«الكراش» أكلة بحرية تتربع على عرش الأكلات الشعبية بحضرموت

> تقرير/ خالد بلحاج

> تشتهر العديد من مدن محافظة حضرموت بالكثير من الأكلات الشعبية التي تميزها عن بقية المدن وجعلت منها ماركة مسجلة خاصة بها، ولكل وجبة زبائنا وأسواقها وأماكنها الخاصة كما لها طباخوها المهرة.
وبهذا الخصوص تمتلك مدينة المكلا الساحلية، عروس بحر العرب وقلب المحافظة النابض، ثروة سمكية كثيرة وذات أصناف نادرة، الأمر الذي شجع فيها على تتعدد الأكلات الشعبية المشهورة، ومنها أكلت "الكراش" التي تتربع على عرش الأكلات البحرية منذ عهد السلطنة القعيطية في المحافظة، ويتناولها سكان هذه المدينة بشكل يومي، وذلك لِما لها من فوائد جمة في الجسم لاسيما الذين يعانون من ضعف البصر.
الوجبة خليط من الكبد وبيض السمك ودواخل أخرى منها معدة الحوت
الوجبة خليط من الكبد وبيض السمك ودواخل أخرى منها معدة الحوت

وهي أكلة تستخرج من بطون الأسماك وتصفى وتسخن بالماء الحار ومن ثم يرش عليها البهارات والبسابيس فتصبح ذات مذاقٍ لذيذٍ ورائع.. ويفضل البعض أكلها مع الحلوى.

أكلة مرغوبة
واعتاد أغلب أبناء هذه المدينة في صبيحة وظهيرة كل يوم الذهاب إلى الأسواق الشعبية، خاصة التي تُباع فيها الأسماك والخضار، لجلب مقتضياتهم وحاجياتهم التي يحضرونها لوجبة الغداء.
وما يشد انتباه المرء في هذه الأسواق هو تجمع عدد من المواطنين وهم يتناولون هذه الأكلة المشهورة والمحبوبة لدى الكثيرين بمختلف فئاتهم العمرية.

واتخذ أشخاص كثر من هذه الوجبة مهنة لهم لطلب الرزق، ولهذا أصبح العديد من المواطنين يتقنون طباخة هذه الأكلة بهدف تحسين معيشتهم نتيجة لعدم امتلاكهم وظائف حكومية أو مؤهلات جامعية من شأنها أن تمكنهم من الحصول عليها.
ومعظم من يعمل في هذه المهنة من البسطاء من أبناء هذه المدينة غير أنهم متميزون بإعداد هذه الوجبة السريعة والمفيدة علمياً للجسم.

زبائن كثر
يقول سالم باكيلين، بائع كراش: "يتوافد علينا الكثير من أبناء مدينة المكلا من مسؤولين وتجار ومواطنين لتناول هذه الوجبة التي أضفنا لها مؤخراً ما يسمى (العزيز) والأخطبوط (التربح) كما تشمل الوجبة كبد حوت سمك القرش والثمد والزينوب وبعض الأسماك البيضاء للحصول على رضا المشتري والزبائن".
وأوضح باكيلين في حديثه لـ«الأيام» أن أكلة الكراش كلمة مأخوذة من (الكرش) وهي كلمة محلية، ويقصد بها (الأحشاء الداخلية للسمك)، والتي تحتوي على الخياشيم والكبد والقلب والبيض، مضيفاً: "يهيم بهذه الأكلة الكثير من الناس عشقاً وجنوناً، يقطعون لأجل الحصول عليها مسافات طويلة لتذوقها، فيما يقف ضيوف المكلا أمامها حائرين قبل تذوق طعمها المميز، وذلك لِما لـ(الكراش) من فوائد صحية وفي مقدمتها للنظر والجنس والمفاصل، فضلاً عن كونها قابلة للحفظ في أكياس بلاستيكية وتبريدها وممكن إرسالها إلى الدول المجاورة".

أسواق كثيرة
ويوجد أكبر تجمع لبائعي (الكراش) في منطقة الشرج، وتحديداً في سوق السمك، كما يوجد تجمع ثان في الشارع الرابع، على مفرق منطقة باعبود، فيما يوجد التجمع الثالث في المكلا بجانب سوق السمك في منطقة الحارة بالمكلا القديمة.
ويباع الكراش في وقت واحد فقط، وهو من الساعة العاشرة صباحاً إلى الواحدة بعد الظهر فقط، ولا يوجد بائع له في المدينة إلا فيما ندر.

فيما قال أبو حاج، وهو بائع سمك: "ليس جميع أحشاء السمك تصلح للأكلة، والمناسبة منها هي الثمد والسمك الأبيض وهي مميزة ومفيدة كذلك، وهناك أسماك أخرى ولكن بحاجة إلى جهد كبير لاصطيادها وهي ذات قيمة وفائدة أيضاً".
وأضاف في حديثه لـ«الأيام» قائلاً: "عدد من الزبائن أكدوا لنا حرصهم على تناول هذه الأكلة الشعبية يومياً وأخذها إلى منازلهم والبعض منهم يحب أكلها مع الحلوى للحد من حرارة البهارات".

يبدأ تحضيرها فجرا
وأكد عدد من سكان المكلا في أحاديث متفرقة لـ«الأيام» أن الزائر للمدينة دون أن يتذوق هذه الوجبة الشعبية الشهية تُعد زيارته ناقصة خصوصاً على الذين يعيشون في مدن ساحلية تشابه فيها عاداتها وتقاليدها وأكلاتها مع مدينة المكلا الساحلية.
و "الكراش" وجبه حضرمية حارة يقبل الكثير من سكان المكلا عليها وتناولها باستمرار وبالذات عند منتصف النهار حيث يبدأ البائعون بعرضها على الزبائن بين الساعة العاشرة والحادي عشر قُبيل الظهر.

وهذه الوجبة هي عبارة عن خليط من دواخل وأحشاء الحوت الكبير أي الكبد وبيض السمك ودواخل أخرى منها معدة الحوت والتي يسميها أبناء محافظة حضرموت الكراش ومنها جاء اسم الوجبة التي تقدم للزبون مليئة بالتوابل والفلفل الحار.
وفي العادة يجري الإعداد والتحضير لهذه الوجبة منذ وقت الفجر من كل يوم وذلك من خلال غليها في الماء داخل إناء كبير، قبل أن يقوم الطباخون الدواخل في بعضها البعض مع إضافة لها كميات كبيرة من التوابل الحارة وفي مقدمتها البسابيس.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى