألحق بالحزب وبالاً، وجمد كوادره وهجر وقتل واختطف قياداته، لم يتوقف الأمر على الدولة ومؤسساتها الرسمية من أمنية وعسكرية في مطاردتهم والتنكيل بهم، وكذا تفعل بكل المعارضين للنظام، بل اشتركت معها التيارات اليمينية بصنوفها والقبيلة كذلك.

نحن نعلم أن من يريد تحقيق العدالة الاجتماعية والدولة المدنية لن تكون طريقه معبدة بالورد بل شائكة ومليئة بالمخاطر، فهنا نستطيع أن نعاتب ونلقي اللوم على الاشتراكي حتى وإن تعرض لتعطيل وإقصاء بأنه قصر كثيراً ولم نلتمس دوره الكفاحي البارز، لم يؤثر بالمجتمع بالشكل المطلوب ولم نلحظ بروز أهدافه العادلة في الوسط اليمني. لقد انكمش حقًاً.
في المنظور الشخصي، إن الحزب لم ينتج سوى مسميات (رفيق - رفيقة)، وعظيم أن نرى قيادياً ما بالحزب ينادي عضواً عادياً بالرفيق، ولهذا الأمر بعدٌ اجتماعي وفلسفي يصب في عظيم فكر منهجية الحزب ودعم مبادئ المساواة. بالمناسبة أحب جداً أن يناديني أحدهم بـ يا رفيق.. فتحية عظيمة لأصدقائنا، الرفاق والرفيقات.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى