اتركونا نعيش..!

> نُهى البدوي

>
امتزاج الأصوات الرافضة توظيف الأطراف المتحاربة خطاب الكراهية لتحريض أنصارها على أفعال تؤيد التطرف والعنف وتمزيق النسيج الاجتماعي، مع صيحات ألم الضحايا المدنيين التي تعالت مؤخراً لما لحق بها جراء الاقتتال في تعز والمحافظات الجنوبية، يعيد إلى أذهاننا المناشدة الإنسانية التي أطلقتها الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي في يناير 2014 في ذكرى استشهاد المعارض اللبناني، جبران توني، بسيارة مفخخة في 2005، عندما خاطبت السياسيين والأحزاب بالكف عن قتل الشعب وبث خطاب الكراهية والتطرف لتمزيق المجتمع قائلة: «بشهد لربنا، وربنا بيحب السلام، وهو ضد العنف، أنا هون أقول بيكفي.. اتركونا نعيش».

استحضر اليمنيون ماضيهم بكل مساوئه في حربهم، ونشروا أبشع صور الإشاعات والأكاذيب، وتزييف الوعي، وخطاب الكراهية، للتحريض على تأييد أفعال العنف والتطرف، والعنصرية لضرب كل منهم خصمه الآخر، مما تحول اليمن إلى عدة تيارات وعصابات مسلحة متناحرة بدماء الأبرياء، بينما أبناء قادتها يعيشون بسلام في الخارج.

لجأت الأطراف المتحاربة في تعز كتائب «أبو العباس» وميليشيات الإخوان المسلمين المحسوبة على الحكومة الشرعية، خلال الأيام الماضية في «التربة» وفي "البيرين"، لبث سموم الكراهية واستحضار الماضي بما تحمله جرائمه من عنف وكراهية لتحريض كل منهما أنصاره للانتقام من الطرف الآخر، في وقت أوشك المجتمع على نسيان الماضي وطي صفحات تاريخه المأساوية، حتى وصل تشبيه الكثيرين ما يدور في التربة بأحداث مشايخ الحجرية في سبعينات القرن الماضي،

وتساءل بعضهم في مواقع التواصل الاجتماعي: هل يكرر طارق عفاش ما فعله عمه بمشايخ الحجرية؟
لا يختلف الوضع في محافظات الجنوب عن تعز التي شهدت منذُ الأسابيع الماضية مواجهات مسلحة، في عدن وأبين وعتق بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتمدد في الجنوب ويسعى لاستعادة دولته السابقة ما قبل عام 90، ويخوض مواجهات مع قوات الحكومة المعترف بها دولياً، حيث خلفت مواجهات عدن أكثر من 40 قتيلاً وما يزيد عن 200 جريح، وفي أبين 20 قتيلاً وعشرات الجرحى، بحسب تقارير أممية، حيث لجأ الطرفان لتغذية صراعهما بنشر خطاب الكراهية وتحريض كل منهما على الآخر لارتكاب جرائم العنف وبث سموم الكراهية والانتقام، واستغل هذا الوضع البلاطجة حيث قاموا بالنهب والسلب للمعسكرات وصلت حتى أواني الطبخ، ولمنازل شخصيات لا دخل لها بالصراع ومواطنين عاديين من أبناء المحافظات الشمالية أجبِروا على مغادرة مدينة عدن، وتسببت هذا الممارسات بخلق الفوضى والكراهية والانتقام والإضرار باستقرار المجتمع، رغم الجهود الإنسانية التي قام بها قائد التحالف العربي بعدن، العميد ركن راشد الغفلي "ابو محمد"، بتوجيه بعض قادة الألوية للاعتذار للضحايا وزيارتهم لمنازلهم إلا أن التحذيرات الأممية تصاعدت من خطورة الوضع وإمكانية استفادة الجماعات المتطرفة منه، حيث حذر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن السيد، مارتن جريفيثس، يوم الثلاثاء الماضي، في إحاطته لمجلس الأمن حول الوضع في اليمن، حذر من «وقوع خطر كبير في البلاد بسبب زيادة الضرر الواقع على النسيج الاجتماعي في اليمن وانتشار العنف إلى المحافظات الجنوبية الأخرى».
ما يحدث من الأطراف المتحاربة عندما تستدعي الماضي والتحريض بخطاب الكراهية لتحفيز أنصارها لضرب كل منهما الآخر لإحراز نصرٍ ملوثٍ بالكراهية على حساب تمزيق النسيج الاجتماعي، شيء مؤسف، وهنا لا بد من مراجعة الأخطاء والابتعاد عن هذا النهج الذي يؤسس لمراحل أكثر خطورة على استقرار المجتمع، وترك المجتمع يعيش وضعاً تعيد صيحاته إلى الذاكرة مناشدة الفنانة العربية ماجدة الرومي عندما بكت وأبكت الحاضرين وهي تقول للسياسيين والأحزاب: «اتركونا نعيش».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى