الجنوب.. نحو عهد جديد

> عادل المدوري

>
في العاشر من أغسطس الحالي دخل الجنوب عهداً جديداً في تاريخه، بعد أن حرر العاصمة عدن ومعسكراتها ومقارها الحكومية وقصرها الرئاسي بالمعاشق، وعادت عدن إلى أحضان أهلها، عادت إلى المدنية والصفاء والنقاء الجنوبي الأصيل، بعد سنوات طويلة من الاحتلال والمعاناة والتضحيات، قدم الجنوبيون فيها عشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من الجرحى.

دخلنا عهداً جديداً، "وقد أرحنا واسترحنا من غدو ورواح، وجعلنا من اليأس مفتاحاً لأبواب النجاح"، كما قال الإمام عبدالله بن المبارك. طوينا سنين الألم، سنوات عانى منها الشعب أشد المعاناة، اجتمعت عليه كل أنواع الحروب والصراعات والأمراض والفقر والأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع الأسعار وسوء الخدمات الإنسانية، كهرباء معدومة، ومياه متقطعة، ونظافة وصرف صحي غير موجود أو غيب بقصد، فلا الحكومة قامت بواجباتها، ولا أنها تركت أبناء الجنوب يديرون أرضهم ويعمرون مدنهم بسواعد أبنائهم، ولا التحالف استطاع أن يساعد، فكان لابد من هذه العملية الجراحية الناجحة.

فلم يكن ما حدث في العاشر من أغسطس في العاصمة عدن انقلاباً كما تحاول مطابخ الإخوان تسميته زوراً وبهتاناً، فما حصل هو عملية تحرير لعدن من سيطرة الإرهابيين الذين جلبتهم حكومة الشرعية إلى معسكراتها وتحرير مؤسسة الرئاسة من جماعة الإخوان المسلمين المسيطرة على الحكومة وعلى القرار، وكذا تحرير مرافق الدولة وموارد الشعب من الفساد المستشري في جميع المرافق الحكومية في عدن.

الأمر الآخر الذي يعطي لما حدث في عدن أهمية تاريخية أن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يكن دموياً ومعظم المرافق التي حررها الشعب كانت بالتفاوض وسمح للجنود بالخروج بأسلحتهم بدون أي إهانة، وكان المجلس متسامحاً ومتصالحاً مع الجميع لدرجة أننا كنا نخاف على ما تحقق من إنجازات للجنوبيين في العاصمة عدن، وفي نفس اليوم الذي هزمت فيه إرادة الإرهاب الإخونجية والتبعية لصنعاء، وانتصرت إرادة الشعب أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي عفواً عاماً على الجميع المشاركين في الحرب الأخيرة، وقام بعلاج الجرحى والمصابين من الطرفين دون تمييز.

كما أن المجلس الانتقالي استجاب على الفور لدعوة السعودية والإمارات للحوار في جدة، وهو يدرك أن العهد الجديد الذي يسير فيه الجنوب لن يكون سهلاً، فالطريق المفروشة بالورد لا تقود إلى المجد، والبيانات الأخيرة للانتقالي كانت واضحة وجلية، فما زالت حضرموت ومكيراس أمامنا، ومشاكل هنا وهناك، ولكن مع ذلك فالأمل معقود على شعب الجنوب الذي خرج بطوفان بشري في 15 أغسطس الجاري، بأنه قادر بإذن الله على تحرير ما تبقى من أراضيه، وسيحمي ويحرس الجنوب حتى يصل إلى بناء دولة الجنوب الفدرالية المستقلة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى