كيف يُصنع لوبي القرارات الإستراتيجية في اليمن؟

> د. باسم المذحجي

> مصلحة أبناء الجنوب العربي تكمن في استعادة هويتهم وثرواتهم النفطية
د. باسم المذحجي
د. باسم المذحجي
منطلق هذا العمل هو استراتيجيات البحث النوعي، وهي عبارة عن فحص دقيق، وعميق لوضع معين، أو حالة فردية، أو حادثة معينة، أو مجموعة، أو مجموعة من الوثائق المحفوظة، فالفكرة الأساسية في دراسة الحالة هي أن تتم دراسة حالة واحدة، وربما عدة حالات بشكل مفصل، ودقيق، وباستخدام كافة الوسائل المناسبة، وقد يكون هناك تنوع في أهداف، أو أسئلة دراسة الحالة، إلا أن الهدف العام هو الوصول إلى أكمل فهم ممكن لتلك الحالة، فأسلوب دراسة الحالة يقصد منه الوصول إلى فهم عميق لحالة معينة قد تكون لفرد، أو أفراد، أو مجتمع بأكمله، وتكون دراسة الحالة في وضعها وسياقها الطبيعيين دون الانشغال بتعميم النتائج على الحالات الأخرى.

لن تكسر أو تهزم استراتيجية الاستبداد والهيمنة في اليمن إلا بلوبي الذكاء الاجتماعي ذي جماعات ضغط فاعلة ذات هدف استراتيجي محدد.
تعتبر قوة اعتراض وقوة اقتراح في نفس الوقت وبالتالي فهي تمكن العديد من الأفراد من الدفاع عن مصالحهم وكذلك الكثير من الفئات الاجتماعية. لذا فهي تقدم معلومات مهمة للحكام لاتخاذ قرارات دقيقة وصائبة وملائمة وأكثر واقعية في القطاع المعني، فهي لها دور وساطة بين الحكام والمحكومين.

يتضح بأن لدينا منطلق مسار استراتيجي بقالب بحث نوعي، والذي يعد منهجية في البحث بالعلوم التي تركز على وصف الظواهر والفهم الأعمق لها، ويختلف عن البحث الكمي الذي يركز عادة على التجريب، وعلى الكشف عن السبب، أو النتيجة بالاعتماد على المعطيات العددية، فالسؤال المطروح في البحث النوعي سؤال مفتوح النهاية ويهتم بالعملية والمعنى أكثر من اهتمامه بالسبب.

جماعات المصالح وجماعات الأفكار محددة الهدف المطلوبة في اليمن:
- الأولى هي التي تدافع عن مصالح مادية أساسا مثل جماعات التجار، وأصحاب الأعمال، والنقابات والاتحادات المهنية.

- الثانية تسعى إلى فرض أفكار، وقيم معينة سواء أخلاقية أو سياسية مثل جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان.

كيف نخلق لوبيات يمنية صرفة؟
- لوبيات الضغط المراد تشكيلها‎.

- نقاش استراتيجي حر.
- مُضادة الحجج المُضادة.

سألت إعلاميا مرموقا في إحدى الفضائيات العربية الشهيرة سؤالا بسيطا: يا ترى: ما سر نجاح فضائيتكم؟! فأجاب إجابة طويلة منمقة تحدث فيها عن دهاليز الإعداد، والمونتاج، وكواليس التغذية الخلفية... إلخ، وكلها كانت بالنسبة لي كباحث استراتيجي مجرد هراء، وهرف بما لا يعرف. وأعود بكم مجددا للإجابة عن ذات السؤال: ما سر النجاح؟! الإجابة وجدتها في عبارة بسيطة نطقها مدير برامج القناة بجملة بسيطة "الناس عايزة تشوف ايه". بالخليجي الناس تبغى أيش.. وبالشامي ودها الناس تشوف ايه.

استراتيجيا يعزو نجاح القناة لأن استراتيجيتها في تقديم الذي يريد الناس مشاهدته.
الرأي العام يخلق بالإعلام غالبا، وعندما نتحدث عن الشعب اليمني فاستراتيجية لوبيات الضغط في اليمن لابد أن تقوم على ماذا يريد الشعب اليمني، وأين تكمن مصلحته.

استراتيجيا لكي تتحقق مصلحة الشعب اليمني لابد وأن تقسم أولويات المصلحة، بمعنى لابد أن نتحدث عن مصلحة كل جغرافيا اجتماعية يمنية على حدة.

مثال مقتضب:
- أبناء تعز وسواحل ذوباب والوازعية مصلحتهم في لوبي ضغط يكرس ويوحد الجهود على تأمين سواحل تعز، وجعلها بيئة استثمارية وعقارية توطن فيها عقول أبنائها، ومختلف مشارب الأيادي العاملة بعيدًا عن الاغتراب والاستقرار في بيئات غير آمنة على المدى الطويل.

ليس من مصلحة أبناء تعز في استعادة صنعاء لأن أبناء صنعاء القديمة يقاتلون في صفوف الحوثية، ولا مصلحتهم في الذود عن أبناء خمر وسنحان، كونها مصالح حزبية في إطار مصلحة تتجاوز الحدود الجغرافية في تعز، والمطلوب تحشيد رأي عام يخدم أبناء تعز في المقام الأول.
- أبناء الكتلة القبلية في الشمال توهموا بأن الحرب خارج مناطقهم ستكون نزيهة تنتهي بإخضاع مأرب والجوف والجنوب العربي والحجرية وتهامة لنفوذهم، لكنهم تفاجئوا بأن كذبهم لم يعد ينطلي على أحد، وخصوصًا الشعارات السياسية الحوثية.

- أبناء الجنوب العربي مصلحتهم في استعادة هويتهم الجنوبية، وثرواتهم النفطية، وتلك مصلحة استراتيجية مشتركة، وكذلك للشريط الساحلي الممتد من باب المندب حتى ميدي مرورا بالمخا والحديدة ليتمكنوا من فرط عقد الهيمنة والاستحواذ الاستراتيجي للكتلة القبلية الشمالية بكل صورها السياسية والعسكرية والأمنية والدينية، وحتى الاجتماعية.
- أبناء الجوف ومأرب لا تكون مصلحتهم إلا بتحويل كل البيئة القبلية الشمالية إلى كتلة مدنية متجانسة خالية من السلاح والقات والثأر والعدائية ومشبعة بالتنمية البشرية والتعليم والتنمية الزراعية والبشرية، كون هذا الإطار الاستراتيجي هو المتاح لخلق الاستقرار والأمن في الشمال اليمني.

- أبناء تهامة مصلحتهم في استعادة النفوذ الاقتصادي، والذي سلب عنهم لعقود، بفعل أن جعلت موانئ الحديدة الجسد المغتصب من قبل قبائل الشمال اليمني.

نستشف بأن المصلحة الاستراتيجية المفترضة، ولوبيات الضغط المراد تخليقها لابد وأن تكون معزولة جغرافيا، وبعيدة عن أي تأطير سياسي، أو أجندات تتجاوز المصلحة الجغرافية الاجتماعية، لأن اللوبيات التي لا تستجيب ولا تنقاد لهذا العمل الاستراتيجي تعد جزءا لا يتجزأ من النظام القبلي للكتلة القبلية الشمالية اليمنية، ومشروعها القديم الجديد في حكم اليمن، ما لم فالذهاب باليمن إلى مزيد من الفوضى.

أبرز اللوبيات المسيطرة على صناعة القرار في اليمن

في الغالب تسعى تلك اللوبيات كلها للوصول إلى السلطة السياسية، وإدارة المشهد السياسي في اليمن، ونادرا ما تسعى لتحقيق مصالح معينة مادية، أو معنوية بعيدًا عن السلطة، وهذا لا يجعلها تمثل قناة يمارس من خلالها المواطنون اليمنيون سيادتهم وحياتهم الديمقراطية، وهناك عدة عوامل تحكم الدور الفعال للجماعات الضاغطة في اليمن، وهي العامل المالي وعامل كثرة الأعضاء وعامل حسن التنظيم والقدرة على الانتشار داخل اليمن أو خارجها.

1. دول الجوار والإقليم والعالم.
2. البنك الدولي والجهات المانحة.

3. الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
4. القبائل النفطية.

5. نقابات العمال.
6. الجمعيات الخيرية.

7. الأحزاب السياسية.
8. العشائر الساحلية.

9. القبيلة الهاشمية الزيدية.
10. القبيلة الزيدية الحاكمة.

11. المجتمع المدني.
12. الإعلام.

أسس تكوين جماعات الضغط في اليمن:
- أهداف مشتركة.

- القائد المؤثر.
- الاتصال والتواصل.

- هيكل تنظيمي واضح.
- القيم والاتجاهات.

- الثقافة المشتركة وتدعيمها.
- توزيع الأدوار وخطة عمل جيدة.

- الحماس والدافعية للعمل والإيمان بما يتم تعلمه.
كيف تكون جماعات ضغط فاعلة ذات هدف محدد في الجمهورية اليمنية؟

- الاحتشاد ضد الحركات الدينية أو التي تنادي بالتمييز السلالي والعنصري والمناطقي وفق عملية استقطاب المواقف حول الحقوق والحريات والعدالة الاقتصادية.
- استراتيجية تكوين جماعات ضغط فاعلة ذات هدف محدد في اليمن.

- التأثير على الحكومة لحل بعض المشكلات.
- توزيع الثروة القومية بشكل عادل.

- الاهتمام بالفئات المهمشة والمناطق المهمشة.
- التوعية والرأي العام.

- تساعد على اتباع النزاهة والشفافية.
- نشر المعلومات.

- تساعد على إصدار القوانين.
- تساعد على الرقابة والمساءلة وتفعيل القوانين وحماية البيئة وحقوق المهمشين وتعزيز الديمقراطية والمشاركة وبناء المجتمع المدني.

إذا تمكنا من صناعة عمل مدني جماهيري سياسي يهدف إلى الاستقرار السياسي والأمن والبيئة التنظيمية لخلق عوامل رئيسية تحفز قرارات الاستثمار في سواحل اليمن وباب المندب فتلكم الهدف الاستراتيجي المنشود، لكن هكذا رؤية تصطدم بوسائل وقنوات امتلاك المال والاقتصاد ووسائل الإعلام والقدرة على التنظيم وضم الأنصار، وعدالة المشكلة وإنسانيتها وعدد المؤيدين وذوي الاهتمام.

أهم شروط تشكيل جماعة الضغط في اليمن
تحرير جماعات الضغط في بلادنا من الآتي:

- التبعية للأحزاب.
- استغلال مصالح وحاجات الناس الأولية الاقتصادية والاجتماعية والصحية.

- البعض امتهن العمل في جماعات الضغط.
- التضليل والخداع وسوء استخدام وسائل الإعلام والتعبير في غياب المحاسبة والمساءلة.

- تحقيق مصالح فئوية قد تتعارض مع المصالح العامة.
- الولاء المطلق للجماعة على حساب الولاء للدولة.

- الصراعات الاجتماعية والدينية والاقتصادية.
- الحروب.

- استخدام بعض الأساليب غير القانونية وغير الشرعية.
- استخدام العنف أحيانا.

- جعل المصالح الفئوية مقدمة على المصلحة العامة وسوء استخدام النفوذ والتأثير.
فرض عملية المقرطة الاستراتيجية في اليمن

البداية التقليدية.. ما نحتاجه في اليمن كخطوة استراتيجية بدائية هو "لوبي" مجموعة من الأفراد على امتداد البلد، أي مجموعة من علماء الدين، ومعلمي المدارس، والمحامين، والعمال، ورجال الأعمال ويجمعها مصالح مشتركة، وتنشط في سبيل تحقيق هذه المصالح عن طريق الاتصال بمسئولي الدولة، ومؤسساتها، ومحاولة إسماع صوتها مستخدمة كل ما تملك من وسائل متاحة، وفي مقدمتها أسلوب الضغط. أي تحقيق المقرطة (وهي التي تعني تطبيق وإقرار الديموقراطيّة على أرض الواقع عبر آليّات محدّدة ليس من الضروري تطابقها بين جميع المجتمعات الجغرافية اليمنية التي قرّرت تبنّي خيار الديموقراطية ليكون نهجا لها)، وبذلك يقوم عمل اللوبي على تشكيل رأي عام مؤيد لفكرة ما أو معارض لها بشكل يتيح جمع ما يكفي من الأصوات لدعم ذلك الرأي في مراكز القرار الاستراتيجي.

لوبي يمني صرف يحقق التالي:
- إحلال الفقراء في صدارة الاهتمام.

- النمو المناصر للفقراء في دفع التنمية.
- معالجة مظاهر اللا مساواة المتزايدة في اليمن.

- مُضادة الحجج المُضادة.
النموذج الاستراتيجي المثالي والمتطور "المعدل والمحسن"

البداية عبر عزل الأحزاب السياسية عن جماعة المصالح، ثم غربلة جماعة المصالح، عبر لوبي تحشيد إعادة صياغة الديمقراطية في اليمن، وذلك عمل جماعي يتمتع بالاستقلالية يشكل تحالفا واسعا يضم المجموعات المدنية المستقلة المتماثلة التفكير الموجودة، أو من ترغب بالتواجد العلني، والهدف إعادة توازن العلاقات، لبلورة نشاط مجتمع مدني يتمتع بالاستقلالية بحيث يصبح قوة أساسية في التغيرات التشريعية، أو القرارات المصيرية.

العوامل المؤثرة في جماعة الضغط اليمنية المزعوم تشكيلها استراتيجيا
- مدى تنظيم الجماعة وتجانس أعضائها.

- مدى مشروعية وجودها، أي مدى اعتراف السلطة بها.
- حجم العضوية.

- مدى قبول الناس لها وتأييدهم للمصالح التي تمثلها.
- مدى إمكانات الجماعة المادية (مصادر التمويل).

- الأساس الذى تقوم عليه الجماعة (طبقة، مهنة، الدين، الرأي).
- التأثير الذي يكون للجماعة على الدوائر السياسية.

- الدرجة التي يكون عندها نشاط الجماعة مخططًا أو عفويًا.

يجب أن تقوم جماعة الضغط الناجحة، والفاعلة في اليمن بعمل خطة زمنية ضمن نطاق جغرافي اجتماعي محدد وفق لوبيات الضغط المراد تشكيلها استراتيجيا، بحيث يتم فيها توزيع الأدوار، وتحديد الإمكانيات اللازمة، والفئة المستهدفة، والأنشطة التي سيتم تنفيذها، ومن سيقوم بكل مهمة، والبدائل المتاحة كلما كانت الخطة جيدة والتنفيذ جيد أصبح من الممكن إنجاز الأهداف المطلوبة بأقل تكلفة وأقل جهد وفي أقصر وقت ممكن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى